قالمحور الأول: الحقوق السياسية والمدنيةأولا: الحريات العامةنص الدستور المغربي على مجموعة من الحريات العامة كحرية التنقل وحرية الاجتماع وحرية الرأي والتعبير وحرية تأسيس الجمعيات والانخراط في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية. وقد صدرت ظهائر الحريات العامة سنة 1958، يتعلق الأمر بظهير تأسيس الجمعيات وظهير التجمعات العمومية وظهير ممارسة مهنة الصحافة . وهذه الظهائر خضعت لمجموعة من التعديلات منذ صدورها ، كان آخرها تعديلات 2002. وعلى الرغم من أهمية التعديلات التي حاولت توسيع فضاء الحريات العامة بالمغرب، فإن تلك القوانين تحتاج إلى مزيد من التعديل حتى تلائم المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وبالخصوص العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية.كما أن هذه القوانين على صيغتها الحالية لا تطبق بشكل سليم، في كثير من الأحيان، من طرف السلطات الحكومية، حيث ما فتئ المركز المغربي لحقوق الإنسان يسجل انتهاكات حرية الرأي والصحافة وحرية التجمع االعمومي وحرية تأسيس الجمعيات.1- التجمعات العمومية : على مستوى حرية التجمعات العمومية سجل المركز مايلي: قامت السلطات سنة 5200 بمنع العديد من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات السلمية للمعطلين حاملي الشهادات ، على الرغم من احترام منظمي هده التجمعات الإجراءات التي يستوجبها القانون المنظم للتجمعات العمومية.حيث ما فتئت الحركات الاحتجاجية التي تنظمها فئات من حاملي الشواهد العليا المعطلين في الأماكن والساحات العمومية تتعرض لتدخلات أمنية عنيفة، تسفر عن إصابات خطيرة في صفوف العديد من المواطنين سواء منهم المشاركين في هذه الاحتجاجات أو أولئك الذين كانوا يتواجدون في تلك اللحظة قرب مكان التجمع العمومي. ومن الأمثلة الصارخة على هذه التدخلات الأمنية ما تعرضت له الوقفة الاحتجاجية المنظمة من قبل اتحاد الأطر العليا المعطلة يوم الثلاثاء 17 ماي 2005 من تدخلات أمنية خلفت أزيد من 150 إصابة متفاوتة الخطورة (كسور، جروح، إصابات بمنطقة الرأس والأماكن الحساسة، حالات غيبوبة، رضوض، وكدمات...).والأمر نفسه تعرضت له وقفة مماثلة نظمها المكفوفون المعطلون يوم الخميس 19 ماي 2005 بشارع محمد الخامس قبالة محطة القطار. كما تم اعتقال بعض المحتجين وعرضهم يوم الاثنين 04 يوليوز 2005 على النيابة العامة ، والأكثر من ذلك أن الاعتقال تم على إثر اقتحام فيلق من قوات دمه المركز إلى المجلس العالمي لحقوق الإنسان المنعقد بجنيف شهريونيو2006 التدخل السريع لمقر نقابة، والاعتداء على الأطر العليا داخل حرم النقابة ، حيث تم نقل ما يزيد عن 50 شخص إلى مستشفى ابن سينا، أصيب إصابات مختلفة الخطورة: (ضربات على مستوى الرأس والدماغ، كسور، رضوض...). وإن المركز المغربي لحقوق الإنسان إذ يتابع بقلق بالغ ازدياد قوة التدخلات الأمنية العنيفة في حق المعطلين حاملي الشهادات، والتي باتت تستهدف النيل من منظمي هذه الحركات الاحتجاجية المطالبة بالحق في الشغل، وهو ما يتجلى في استخدام العنف والقوة بقسوة مبالغ فيها، واستهداف المناطق الحساسة: الرأس، الأيدي، الأرجل...، فإنه يؤكد على مايلي:1- استنكار كل التدخلات الأمنية العنيفة في حق المعطلين حاملي الشهادات، 2- تحميل الحكومة مسؤولية الاعتداءات الخطيرة التي يتعرض لها المواطنون، والمطالبة بفتح تحقيق رسمي في هاته الاعتداءات في حق المعطلين، والعمل على متابعة ومحاكمة المسؤولين عنها، وعدم إفلاتهم من العقاب عن الجرائم التي ارتكبوها في حق فئات المعطلين.3- دعوة الحكومة فتح حوار جاد ومسؤول وشفاف مع مختلف فئات المعطلين من أجل بحث السبل الكفيلة بحل إشكالية البطالة والتشغيل.كما يدعو المركز المغربي لحقوق الإنسان الجهات المسؤولة إلى:- اتخاذ كافة التدابير لحماية الحق في الاجتماع المكفول بمقتضى الدستور، وذلك من خلال إعادة النظر في القانون المتعلق بالاجتماعات العمومية، من حيث جعل الاجتماعات العمومية خاضعة لنظام التصريح والتخفيف من تدخل السلطة العمومية في التجمعات،- حذف العقوبات الحبسية في شأن المخالفات المتعلقة بالتجمعات ،- ترتيب جزاء وفرض تعليل فيما يتعلق بعدم تسليم الوصل بالتصريح من طرف السلطات المختصة ،- فتح المجال لعامة المواطنين بإمكانية تنظيم المظاهرات بالطرق العمومية طبقا للضوابط القانونية،- عدم اللجوء إلى أساليب العنف عند الإقدام على تفريق المواطنين أثناء الوقفات التي تم إشعار السلطات بها والتي لم تسبب أي إخلال للنظام العام.2- الصحافة والإعلام :- قانون الصحافة: رغم أن الدستور المغربي ينص على احترام حرية التعبير، فإن الحكومة تقيد حرية الصحافة في المجالات التي تعتبرها حساسة .وقد شمل قانون الصحافة المغربي مجموعة من الجرائم المعاقب عليها والتي ترتكب بإحدى وسائل العلانية، من دلك جرائم التحريض والقذف والسب والمس بالدين الإسلامي أو بالمؤسسات الملكية أو بالوحدة الترابية والإخلال بالنظام العام وانتهاك حرمة الآداب العامة ...إلخ. ويخول قانون الصحافة للحكومة سلطة إخضاع الصحف إلى الرقابة بتوجيه أوامر مباشرة بعدم نشر مقالات حول مواضيع وأحداث معينة، كما يمكن لها حجزها وتعليق الترخيص بإصدارها .وعلى الرغم من المقتضيات الجديدة والمهمة التي جاء بها القانون رقم 77.00 المتعلق بالصحافة والنشر الذي دخل حيز التطبيق في يوم 20 يناير 2003، والتي تتمثل بالخصوص في حرية إصدار الصحف والطباعة والنشر وترويج الكتب، وإلى حق المواطن المغربي في الإعلام وحق مختلف وسائل الإعلام في الوصول إلى مصادر الخبر والمعلومات، فإن المركز يسجل بشأنه الملاحظات التالية :- لم يستجب قانون الصحافة والنشر المعدل لمطالب المهنيين وانتظارات المنظمات النقابية والهيئات السياسية والحقوقية، ولم يستحضر الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل المغرب والتشريعات المعمول بها في النظم الديمقراطية. - - ظل هذا القانون محكوما بمقاربة أمنية أفضت إلى تكثيف القيود على حرية الصحافة وإضعاف الضمانات القانونية لممارسة المهنة، بدل تنظيمها وفق مقاربة تأخذ بعين الاعتبار تطوير الصحافة والإعلام.- إذا نص القانون في فصله الأول، على ضمان " حرية إصدار الصحف والطباعة والنشر" ... و"الحق في الإعلام" و"الحق في الوصول إلى مصادر الخبر"، فإنه، من جهة أخرى، استبعد ضمان " حرية الصحافة" كشرط مبدئي لممارسة المهنة وكحق لا بد من حمايته. بل لم يفرد حتى فصلا أو فقرة للتعريف الدقيق ل"حرية الصحافة "ولمحدداتها ومجالاتها". - جاء القانون متضمنا لعبارات ومفردات دون تعريفات محددة كالنظام العام والأمن العام والمصالح العليا للبلاد..، كما ترددت تعابير أخرى غامضة كالتي استعملت في الفقرة الثانية من الفصل 41، وكأن المشرع تعمد عدم التدقيق ليترك الباب مفتوحا على مصراعيه للتأويل والتحكم، - لم يلغ القانون العقوبات السالبة للحرية وهو من المطالب الرئيسية للمركز المغربي لحقوق الإنسان، بل اكتفى بتخفيض المدد في بعض الحالات، بينما بالغ كثيرا في فرض الغرامات المالية ورفع مبالغها إلى حدود غير معقولة.متابعة الصحافيين: تابع المركز المغربي لحقوق الإنسان بقلق بالغ سلسلة التراجعات المسجلة خلال الشهور الأخيرة على مستوى ممارسة حرية الرأي والتعبير والصحافة والنشر، وهو ما تمثل في المتابعات القضائية لعدد من الصحافيين والمنابر الإعلامية، والمرتبطة بقضايا النشر والتعبير عن الرأي. وإنه يسجل ببالغ الأسف هذه التراجعات، و يعتبرها انتكاسة عن التقدم الذي حققته بلادنا ، في مجال حرية الرأي والتعبير والممارسة الصحفية، كما تشكل تعارضا مع التصريحات الرسمية المؤكدة على احترام حقوق الإنسان وكرامة المواطن. وقد سجل المركز في هدا الإطار المتابعات القضائية التالية:- متابعة أسبوعية "الأيام " حيث قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بإدانة كل من مدير الجريدة الصحفي نورالدين مفتاح والصحفية مرية مكريم بأربعة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ ، وبغرامة قدرها مائة ألف درهم في حقهما ،- متابعة أسبوعية "لوجورنال" ، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء حكمها ضد أسبوعية" لوجورنال" بثلاثة ملايين درهم كتعويض للمطالب بالحق المدني. - متابعة مجلة تيل كيل،- متابعة جريدة الأسبوعية ) لم يصدر الحكم بعد(وعليه فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان يؤكد على مايلي:- تضامنه اللامشروط مع الصحافيين الذين تعرضوا ولا يزالون لمضايقات بسبب ممارستهم المهنية.2- تنديده بالمتابعات المرتبطة بقضايا الصحافة والنشر وبحرية الرأي والتعبير التي طالت العديد من المنابر الإعلامية، وبالخصوص الصحافة المستقلة.3- دعوته السلطات المغربية إلى العمل على احترام حرية وممارسة الصحافة وحرية النشر، والابتعاد عن اعتماد المقاربة الأمنية في التعاطي مع قضايا الصحافة والنشر.4- مطالبته وقف كل الاعتداءات والمضايقات التي تتعرض لها الصحافة المغربية والمطابع التي تطبع الجرائد، وتمكين الصحفيين من حقوقهم المضمونة بموجب الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، وخصوصا العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.وتعديل قانون النشر والصحافة لإزالة القيود على الحريات وإلغاء العقوبات السالبة للحرية ، ودمقرطة الإعلام العمومي.وضعية الصحافيينسجل المركز المغربي لحقوق الإنسان اتساع نطاق ظاهرة خفض وتأخير أداء أجور الصحافيين وهزالتها ليشمل عددا أكبر منهم، وتسارعت وتيرة التسريح الجماعي إثر توقف عدة جرائد عن الصدور أو حالات الطرد في غياب الضمانات المادية، كما أن هناك كثيرا من الصحافيين يعملون ببعض الجرائد في ظروف صعبة وبدون بطاقات مهنية وضمانات اجتماعية كالانخراط في الصندوق الوطني الاجتماعي.وعليه فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان، يطالب الجهة الحكومية المكلفة بالإعلام باتخاذ التدابير الرامية إلى دعم الصحافة المكتوبة و تحصين المجال الصحافي والإعلامي من الفوضى والاختلالات ضمانا لحقوق الصحافيين . 3 – تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية :ينص الدستور المغربي على حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية، إلا أن السلطات الحكومية تحد من ممارسة هذا الحق. وبمقتضى ظهير 15 نونبر 1958 الذي عرف فيما بعد بعض التعديلات كان آخرها سنة 2002 يشترط الحصول على ترخيص من مصالح وزارة الداخلية قبل شروع الجمعية في القيام بأنشطتها وعقد اجتماعاتها العمومية. وقد وضع القانون هذا الشرط لمنع الأشخاص المشتبه فيهم كمعارضين للنظام من تأسيس جمعيات قانونية. وتعاني بعض الجمعيات التي لها علاقة بتنظيمات سياسية أودينية عراقيل عديدة من أجل الحصول على ترخيص السلطات. فرغم المقتضيات الإيجابية التي جاء بها القانون الجديد المتعلق بتأسيس الجمعيات ، فإن السلطات المحلية في الكثير من عمالات وأقاليم المملكة تتماطل في تسليم وصولات عن وضع ملفات تأسيس بعض الجمعيات والأحزاب السياسية أو ترفض بالمرة تسلمها بالرغم من احترام هذه الهيئات جميع الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في القانون، وبالرغم من أهدافها الواضحة المسطرة في قوانينها الأساسية التي ليس فيها أية مخالفة للدستور والقوانين الجاري بها العمل ، علما بأن الفصل 5 من القانون الجديد يفرض على السلطات تسليم الوصل المؤقت مباشرة بعد وضع ملف تأسيس الجمعية والوصل النهائي في غضون شهرين. وإن هذا الرفض الصادر عن السلطات المحلية يعتبره المركز المغربي لحقوق الإنسان : خرقا للفصل 5 من ظهير 15 نونبر1958 بشأن الحق في تأسيس الجمعيات كما وقع تغييره وتتميمه؛ وخرقا للمادتين الأولى والثانية من القانون المتعلق بإلزام الإدارات العمومية بتعليل قراراتها؛ وخرقا للفصل 9 من الدستور الذي يضمن الحق في تأسيس الجمعيات والانخراط في الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية؛ وانتهاكا لمبادئ حقوق الإنسان التي اعترف المغرب بالالتزام بها في دستوره؛ وانتهاكا لبنود العهد الدولي للحقوق لمدنية والسياسية التي صادق عليه المغرب كما أن مطالبة السلطات للتنظيمات الجمعوية بالسجل العدلي يدخل في إطار البيروقراطية، على اعتبار أن رقم البطاقة الوطنية كافي للتعرف على المعطيات في مجال السوابق ناهيك عن كون الفصل الخامس من قانون الجمعيات لم يفرض السجل العدلي سوى على الأجانب، ويطالب المركز من مطالبة الجمعيات بالسجلات العدلية لأعضاء المكاتب ومن أجل التسليم الفوري لوصولات الإيداع القانوني.. وفي إطار الشراكة التي مافتئت الدولة تسعى إليها مع مختلف مكونات النسيج الجمعوي، فإن السلطات العمومية والمحلية ينبغي عليها أن تنفتح على الجمعيات باعتبارها شريكا لها في تحقيق التنمية بكل أبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ولكون بعض الجمعيات الفاعلة استطاعت أن تشكل قوة اقتراحية في وضع البرامج التنموية.المحور الثاني: الحريات الفردية على الرغم من المبادرات التي اتخذت في مجال حماية الحريات الفردية، فإن المركز مازال يسجل انتهاكات عديدة تتجلى في الاعتقال التعسفي والاعتداءات على الأشخاص في مخافر الشرطة والدرك الملكي والتعذيب في المعتقلات السرية وانتهاك حرمة المنازل وتفتيشها خارج نطاق القانون. كما يتعين التذكير أن بعض المتهمين المعروضة ملفاتهم على مختلف المحاكم تعرضوا للعنف والإجبار على توقيع محاضر الشرطة القضائية وحرموا من ضمانات المحاكمة العادلة. وعلى هدا المستوى، سجل المركز المغربي لحقوق الإنسان مايلي :أولا: اعتقالات تعسفية كان يأمل المركز أن يحصل تقدم في مسلسل طي صفحة الماضي والتزام الأجهزة الأمنية باحترام القانون، إلا أنه فوجئ بعودة الأساليب غير القانونية المتمثلة في الاعتقال التعسفي وانتهاك حرمة البيوت بدون أوامر قضائية،حيث مازال المركز يسجل حالات الاعتقال التعسفي والتفتيش غيرالقانوني في حق أفراد يشتبه في انتمائهم لتنظيمات إجرامية أوإرهابية. وإن هذه الممارسات تشكل خرقا للدستور وللقانون وتتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان التي التزم باحترامها المغرب، الأمر الذي يحتم على الحكومة اتخاذ التدابير المستعجلة لوقف هذه الممارسات الخطيرة واحترام الحق في السلامة البدنية والأمن الشخصي وإجراءات المحاكمة العادلة. وللإشارة، فإنه يوجد في منطقة ما بين مدينة الرباط ومدينة تمارة معتقل سري لا يخضع لنظام قانوني واضح ويستثنى من مراقبة السلطات القضائية وتمارس فيه أشكال متنوعة من التعذيب لانتزاع اعترافات المعتقلين الذين اقتيدوا إلى هذا المعتقل بعد اختطافهم أو اعتقالهم بشكل تعسفي. إن احتجازالافراد داخل المعتقلات السرية يعد انتهاكا واضحا للقوانين المغربية وبالخصوص القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية كما يتعارض مع الاتفاقات الدولية التي صادق عليها المغرب والتزم بتطبيقها وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.ثانيا : استمرار الاعتقال السياسي : تميز تطور وضعية حقوق الإنسان بالمغرب منذ نهاية التسعينات ببعض الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية، وكذا بإجراءات سياسية كان من نتائجها على الخصوص إطلاق سراح عشرات من قدماء ضحايا الاختفاء وأغلبية المعتقلين السياسيين وعودة جل المنفيين لأسباب سياسية. هدا وقد تم إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة حاولت أن تعمل على إجراء تقييم شامل لمسلسل تسوية ملف الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي منذ انطلاقه، ومواصلة البحث بشأن حالات الاختفاء القسري التي لم يعرف مصيرها وبذل جميع المجهودات للوصول إلى نتائج بصددها، والعمل على إيجاد حلول لحالات ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي التي يثبت للهيئة أنها آلت إلى الوفاة، وذلك بتحديد أماكن دفنهم لتمكين أقاربهم من زياراتهم والترحم عليم، والعمل على جبر كل الأضرار التي لحقت الضحايا من خلال الإدماج الاجتماعي والتأهيل النفسي والصحي لهم. كما تلقى المركز المغربي لحقوق الإنسان بارتياح كبير قرار العفو الملكي لفائدة بعض المعتقلين السياسيين أو لأسباب سياسية ومعتقلي الرأي في يوم 7 يناير سنة 2004، غير أن المركز مازال يطالب بالإفراج عمن تبقى من المعتقلين لأسباب سياسية ، وعددهم 29 . ثالثا: ممارسة التعذيب :لازال المغرب يعرف ظاهرة التعذيب في مخافر الشرطة والدرك الملكي وفي المعتقلات السرية وفي السجون.غير أن نسبة الشكايات الواردة على المركز المغربي لحقوق الإنسان سنة 2005 بخصوص حالات التعذيب قد انخفضت مقارنة مع سنوات 2002-2003-2004.وهناك أنواع من التعذيب تمارس على المعتقلين، من بينها أساسا :• التعذيب الجسدي: وذلك باستعمال كافة وسائل الضرب والجرح والإيذاء العمد بواسطة العصي العادية والكهربائية و الصعق بواسطة التيار الكهربائي، وذلك في كافة أنحاء الجسم وخاصة على مستوى الرأس والأذنين، والإحراق بواسطة أعقاب السجائر.• التعذيب النفسي : عبر السب والشتم والقذف بألفاظ وكلمات نابية، ومنعهم من النوم لليالي وأيام متوالية، مع استنطاقهم لساعات طويلة، والتهديد بهتك أعراضهم واغتصاب زوجاتهم وبناتهم وأقاربهم.• التعذيب الجنسي : وذلك بممارسة كافة أنواع هتك العرض إما مباشرة أو بواسطة أدوات مادية حادة وقاطعة كالعصي والزجاجات. وقد أصدرت الحكومة المغربية قانونا يتعلق بتجريم ممارسة التعذيب.هدا الإنجاز يدخل في سياق مسار شمولي له ارتباط وثيق بقرار بلادنا برفع التحفظ على المادتين 20 و21 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية التي صادق عليها المغرب وأودع أدوات التصديق منذ ما يزيد على 10 سنوات، بعد أن أعطت قواعد المسطرة الجنائية للقضاء صلاحيات مطلقة وواسعة لحماية حرية الفرد وصون كرامته تبعا للمبادئ التي نص عليها ومنها مبدأ قرينة البراءة هي الأصل وعدم الاعتداد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بعنف أو إكراه وإلزام النيابات العامة بمراقبة أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية ومددها وإخضاع المشتبه فيهم لفحص طبي كلما طلبوا ذلك من النيابة العامة أو قضاء التحقيق أو على إثر معاينة آثار العنف على المتابعين.وهو مسلسل يواصل جهوده التي ستتوج بوضع قانون جنائي جديد على أساس قواعد حداثية في مجال التجريم وعلى أساس تراتبية جديدة للجرائم منسجمة مع التطور ومع خصوصية الواقع المغربي الجنائي ومع مضامين الأوفاق الدولية. ونظام عقابي جديد سيأخذ بمجموعة بدائل للعقوبات السالبة للحرية على أساس فلسفة الإصلاح وإعادة الإدماج طبقا لتوصيات المناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية التي نظمتها وزارة العدل في السنة الماضية. لكن على الرغم من أهمية هدا القانون، فإنه يبقى أمرا معلقا على ضمائر آليات التنفيذ والرقابة في إطار قضاء نزيه ومستقل، مع تكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب و مراجعة التشريع الجنائي وخلق نوع من الانسجام بين مجموعة من القوانين الجزائية توخيا للعدالة والإنصاف.رابعا:ضمانات المحاكمة العادلة:من أجل توفير المحاكمة العادلة لابد من تطبيق المبادئ والأحكام الأساسية في مجال حقوق الإنسان باعتبارها من الثوابت في نظام العدالة الجنائية المعاصرة ومن بينها أساسا :- أن تكون المسطرة الجنائية منصفة وحضورية وحافظة لتوازن حقوق الأطراف؛- أن تتضمن الفصل بين السلطات المكلفة بممارسة الدعوى العمومية والتحقيق وسلطات الحكم؛- أن كل شخص مشتبه فيه أو متابع تفترض براءته ما دامت إدانته غير مقررة بمقتضى حكم نهائي. وكل مساس ببراءته المفترضة محرم ومعاقب عليه بمقتضى القانون؛- أن يفسر الشك دائما لفائدة المتهم؛- أن يمتع المتهم بالحق في الاطلاع على جميع أدلة الإثبات القائمة ضده ومناقشتها، وأن يكون له الحق في مؤازرة محام.- كل شخص مدان له الحق في أن يطلب إعادة فحص التهم المنسوبة إليه والمدان من أجلها أمام محكمة أخرى عبر وسائل الطعن المحددة في القانون. وفي هذا الإطار، مازال المركز المغربي لحقوق الإنسان يسجل غياب شروط المحاكمة العادلة في العديد من المحاكمات سواء المتعلقة بجرائم الصحافة أو الجرائم الإرهابية، ويتجلى ذلك فيما يلي :- رفض هيئة الحكم كل طلبات الدفاع؛- رفض هيئة الحكم إحضار الشهود؛- رفض هيئة الحكم إجراء خبرة طبية على المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب والاغتصاب وسوء المعاملة؛- عرقلة الدفاع عن أداء مهامه؛- عدم إتاحة الفرصة للمتهمين للكلام والتوضيح بما فيه الكفاية لإثبات براءتهم؛- اعتماد المحكمة محاضر الضابطة القضائية مع أن قانون المسطرة الجنائية ينص على أن هذه المحاضر لا يعتد بها إلا على سبيل الاستئناس. هذا مع العلم أن أغلب المعتقلين وقعوا على المحاضر تحت الضغط والإكراه والتهديد بإرجاعهم إلى المعتقلات السرية لمعاودة التعذيب من جديد. وإذ يؤكد المركز المغربي لحقوق الإنسان المطالبة بتوفير شروط المحاكمة العادلة لجميع المتهمين من خلال تفعيل مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، فإنه يطالب بما يلي :- تخفيض مدة الحراسة النظرية إلى حدودها الدنيا، وضمان حق المعتقل في الاتصال بسرعة بدفاعه، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية للقضاء نهائيا على ظاهرة الإفلات من العقاب موظفو الدولة وأعوانها المسؤولون عن ممارسة التعذيب والمعاملات المهينة واللاإنسانية .- فتح تحقيق نزيه ومعمق من طرف السلطات المعنية وخاصة النيابة العامة حول جميع الشكايات المتعلقة بالاعتداءات و بالمعاملات المهينة واللاإنسانية ، والحاطة من الكرامة التي يتعرض لها الموقوفون في المعتقلات السرية وفي مخافر الشرطة والدرك الملكي وفي السجون؛- رفع تحفظات المغرب عن المادة 22 من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، التي تسمح للجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، من أجل إجراء تحقيق خاص بها وزيارة السجون ورفع تقارير في هذا الشأن.- فتح التحقيقات التي تتم على إثر كل حالة وفاة أثناء الحراسة النظرية أو الاعتقال أو الحبس، وخاصة تلك التي تشير الشكايات إلى أنها نتجت عن التعذيب؛خامسا: هيئة الإنصاف والمصالحة:شكل تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة الحدث الحقوقي الأهم الذي ميز السنتين الماضيتين. وقد جاء تأسيس هذه الهيئة بتوصية من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي ظل بتركيبته وقوانينه الجديدة عاجزا عن خلق النقلة النوعية في ملف الانتهاكات حيث ارتفعت مطالب واحتجاجات الضحايا وعائلات المختطفين وذوي الحقوق من أسر المعتقلين السياسيين الذين وجدوا أنفسهم مرة أخرى أمام اختزال الموضوع في التعويض المادي للضحايا وعائلاتهم من دون الاقتراب من مطلب وضع الإجراءات القانونية والقضائية الضامنة لعدم تكرار ما وقع في السنوات الماضية.وقد أصدرت هيئة الإنصاف والمصالحة تقريرا ينطوي على جملة من الإيجابيات مجسدة:- في الكشف عن بعض الحقائق المرتبطة بمجهولي المصير والمختطفين،- تحديد أماكن الاعتقال السري، - تسجيل بعض أصناف التعذيب، - كشف مجموعة من المقابر الجماعية،- مباشرة عملية تحديد هوية الرفات وإبلاغ عائلاتهم، - تحديد لوائح بعض المتوفين عقب أحداث اجتماعية،- تحميل المسؤولية بشكل واضح للأجهزة الأمنية، - الدعوة إلى مباشرة إصلاحات دستورية وتشريعية وقضائية كفيلة بتأمين تحصين مناخ حقوق الإنسان، - توسيع نطاق جبر الضرر، إلا أن المركز المغربي لحقوق الإنسان يعتبر ما ورد في تقرير وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة يعد نقصانا جوهريا بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بدءا من أحداث الريف عند منتصف الخمسينات إلى سنوات 1961، 1963، 1965، 1969، وطيلة السبعينات والثمانينات والتسعينات، وملفات التعذيب والقتل في ضيافة السلطات التي سجلت في مختلف المناطق بالمغرب. كما أن الهيئة لم تتمكن وباعترافها من كشف الحقائق كاملة مما يجعل تقريرها وتوصياتها دون ما تطالب به المنظمات الحقوقية وكذا الضحايا وذويهم. وهدا لن يغني عن مساءلة الدولة المغربية وأجهزتها عن الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها السنوات الماضية، باعتبار أن ملف الانتهاكات الجسيمة لا يزال مفتوحا ويتطلب نضالا مستمرا من أجل ضمان كرامة الانسان وحمايته من الظلم والتعسف، والحيلولة دون تكرار مآسي الماضي. وإن المركز المغربي لحقوق الإنسان يؤكد من جديد على مايلي:1 - عدم الإفلات من العقاب وتحديد المسؤوليات المؤسساتية والفردية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،مع إرساء الضمانات الكفيلة بالوقاية والحماية من عدم تكرار الماضي وفتح صفحة جديدة لبناء دولة الحق والقانون، وذلك من خلال القيام بالإصلاحات المؤسساتية والتشريعية والقانونية والإدارية والتربوية؛2- إطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين السياسيين أو لأسباب سياسية، 3- الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان التي مازالت مستمرة كالاختطافات والاعتقال التعسفي والتعذيب بشتى أنواعه والمحاكمات غير العادلة وقمع الاحتجاجات السلمية ( حالة حاملي الشهادات المعطلين) واعتقال الصحفيين بسبب آرائهم ؛4-تسوية الوضعية الإدارية والمادية للمعتقلين السياسيين المفرج عنهم، وكذا الموقوفين بسبب نشاطهم النقابي أو السياسي، وتمكينهم من كافة حقوقهم ومن ضمنها الحق في جواز السفر والحق في التنقل خارج التراب الوطني وعدم مضايقتهم من طرف السلطات الأمنية؛5- تعديل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وبالخصوص المقتضيات المتعلقة بالجرائم الإرهابية لإلغاء الإضافات السلبية لجعله يتماشى مع المعايير الدولية بإجراءات الاعتقال والتفتيش والاتصال بالمحامي.المحور الثالث: في مجال العدالة والقضاءجعلت وزارة العدل من تحديث القضاء أولوية الأولويات في برنامجها، سواء على مستوى تحديث المحاكم بالمغرب من أجل تطوير القضاء وتحديثه، حتى يتمكن من مواجهة تحديات الألفية الثالثة، والإسهام في دعم مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا.وتتجلى أهداف مشروع تحديث المحاكم بالمغرب في ما يلي :• الرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم، وتحسين أداء الجهاز القضائي، وتحديث الإدارة القضائية وتقوية القدرات المؤسساتية والهيكلية لوزارة العدل على الصعيد المركزي والجهوي.• تحديث عدد مهم من المحاكم، وتأهيل البنية التحتية المعلوماتية لهذه المحاكم، وإعداد البرامج لإدارة القضايا عن طريق الإعلاميات، وتكوين القضاة والموظفين في هذا الميدان، وتقديم الدعم المؤسساتي لمواصلة عملية التحديث بعد انتهاء هذا المشروع• إدارة القضايا والإجراءات والمساطر عن طريق المعلوميات، بما سيوفره ذلك من ضبط العمل، وسرعة الأداء، وتقليص في آجال البث في القضايا، ونشر المعلومة القانونية والقضائية.• تسهيل ولوج القضاء من طرف المتقاضين، عن طريق ما سيتم إعداده من مكاتب للإرشاد والإعلام بالمحاكم.• الارتقاء بمستوى المحاكم، والرفع من أداء العاملين بها، وعقلنة أساليب الإدارة القضائية حتى تكون العدالة المغربية عدالة عصرية ومتطورة، تساهم بشكل فعال في دعم التنمية وتوفير المناخ الملائم للاستثمار ومواجهة تحديات العولمة.وإن أبرز سمات هذا المشروع الإصلاحي أنه يشكل جزءا من إصلاح تتبناه الحكومة الحالية كشعار سياسي للمرحلة رغم أنه في العمق لا يعدو أن يكون امتدادا للجدل السياسي الذي اندلع في ظل الحكومات السابقة، عقب التقارير المتوالية لصندوق النقد الدولي والتقرير الأمريكي بشأن الوضعية العامة للإدارة والتعليم والقضاء.وقد أفرز هذا المنظور السياسي للمشروع الإصلاحي تصورا على مستوى المعالجة يعتمد على مقاربة قطاعية تتعامل مع القضاء ليس باعتباره سلطة دستورية مستقلة، بل مجرد قطاع من ضمن القطاعات الوزارية موكول إلى وزارة العدل.كما أن إصلاح العدالة والقضاء، والدفاع عن استقلال هذا الجهاز الحيوي الهام، لايهم أسرة العدالة والقضاء لوحدها بقدر ما يهم أيضا مختلف فئات الشعب المغربي التواقة إلى إقرار مبادئ العدل والإنصاف، ودولة الحق والقانون وسيادة المؤسسات .وبالتالي فإن أي مشروع إصلاحي لا يمكن أن تنفرد أي جهة حكومية بوضع تصور له في غياب أي حوار أو تشاور مع مكونات الجهاز القضائي وأطراف العدالة من قضاة ومحامين وخبراء وموظفين لكتابة الضبط وباقي المهن القانونية إلخ.1- استقلال القضاء : لا يمكن تصور أي مشروع إصلاحي ناجع في هذا الباب، دون اعتماد مقاربة شمولية تتعامل مع القضاء باعتباره سلطة دستورية مستقلة، بعيدا عن المقاربة القطاعية السائدة عمليا، والتي تعتبر القضاء مجرد قطاع من القطاعات الموازية الموكولة إلى وزارة العدل، أو بالأحرى ورشا من أوراش الإصلاح الواردة في طيات التصريح الحكومي ليس إلا.ولا يمكن الحديث أيضا عن استقلال القضاء دون مراجعة دستورية تحقق آليات وضمانات هذا الاستقلال، وفي مقدمتها التنصيص صراحة في الدستور على اعتبار القضاء "سلطة" على غرار السلطتين التشريعية والتنفيذية، وذلك بغية تأمين أسس حماية استقلال فعلي وكذا فصل حقيقي للسلط، بشكل يجعل شؤون القضاء وأشغاله بمنآى عن كل تدخل مباشر أو غير مباشر للسلطة التنفيذية .كما يستلزم الإصلاح إعادة النظر في دور وزير العدل كسلطة تنفيذية وتحديد وتوضيح اختصاصاته بكل دقة، حيث يتضح تدخله في مجال القضاء على سبيل المثال جليا وفي بعض المجالات القانونية خاصة المتعلقة بالتعيين والانتداب والتوجيه والترقية والتأديب والانتخاب والتفتيش إلخ.ولكي يستقيم الإصلاح كذلك، لابد من إعادة النظر في هيكلة ودور بعض المؤسسات الفاعلة في الجسم القضائي، وفي طليعتها المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية، وذلك في اتجاه تمثيلية واسعة لمكونات الجهاز القضائي داخله، ثم توسيع وعقلنة اختصاصاته من أجل تأطير فعلي للمارسة القضائية، ثم التقليص من دورالوزير بهذه المؤسسة، وخاصة في المجال المتعلق بالتأديب، حيث يطرح النظام التأديبي للقضاة إشكالات ذات طبيعة حقوقية تتصل بضمان المحاكمة العادلة كحق من حقوق الإنسان الأساسية، إذ لا يقبل المنطق ولا مبادئ العدل والإنصاف أن يجمع الوزير على سبيل المثال لا الحصر بين مقام الخصم والحكم في نفس الآن عند متابعة قاض من القضاة أمام المجلس إلخ . وقد برز ذلك بشكل ملموس في أواخر سنة 2003، عندما تمت إحالة القاضي جعفر حسون –العضو المنتخب داخل المجلس الأعلى للقضاء- على نفس المجلس ومتابعته تأديبيا، وهي القضية التي أثارت حينها اهتمام الرأي العام الوطني والدولي وكذا انتقاد الجمعيات الحقوقية (المعني بالأمر كان أيضا عضوا فاعلا في الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء).وأخيرا، فإن الدفاع على استقلال القضاء، وتأمين إصلاح حقيقي في هذا الباب يقتضي تحلي رجال العدالة أنفسهم، وفي مقدمتهم القضاة، بقدر من الشجاعة الأدبية والقانونية لحماية استقلالهم عن السلطة التنفيذية، وذلك عبر تمسكهم بسيادة القانون، والرفع من الكفاءة في صفوفهم وتطهير جهازهم من كل من يسيء إليه عملا وخلقا، ثم عدم انسياقهم مع التوجيهات والتعليمات التي قد تصدر إليهم من السلطة التنفيذية بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة إذا كانت توجيهات غير مسنودة أو مبررة قانونا.2- إصلاح النظام القضائي:على صعيد آخر، فإن الإصلاح يتطلب إعادة النظر في المنظومة القانونية المكونة للنظام الأساسي للقضاة ، وبعض مقتضيات النظام القضائي بغرض تحيينها وملاءمتها مع الإعلانات والمواثيق الدولية بشأن استقلال القضاء، ثم تخليصها من بعض البنود التي تلغي حق القضاء في التعبير والمشاركة. كما لا يمكن إغفال ضرورة بعث الروح في مؤسسة "الجمعية العمومية" للمحاكم كمؤسسة مؤهلة قانونا لتسيير وتنظيم وتتبع العمل القضائي داخل المحاكم، وباعتبارها هي المنوطة أساسا بتقييم نتائج العمل القضائي وترشيد توجهاته، وذلك عوض تزكية الأسلوب المتداول عمليا حيث سيادة وهيمنة المسؤولين الإداريين الذين ينفردون بسلطات القرارين القضائي والإداري.كما يقتضي إصلاح القضاء الالتفات إلى الجانب المتعلق بتكوين القضاة وتأهيلهم ، وذلك بدفعهم في اتجاه تخصص أوسع في مجالات اشتغالهم، وكذا ملاءمة مؤهلاتهم مع طبيعة القضايا الجديدة التي أصبحت تعرض أمام القضاء خاصة مع التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الجرائم المتعلقة بتكنولوجيا المعلوميات والأنترنت، وجرائم تبييض الأموال وتزوير العملات وكذا في مجال مكافحة الإرهاب...3- إصلاح كتابة الضبط:مما لا شك فيه أن إصلاح العدالة لا يمكن أن يستقيم دون إصلاح مؤسسة فاعلة داخله، وهي مؤسسة كتابة الضبط التي تلعب دورا هاما وحيويا في العملية القضائية بشكل عام. غير أن استثناء هذه المؤسسة لحد الآن من جملة الإصلاحات والبرامج الحكومية والتشريعات التي عرفتها بلادنا في مجال العدالة والقضاء (تعديل المسطرة الجنائية- إصدار مدونة الأسرة – التسوية الإدارية والمادية للقضاة..) من شأنه أن يؤثر سلبا على مسلسل الإصلاح في هذا الميدان ويعمل على تعطيله أو عرقلته ما لم يشمل أيضا هذه الفئة، وذلك بالعمل على التفعيل الشامل للخطاب الملكي ليوم 29 يناير 2003 أثناء افتتاح السنة القضائية، والذي أوصى فيه بتحسين الظروف المادية والمعنوية للعاملين في كتابة الضبط تشجيعا لهم على البذل والعطاء، وتحصينا لهم من كل الإغراءات و الإنحرافات المحتملة. وفي هذا الإطار، ينبغي تعميم التعويضات الممنوحة على كل الموظفين بالقطاع دون استثناء. كما يطالب المركز بضرورة ضمان حق موظفي العدل في التنظيم والعمل النقابي وحمايتهم من كل تضييق أو تجاوز .كما يتحتم أيضا الرفع من مستوى التكوين والكفاءة داخل هذه المؤسسة، وتحسين وتحديث آليات وظروف الإشتغال بالمحاكم لما فيه خير لتسريع وثيرة استفادة المتقاضين من مختلف الخدمات القضائية، وكذا قصد ضمان مساهمة فعالة ومثمرة لهذه المؤسسة بدورها -إلى جانب باقي فعاليات المجتمع– في تكريس مبادئ حقوق الإنسان وإرساء دعائم عدالة نزيهة ومنصفة في أفق تحقيق دولة الحق والقانون وبناء المجتمع الديموقراطي المنشود.4- وضعية السجون : فقد شكل القانون رقم 23/98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية الصادر سنة 1999، تحولا نوعيا في المنظومة القانونية المنظمة للسجون في المغرب. وجاء القانون ملائما لجل القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اعتمدها مؤتمر الأممالمتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، وللمبادئ الأخرى ذات الصلة.وقد سن القانون ضمانات وحقوقا تنبني على مبادئ المساواة واحترام الكرامة الإنسانية. وقد سجل المركز المغربي لحقوق الإنسان التدابير التي قامت بها إدارة السجون وإعادة الإدماج في مجال إصلاح المؤسسات السجنية وتأهيل السجناء وإعادة إدماجهم في المجتمع من خلال التربية والتكوين وتأهيل كذلك المراقبين والمربين بالسجون.وكان المركز يأمل بأن يقف عند هذه المنجزات على أرض الواقع لتقييمها وتقديم ملاحظات واقتراحات بشأنها، من خلال زيارات كان يعتزم القيام لبعض السجون إلا أنه مع الأسف كانت إدارة السجون ترفض الترخيص له بهذه الزيارات خلافا لما تنص عليه المادة 84 من القانون المذكور . وعلى الرغم من المجهودات التي التي تقوم بها إدارة السجون، فإنها تبقى محدودة وتشمل فقط بعض المؤسسات دون أخرى، حيث إن عددا كبيرا من المؤسسات السجنية تعيش وضعية متردية بسبب الاكتظاظ والنقص في التغذية وانتشار الأمراض المعدية وضعف التطبيب، وبعض السلوكات المنحرفة كاستعمال المخدرات والاعتداء الجنسي وتفشي ظواهر الابتزاز والرشوة والمحسوبية، هذا فضلا عن الخصاص الكبير في المراقبين المربين و ضعف الميزانية المخصصة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ومحدودية الأنشطة الرياضية والثقافية والتكوين المهني بسبب قلة التجهيزات الضرورية وانعدام الأطر الكافية للتأطير. ونذكر من بين هذه المؤسسات: السجن المدني بسلا، السجن المحلي بالدار البيضاء- عكاشة، السجن المركزي بالقنيطرة، السجن الفلاحي أوطيطة 2 بسيدي قاسم.وبناء على التقارير التي توصل بها المركز المغربي لحقوق الإنسان ، فإنه يسجل، فضلا عن دلك، الملاحظات التالية: 1 - عدم احترام الخريطة السجنية تفيد الفقرة السابقة غياب خريطة سجنية معدة وفق دراسة علمية تراعي المتطلبات الحقيقية (سجون مركزية، سجون محلية ،مراكز الإصلاح والتهذيب) وتعتمد على نسبة ارتفاع الساكنة ومعدل ارتفاع الجريمة ونوعها والأصول الجغرافية لمرتكبيها . 2 - عدم مراعاة شروط السلامةيلاحظ أن بنايات بعض المؤسسات لا تستجيب لمتطلبات التهوية المناسبة، خصوصا عند اندلاع الحرائق. ولقد أثبت حريق سجن الجديدة هذا الخصاص. فعدم مراعاة شروط السلامة قد يؤدي إلى فواجع تؤدي إلى المساس بالحق في الحياة والسلامة الجسدية للسجناء. وحيث أن الفريق الزائر لا يملك دراية فنية لتقدير مدى توفر بنايات السجون على شروط السلامة، فإنه يسجل مع ذلك ضرورة إجراء خبرات على بنايات السجون من طرف ذوي الاختصاصات الفنية ذات الصلة بالموضوع. 3 - عدم مراعاة توفر شبكة التطهير الصحي من بين السلبيات التي سجلها ، وكانت موضوع شكايات من طرف الموظفون والسجناء على السواء، هو بناء السجون في مواقع لا تتوفر على شبكة التطهير الصحي، ويتم اللجوء فيها إلى الحفر الصحية، الأمر الذي يشكل خطرا على البيئة المحيطة بالسجن، ويساهم في انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات، مما يشكل خطرا على صحة كل من له صلة بالمؤسسة السجنية ومحيطها . 4 - انعدام المرافق الضروريةإن العديد من السجون لا تتوفر على المرافق الضرورية لتلبية حاجيات الساكنة السجنية طبقا لما ينص عليه القانون، ومن ذلك مثلا: - قاعات الزيارة التي تكاد تكون في بعض الأحيان زنازن، لا تؤدي وظيفتها في تسهيل التواصل ما بين السجين وعائلته؛- بعض ساحات الفسحة ضيقة جدا، إلى حد أن السجناء يفضلون البقاء في زنازنهم التي يعتبرونها (على اكتظاظها) أرحب من تلك الساحات.- انعدام حجرات للدراسة أو أوراش للتكوين المهني في بعض السجون (برشيد، وابن أحمد، وزايو...).- انعدام فضاءات الخلوة الشرعية، إذ بالرغم من إيجابيات هذا النظام، فإن فضاءاته غير معممة على جميع المؤسسات. - انعدام فضاءات للرياضة أو الترفيه، أو قاعات لخزانة الكتب، بأغلب السجون؛وانطلاقا مما سبق، يؤكد المركز على مايلي :• ضرورة تطبيق فعلي للقانون المنظم للمؤسسات السجنية.• تحسين الوضعية المادية لموظفي إدارة السجون والرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لهذه الإدارة.• وضع برامج ناجعة للتكوين والتربية لفائدة السجناء من جهة والمراقبين المربين من جهة أخرى.• ضمان توفير شروط احترام كرامة السجناء وحقوقهم في الرعاية وإعادة التأهيل والرعاية اللاحقة .• ضرورة إصلاح المؤسسات السجنية ضمن مخطط وطني شامل للإصلاح داخل هذا القطاع.• الترخيص دون قيد أو شرط، للجمعيات والمنظمات الحقوقية للقيام بزيارات تفقدية للمؤسسات السجنية لمؤازرة السجناء ودعمهم معنويا.• تحسين مستوى الرعاية الصحية والتغذية.• إعادة الاعتبار للدور التربوي الفعال الذي تقوم به المؤسسة السجنية في الإصلاح وإعادة التأهيل والإدماج في المجتمع.• تعميم برامج محو الأمية ودعم التمدرس والتكوين المهني داخل الفضاء السجني ، وتوسيع الاهتمام بالإبداع والترفيه.• ضرورة إيلاء بعض السجينات ، في وضعية خاصة كالحوامل والمرضعات، معاملة تتناسب ومتطلباتهن الضرورية، بما في ذلك توفير بنيات استقبال لهن.المحور الرابع: حقوق الطفلأصبح موضوع حقوق الطفل محور التقدم والتنمية في المجتمعات، فأطفال اليوم هم الرصيد الدائم للأمم، فكان من الطبيعي الاهتمام بعالمهم، ومحاولة توفير جميع الوسائل اللازمة والقادرة على ضمان تمتعهم بحياة آمنة هادئة، بإقرار كثير من الحقوق الملازمة لمراحل أعمارهم وتوفير الحماية القانونية التي تكفل لهم التمتع بهذه الحقوق.وقد تزايدت، في السنوات الأخيرة، ظاهرة الأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة في الأسرة و المدرسة والشارع بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية، حيث رصد المركز المغربي لحقوق الإنسان سنة 2005 أكثر من ثلاثين حالة اعتداء جنسي على الأطفال ، ومنها حالات تتعلق بالسياحة الجنسية للأطفال بالمدن السياحية كمراكش وأكادير والصويرة والجديدة ومدن أخرى والمتجسدة في ضبط شبكات مكونة من مغاربة وأجانب يقومون باستغلال الأطفال وبتصوير أفلام بورنوغرافية. ويرجع انتشار مثل هذه الظواهر إلى عوامل أساسية من بينها :- ضعف آليات ووسائل التدخل لمساعدة وحماية الأطفال ضحايا سوء المعاملة على المستويين الصحي والقانوني،- ضعف التنسيق بين الأطراف والهيئات والمؤسسات المرتبطة بالظاهرة،- غياب سياسة إعلامية تهدف إلى توعية الأسر والأطفال بخطورة الظاهرة وبضرورة الإفصاح عنها قبل تفشيها، - نقص في التشريع الجنائي المغربي ، حيث ينبغي تعديل القانون الجنائي من أجل الرفع من العقوبات عندما يتعلق الأمر باستغلال جنسي للأطفال. وللإشارة، فإن الحكومة قامت بمجموعة من الإجراءات والتدابير بهدف النهوض بحقوق الطفل وحمايتها وتفعيل بنود الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل، فضلا عن إحداث بعض المؤسسات التي تكفل هذه الحقوق، إلا أن هذه الإجراءات ظلت محدودة وشملت فئات دون الأخرى، بحيث أن نسبة كبيرة من الأطفال، خاصة في العالم القروي، ما زالت محرومة من التمدرس والتكوين و التغطية الصحية و الحماية ضد الاستغلال الجسدي والفقر والتشرد والإهمال.وللنهوض بحقوق الطفل على الوجه المطلوب، لابد من اتخاذ الإجراءات التالية:- إحداث لجنة وطنية مكونة من قطاعات حكومية وجمعيات مهتمة بحقوق الطفل للانكباب على وضع استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تحسين وضعية الطفل بالمغرب والنهوض بحقوقه بشكل حقيقي وواقعي؛- إعادة النظر في النظام التربوي وسن سياسة تحسيسية واسعة وإشاعة حقوق الطفل لدى الطفل، ولدى كافة الأطراف المحيطة به؛- اتخاذ إجراءات تشريعية ضد ظاهرة سوء معاملة الأطفال كالاستغلال الجنسي والاتجار بهدف الربح ووضع استراتيجية تنصب على الجوانب النفسية والقانونية والاجتماعية والإعلامية وعلى تقوية وتطوير آليات الحماية الطبية؛- وضع قانون يتعلق بحماية ووقاية الأطفال ضحايا ظاهرة الاستغلال الجنسي؛- وضع قانون يتعلق بتجريم تشغيل الأطفال في البيوت الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة مع توفير الحماية لخادمات البيوت وضمان حقهن في التمدرس والتربية والتكوين،- وضع آليات لاستقبال ومعالجة وتأهيل الطفل ضحية سوء المعاملة على الصعيد الوطني،- وضع خطط إعلامية للتحسيس والتربية والتوعية.كما تعتبر التربية على حقوق الإنسان ضمانة أساسية للنهوض بحقوق الطفل ، باعتبارها مجموعة أنشطة هادفة إلى غرس ثقافة حقوق الإنسان لدى الطفل كقناعة وسلوك فردي وجماعي و عمل مؤسس للسلم والتعايش والتعاون بين الأفراد والجماعات.المحور الخامس: حقوق المرأةمند سنة 2004 تم الشروع في تطبيق مدونة الأسرة التي جاءت تتويجا لمطالب الحركات النسائية والحقوقية. وتساهم المدونة في النهوض بوضعية المرآة والأسرة في المجتمع من خلال إلغاء كل مظاهر التمييز ضد المرأة وإقرار مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء. وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة والنصوص القانونية التي تهدف إلى تحسين وضعية المرأة، فإن عددا كبيرا من النساء في المغرب وبالخصوص اللواتي يعشن في القرى والمناطق الجبلية مازلن يعانين من ظروف اجتماعية صعبة بسبب الفقروالبطالة ويواجهن إكراهات ومعيقات تمنعهن من فرض وجودهن كشريكات للرجال. كما أن المرأة العاملة في المقاولات الخاصة تعاني من عدة مشاكل يذكرها المركز المغربي لحقوق الإنسان فيما يلي:- عدم المساواة في الأجور خصوصا في قطاع النسيج وقطاع الفلاحة رغم أن قانون الشغل يساوي بينهما مبدئيا.- تعرض النساء للطرد بسبب الحمل في بعض المؤسسات لغياب النصوص الواضحة خاصة في قطاع الفلاحة و قطاع النسيج والمواد الغذائية،- استمرار الخلاف بين ممثلي العمال وأرباب العمل حول ساعات الرضاعة.- تفشي ظاهرة التحرش الجنسي وسط العاملات حيث يتعرضن لها بشكل كبير ويبقى النص القانوني مهما في انتظار حل الإشكالية على مستوى القانون الجنائي.- انتشار الأمية وسط العاملات وغياب برامج للتكوين والتكوين المستمر..وعلى مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء فقد تميزت سنة 2005 بهجوم منظم على تلك الحقوق والمتجلية في:- التراجع عن الخدمات الصحية المجانية ،- تزايد العطالة وسط النساء وخاصة حاملات الشهادات العليا واستمرار عنف السلطة ضدهن كلما طالبن بحقهن في الشغل ،- التسريحات الجماعية والاغلاقات اللاقانونية للمؤسسات الإنتاجية وخاصة تلك التي تتميز بنسبة عالية من اليد العاملة النسائية، ومن أكبر تلك الملفات ملف شركة "طوبوير" للنسيج بالرباط، وضيعة "لاكليمونتين" بالجديدة،- عدم إصدار القانون المنظم لعمل خادمات البيوت تطبيقا للمادة الرابعة من مدونة الشغل،- تزايد حالات العنف اتجاه النساء كما تعكس دلك تقارير مراكز مساندة النساء ضحايا العنف، لذلك، يجب اتخاذ مجموعة من التدابير للنهوض بالمرأة تتمثل أساسا في التركيز على البعد الاجتماعي للتنمية في وضع السياسات والاستثمار ، بالإضافة إلى مايلي :- وضع صندوق للتكافل الاجتماعي بالنسبة للمرأة المطلقة الفقيرة لأداء النفقة؛- تكوين المرأة وتأهيلها من أجل إدماجها في التنمية،- وضع استراتيجية محكمة للنهوض بالمرأة القروية، حيث يلاحظ تفشي ظاهرة الأمية بشكل كبير عند المرأة في العالم القروي وغياب وسائل التطبيب والعلاج اللازمة؛ كما ينتظر المركز من الحكومة رفع التحفظات عن الاتفاقية الدولية لمناهضة التمييز ضد المرأة في اتجاه تكريس المساواة بين الرجل والمرأة ، مع اتخاذ تدابير استعجالية وملموسة تهدف إلى النهوض بالمرأة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل إخراجها من آفة الفقر والجهل والاستغلال الجسدي والمس بكرامتها في المؤسسات الإدارية والتجارية والصناعية أو عن طريق البرامج الإشهارية .المحور السادس:الحقوق الاقتصادية والاجتماعية:أولا: الحقوق الاقتصادية: حماية المال العام انطلاقا مما يشكله نهب المال العام من ضرب للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في المواثيق و العهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و خصوصا العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والتي تؤكد جميعها على حقوق المواطنين في ثروات بلدانهم وخيراتها بالمساواة وحقهم في الإعلام والخبر والوصول إلى مصادره والمشاركة في الشأن العام و مراقبته و تدبيره و حقهم في مساءلة كل من يخل بالمسؤولية .واعتبارا للترابط الوثيق الغير قابل للتجزؤ مابين الحقوق السياسية والمدنية من جهة والحقوق الاقتصادية من جهة أخرى والذي يعتبر على أساسه السطو على المال العام وتهريبه أو نهبه سطو و انتهاك خطير لحقوق الإنسان لما ينتج عنه من أخطار الفقر والبؤس الاجتماعي ومن إمكانيات التلاعب بأصوات المواطنين واختياراتهم ودورهم في المشاركة في الحياة العامة الوطنية.وتأسيسا على ما سلف يؤكد المركز المغربي لحقوق الإنسان، كما سبق أن أكدت الهيئة الوطنية لحماية المال العام ، على أن تبذير و نهب المال العام يعتبر من صلب الجرائم الاقتصادية التي تخل بتوازنات المجتمع وحيويته والتي أدت، بالإضافة إلى حرمان المغرب من استغلال ثرواته، إلى الفقر المدقع لفئة واسعة من أبنائه والى ارتفاع نسبة الأمية و انخفاض مستوى الدخل، والى ارتفاع نسبة البطالة وخاصة بالنسبة لحاملي الشهادات، هذه الانعكاسات تكون الضحية الأولى لها الفئات المحرومة من الشعب، ونذكر من أثار وانعكاسات هذه الجرائم التي جاءت في عدة تقارير صادرة عن المؤسسات الرسمية والدولية ..- تراجع وتيرة ارتفاع الإنتاج الداخلي من5.6 % من المعدل المتوسط خلال السبعينات، إلى % 2.4 خلال نهاية التسعينات وبداية الألفية الثالثة .- انتقل المغرب من المرتبة 128 حسب الدخل الوطني الخام إلى المرتبة 132 من مجموع 208 دولة المصنفة في المراتب الدنيا على مستوى الدخل في العالم.- احتل المغرب المرتبة 124 ضمن لائحة 173 دولة حسب تقرير الأممالمتحدة للتنمية، فهو حسب نفس التقرير مرتب في الثلث الأخير الذي يضم الدول الأكثر فقرا في العالم.- كما أن تقرير المنتدى الاقتصادي الذي يهتم بمستوى التقدم أو التراجع في مستوى القدرة التنافسية، صنف المغرب في مؤخرة الترتيب برتبة 61 ضمن لائحة 102 دولة. - و يصنف المغرب في المرتبة 78من بين 133 دولة في مجال الرشوة حسب منظمة ترانسبارانسي .- 51.5% من السكان البالغين يعانون من الأمية. - عدد الأطباء لكل 100 ألف نسمة لايتعدى 46 طبيبا. - الولادات التي تتم برعاية طبية لاتتعدى 40% . - التغطية الصحية لاتتعدى 15% من السكان. - محاربة السكن الغير اللائق تقتضي إنشاء مليون وحدة سكنية. - أكثر من ربع المغاربة يعيشون تحت عتبة الفقر المدقع، يتمثل في إنفاق أقل من دولار واحد في اليوم الواحد.- بعض رؤساء المؤسسات العمومية تصل أجورهم إلى 800 مرة راتب عون بسيط، كمدير لكوما نف الذي حدد مبلغ 785 ألف درهم كأجر له، أي ما يوازي 978 مرة الأجر الأدنى للأجور. وعلاقة بهدا الموضوع ، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان يؤكد على ما يلي :- متابعة المسؤولين والمتورطين في قضايا جرائم الاختلاس ، مع معاقبتهم واسترجاع الأموال التي نهبوها،- فتح ملفات الاختلاس التي شهدتها بعض المؤسسات العمومية، حيث من الضروري تنظيم برنامج تدقيق وفحص محاسباتي للسجلات المالية لكل مؤسسة يشتبه تعرضها لاختلاس مالي أو تزوير ، - تحيين وتأهيل التشريع المرتبط بحماية المال العام ومكافحة الإثراء الغير الشرعي، بما في ذلك إخراج مشروع قانون مكافحة تبييض الأموال إلى حيز التطبيق. - إلغاء نظام الامتيازات و تفكيك شبكة اللوبيات المستفيدة من اقتصاد الريع وخلق نظام وطني للتقييم والافتحاص. -تفعيل لجن تقصي الحقائق الدستورية والبرلمانية وتوسيع اختصاصاتها.- التعجيل بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد وخلق الآليات اللازمة لتفعيل مقتضياتها وترجمة مضامينها نصا وروحا على أرض الواقع.- سن قانون جديد للتصريح بالممتلكات قبل تحمل المسؤولية العمومية و عند انتهاء المسؤولية يتضمن إبراء الذمة وتعميم نشرها عبر وسائل الإعلام العمومي. - تفعيل دور وتوسيع اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات وتمكين قضاته من الاستقلالية اللازمة من للقيام بمهامهم القضائية، وتمكين المفتشية العامة للمالية، والمفتشيات العامة للوزارات من اختصاصات واسعة وعدم التدخل في سير أعمالها. - سن قانون لحماية كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام من أية متابعة قضائية ومن كل أشكال التعسف والانتقام.-القيام بافتحاص شامل ودقيق لكل الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية من طرف أجهزة الافتحاص تتمتع بالاستقلالية والصلاحيات اللازمة للكشف عن الاختلالات المتعلقة بالانحرافات المالية باعتبارها ظاهرة بنيوية تعم جميع المرافق العمومية.ثانيا: الحقوق الاجتماعية:1 – الحق في السكن:من حق كل مواطن مغربي أن يتوفر على سكن لائق تتوفر فيه شروط الكرامة والصحة والبيئة السليمة.وللإشارة، فإن نسبة كبيرة من المواطنين لا يتوفرون على سكن لائق، ومنهم من يقطن في أكواخ و دور الصفيح. وقد لوحظ خلال الثلاث سنوات الأخيرة عزم الحكومة على القضاء على دور الصفيح على الصعيد الوطني ، حيث شرعت الوزارة المنتدبة المكلفة بالإسكان والمؤسسات التي تعنى بالسكن في إعادة إسكان أهالي دور الصفيح خاصة في المدن الكبرى كالرباطوالبيضاء وأكادير. وبالرغم من ذلك، فإن الجهات المسؤولة لم تتخذ بعد التدابير المستعجلة للقضاء بصفة نهائية على دور الصفيح خاصة بالمدن الكبرى، حيث إن نسبة كبيرة من المواطنين في هذه الدور محرومة من الماء ومن الكهرباء فضلا عن انعدام المرافق الاجتماعية الضرورية. لذلك، فإن المركز يعتبر أن القضاء على دور الصفيح قضية أساسية ومستعجلة، ينبغي أن تولى لها عناية خاصة من أجل ضمان كرامة المواطن ، وتجريم كل الممارسات التي تساعد على انتشار السكن العشوائي.ومن جهة أخرى، يلاحظ المركز أن برامج السكن الاجتماعي لم تواكبها استراتيجية واضحة بخصوص التمويل لدعم المواطن المغربي البسيط وتخفيف أعبائه ، حيث يلاحظ أن كثيرا من المواطنين الذين انخرطوا في البرنامج مازالوا يعانون من ارتفاع كبير في نسب الفائدة التي تعتمدها المؤسسات البنكية. وفي هذا الإطار، يجب على الجهات الحكومية المسؤولة دراسة معاناة الموظف والمستخدم البسيط الذي أضعفت الاقتطاعات الشهرية من قدرته الشرائية إلى حد كبير.2- التمتع بالحق في الصحة ومسؤولية الدولة في حمايته: إن الحق في الصحة لا ينبغي أن ينظر إليه بمعزل عن باقي الحقوق الاجتماعية الأخرى ، والتي تتجسد بصفة أساسية في الحق في الشغل والسكن، وفي التوفر على الإمكانات المادية لولوج مراكز العلاج والمؤسسات الاستشفائية.والجدير بالذكر في هذا الصدد أن سياسة التنمية الاجتماعية تقوم بصفة أساسية على تحسين المستوى الصحي للمواطنين.ولهذه الغاية، فإن ضمان المساواة وتحقيق الإنصاف بالنسبة لجميع المواطنين للاستفادة من الخدمات الطبية يجب أن يمثل إحدى أولويات الدولة في المجال الاجتماعية.وتفرض حماية الصحة على الدولة التزاما بتوفير الخدمات الصحية الوقائية مجانا لفائدة جميع المواطنين أفرادا وجماعات، بالإضافة إلى سهرها على تنظيم مجال تقديم الخدمات الطبية موزعة توزيعا متكافئا على سائر التراب الوطني وضمان الاستفادة من هذه الخدمات لفائدة جميع الشرائح الاجتماعية، وأن تحرص الدولة على مجانية الأمراض كالربو والتداوي بالأشعة ومرض "بهجت" والقصور الكلوي ... إن تلبية الاحتياجات الصحية للأفراد تدخل في صميم الدفاع عن حقوق الإنسان. وهي تشمل الحق في البقاء والحياة . ويتجسد الحق في الحياة في الحق بتلقي العلاج الطبي، الذي من شأنه إنقاذ حياة الإنسان، ومنع الإعاقة والتضرر الجسدي عنه، ومن واجب الدولة تزويد مواطنيها بالعلاج الطبي. يشمل الحق في الحماية الصحية للمواطنين: - الحق في توفير الخدمات الصحية في مراكز مؤهلة وكافية. - الحق في توفير إجراءات الأمان والسلامة في جميع الأماكن، والحق في الحفاظ على خصوصية المريض. - الحق في وجود قانون صحي يضمن خدمة المواطنين. - الحق في صيانة حق المواطن، بعدم نقل أي عضو من جسمه إلا بموافقته، وعدم إجراء أي تجارب طبية على أي إنسان دون رضاه الحر. - الحق في الحصول على المعلومات والمعرفة بالتثقيف الصحي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ويشمل الحق في الحصول على العلاج الناسب ضمن أسعار معقولة:- توفر مستشفيات تتناسب مع عدد سكان كل إقليم.- توفر المستوصفات الصحية في جميع أنحاء الوطن تتناسب مع عدد سكان كل منطقة.- الحق في توفر الأدوية بأسعار معقولة في مختلف المركز الصحية.- توفر سيارات إسعاف تتناسب مع عدد سكان كل منطقة. والحق في التمتع بالصحة والعلاج مقرر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إذ تنص المادة 25 منه على أن:"لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية ..."وتضمنت المادة 25 من الإعلان الإشارة إلى أنه "على الدولة اتخاذ تدابير لضمان تمتع جميع المواطنين بمستوى معيشي مناسب، فيما يخص المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية؛ كعناصر أساسية لمستوى معيشي مناسب على صعيد الصحة والرفاهية". كما أن منظمة الصحة العالمية تأسست عام 1948 للعمل على "تمتع الأفراد بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه". وتتضمن ديباجة دستور منظمة الصحة العالمية تعريفاً للصحة باعتبارها "حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض أو العجز". وتعمل منظمة الصحة العالمية على تحسين طرق الرعاية الصحية ووضع المعايير الدولية المتعلقة بالصحة وعلى تطوير كفاءة وقدرة الجهات العاملة على توفير الرعاية الصحية في بلدان الدول النامية ودعم المبادرات ذات الصلة. وبالإضافة إلى ذلك تعنى منظمة الصحة العالمية بجمع وتوفير البيانات والإحصاءات الخاصة بالصحة باعتبار ذلك يمثل أحد أهم مهامها . والحق في التمتع بمستوى مناسب من الصحة لم يتم تخصيص اتفاقية معينة لتناوله، إلا أنه قد جرى تناوله ضمن العديد من الاتفاقيات الدولية. وفيما يخص الحق في الصحة،هناك ثلاث التزامات أساسية: 1- تقع على الدول مسؤولية ضمان تمتع مواطنيها بالحق في مستوى مناسب من الصحة. وفيما لو كانت دول ما غير قادرة على كفالة ذلك فإن على المجتمع الدولي أن يقدم المساعدات اللازمة ويتحمل مسؤوليته بهذا الخصوص.2- تقع على الدول مسؤولية ضمان ألا يحرم أي من مواطنيها من التمتع بالحق في الصحة نتيجة لتصرفات الدولة نفسها.3- على الدول كفالة التمتع بالحق في الصحة لكافة مواطنيها بغض النظر عن العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب. وجدير بالإشارة أن الفقراء في البلدان المتقدمة والنامية قد يحرمون من التمتع بالحق في مستوى مناسب من الصحة نظراً لغياب تقديم المساعدات اللازمة لهم في حالة عدم استطاعتهم تحمل التكاليف المالية، ونظرا كذلك لتمركز المرافق الصحية في المدن على سكان المناطق القروية. هذا ويتعرض الأطفال والأشخاص المسنين أكثر من غيرهم للتمتع بمستوى أدنى من الرعاية الصحية وذلك نظرا لما لهم من احتياجات خاصة؛ وغالباً ما يكونوا غير ملمين أو على معرفة بانتهاك حقوقهم؛ ويمكن القول بأن دعم الأسرة وإيلاء العناية المناسبة من طرف المجتمع يلعب دوراً محورياً في دفع الدولة لتقديم العناية اللازمة لهاتين الفئتين وغيرهما من الفئات الضعيفة أو الفئات ذات الاحتياجات الخاصة.ويعد الحق في الصحة مثالاً واضحاً على ترابط حقوق الإنسان وعدم قابليتها التجزئة. ويمكن القول بأن التمتع بمستوى مناسب من الصحة يعد أساسياً. حيث إن عدم كفالة الحق في التمتع بالصحة قد يؤثر سلبا على التمتع بالحق في المشاركة في الحياة العامة وكذلك توفير الرعاية لباقي أفراد الأسرة، ويشكل عائقا أمام التمتع بحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ومدنية أخرى على السواء.3- الحق في الشغل وفي العمل النقابي: إن نسبة البطالة في المغرب تزداد سنة بعد سنة، حيث إن نسبة كبيرة من المواطنين لا يتوفرون على شغل، ونسبة كبيرة من المأجورين يتعرضون للتسريح بسبب إغلاق المقاولات والمؤسسات الصناعية والفلاحية أو للطرد التعسفي من طرف أرباب العمل، كما أن نسبة كبيرة من خريجي الجامعات لم يجدوا مناصب شغل، وعندما يمارسون حقهم في الاحتجاج من أجل المطالبة بالشغل يواجهون بالعنف من قبل السلطات الأمنية.كما أن الحريات النقابية تتعرض للانتهاك من حين إلى آخرعلى الرغم من أن القانون المغربي يضمن هده الحرية، حيث أن عددا من النقابيين تم طردهم أواعتقالهم ومحاكمتهم .لذلك، فإن المركز الغربي لحقوق الإنسان يطالب الحكومة المغربية بما يلي:- وضع إستراتيجية طويلة الأمد لحل معظلة البطالة بالمغرب ودلك من خلال إصلاح فعلي للإدارة وترشيدها والقضاء على ظاهرة اختلاس وتبدير المال العام وتشجيع الاستثمار ودعم القطاع الخاص وتأهيله من أجل جعله قادرا على خلق فرص الشغل.- تفعيل مقتضيات مدونة الشغل عل صيغتها الحالية، مع التفكير في تعيل بعض مقتضياتها حتى تنسجم مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال الشغل والعمل النقابي.- التعجيل في إصدار قانون ينظم الإضراب في اتجاه ضمان حقوق الأجراء والمستخدمين من جهة والنهوض بالمقاولة وتقويتها من جهة أخرى.قدمه المركز إلى المجلس العالمي لحقوق الإنسان المنعقد بجنيف شهريونيو2006