اعتبر المرصد المغربي للحريات العامة أن هامش الحريات، الفردية والجماعية، بالمغرب «محاط بمخاطر التراجع والتقهقهر»، خاصة في ما يتعلق بالتظاهرات والاحتجاجات التي تطالب بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشرائح مختلفة من المواطنين والمواطنات، داعيا إلى فتح ورش تعديل للقوانين وتبني آليات لإعمالها ضمانا للحقوق من حيث الممارسة والتطبيق. وجاء في تقرير سنوي للمرصد المغربي تم تقديمه إلى الصحافة، يوم الأربعاء بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، أنه يرصد العديد من حالات الانتهاكات والمضايقات التي طالت الحريات العامة خلال سنة 2008، بناء على معطيات موثقة ومضبوطة تم تجميعها من مصادر مختلفة. ويعرض التقرير، الذي يُقر منذ بدايته بكونه لا يزعم إلمامه بجميع الانتهاكات، صورة عامة عن مراقبة حرية ممارسة الجمعيات والتجمعات العمومية وحرية الصحافة. وذكر المرصد المغربي للحريات العامة أن الانتهاكات التي تمس الحق في التجمع والتظاهر تمثل القسط الأوفر من مجموع الانتهاكات الماسة بالحريات؛ حيث بلغت 84.54 في المائة، متبوعة ب 10.27 في المائة في ما يتعلق بحرية الصحافة، وبأكثر من 5 في المائة في ما يخص حرية الجمعيات. وأشار التقرير إلى أن ما وصفه ب»المضايقات والانتهاكات» ذات الصلة بالحريات العامة يتخذ أشكالا متنوعة، ومن ذلك التدخل بعنف لتفريق المتظاهرين والامتناع عن تسليم الوصل المؤقت والنهائي والمنع بدون سند قانوني والاعتقال والمحاكمة والامتناع عن تسلم الإشعار بعقد التجمعات وعدم احترام مسطرة تفريق المظاهرات، مؤكدا أن التدخل بعنف من طرف أجهزة الأمن والقوات المساعدة يشكل الأسلوب الأكثر استعمالا لتفريق المتظاهرين؛ حيث تمكن المرصد من تسجيل 48 حالة للتدخل بعنف خلال تنظيم 120 تظاهرة احتجاج كان المرصد يقوم بمراقبتها. ويصادف إعداد تقرير المرصد المغربي للحريات العامة، حول مراقبة حرية ممارسة الجمعيات والتجمعات العمومية وحرية الصحافة، مرور 50 سنة على صدور قانون الحريات العامة بالمغرب، وكذا الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إلى ذلك، اعتبر المرصد، في ما يتعلق بحرية ممارسة الصحافة، أن الصحفيين يتعرضون للتعسف والاعتداء والتهديد والمتابعات عبر كامل التراب الوطني، مضيفا: «بالرغم من أن قانون الصحافة المعدل سنة 2002، ينص على الحق في الخبر، فإن هذا الاعتراف يظل ناقصا في ظل غياب قانون خاص يستند إلى تجارب الدول الديمقراطية، بحيث لا يمكن تصور الممارسة الصحفية بدون تكريس هذا الحق عبر مساطر وإجراءات تمكن الصحفيين والرأي العام من الاطلاع على الأحداث العامة للبلاد». ووصف تقرير المرصد عمل الهيئة العليا للقطاع السمعي البصري ب»المحدود»، لعدم استغلال الهيئة الصلاحيات المخولة لها رغم الانتقادات الموجهة إلى القانون المنظم لها ولهيكلة مجلسها، مشيرا إلى أن دورها اقتصر فقط على بعض الأحكام المتعلقة بالإشهار والتوقيت والردود وتسليم الرخص. وأكد المصدر نفسه، في نفس السياق، أن الظرفية الراهنة تبرز الحاجة الملحة إلى قضاء كفء ونزيه ومستقل، في إطار إشكالية أخلاقيات المهنة والمسؤولية في مقابل الحرية، يستند في أحكامه إلى تفسيرات دقيقة لا إلى تأويل مواد فضفاضة في القانون يكون لها أثر سلبي على حرية الرأي والتعبير، يقول تقرير المرصد قبل أن يضيف أن الضرورة الملحة نفسها تقتضي احترام أخلاقيات مهنة الصحافة وتحصين الصحفيين والصحفيات من الممارسات السلبية غير الأخلاقية الضارة بسمعة المهنة. وخلص التقرير إلى رصد عدد من الانتهاكات في ما يتعلق بحرية ممارسة الجمعيات، حيث يشكل الامتناع عن تسليم وصل الإيداع المؤقت والمطالبة بنسخ من الملف أكثر من تلك المنصوص عليها في القانون، والامتناع عن تسلم ملف التأسيس، كلها أوجه تبرز انتهاك الدولة في هذا الشأن، مما يعكس عدم الالتزام بأحكام الدستور والمواثيق الدولية.