انطلقت ، اليوم السبت بالرباط ، أشغال لقاء دراسي ينظمه مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان تحت عنوان "الليبرالية في المغرب: واقع وآفاق". وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء الذي أداره السيد محمد أوجار رئيس المركز وعرف مشاركة قيادات حزبية وبرلمانية ونخبة من المفكرين والجامعيين وفعاليات من المجتمع المدني، بمداخلات كل من السادة امحند العنصر الأمين العام للحركة الشعبية وصلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار وعبد الله فردوس عضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري ومحمد تاملدو عن الأممية الليبرالية. وأبرز السيد امحند العنصر أن المغرب اعتمد منذ الاستقلال الإطار الليبرالي على المستويين السياسي والاقتصادي من خلال تبنيه للتعددية السياسية وحماية وضمان الحريات العامة والفردية، واعتماد المبادرة الحرة وحق الملكية، وذلك في إطار ملكية دستورية. وأضاف أنه على الرغم من أن التوجهات الليبرالية عرفت خلال بعض المحطات اختلالات وتناقضات من قبيل الجمع بين حرية المبادرة وتدخل الدولة وتفشي اقتصاد الريع وعدم تماسك ووضوح المشهد السياسي الوطني وهشاشته، فإن المغرب في عهد جلالة الملك محمد السادس يعمق من اختياراته الليبرالية عبر اعتماد الانفتاح الاقتصادي وتطوير الاستثمار الخاص والنهوض بحقوق الإنسان وصيانة الحريات العامة والفردية من أجل مواكبة التحولات التي يشهدها العالم المعاصر على جميع المستويات. وأوضح ، في هذا السياق ، أن المغرب ، أمام الانفتاح الذي يشهده العالم ، لا يمكنه أن يعود إلى الوراء، غير أنه دعا إلى تعميق نموذج ليبرالي يضمن حرية الفرد في إطار من الضوابط، ويجمع بين الخصوصيات المجتمعية والأبعاد الكونية لهذا التوجه. ومن جانبه، اعتبر السيد محمد تاملدو أن سؤال الليبرالية في المغرب يتعلق بمدى تعميق الإيمان بالحرية كآلية منتجة للتعايش والسلم والثروة والرفاه وصون الكرامة، مضيفا أنه أيضا "سؤال المسؤولية التي بدونها لا تستقيم الحرية ولا تتطور إلى اختيار إرادي لأنسب أشكال الحكامة والتدبير الديمقراطي". وأشار إلى أن مختلف الأحزاب الليبرالية العربية ترى في التجربة المغربية المتعلقة بالتعاطي مع الحريات وبناء المشروع المجتمعي الحداثي والارتقاء بالممارسة الديمقراطية وترسيخ الفكر الليبرالي الاجتماعي "نموذجا يحتذى به"، مذكرا ، في هذا السياق ، بالمؤتمر الذي عقدته الأممية الليبرالية بمراكش سنة 2006. واعتبر مشاركون في المحور الأول المتعلق بسؤال حول "هل المغرب دولة ليبرالية" والذي قام بتنشيطه محمد الحبيب بلكوش عضو المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، أنه لتشخيص وإبراز التوجه الليبرالي في المغرب يتعين الاعتماد على عدد من المؤشرات تتمثل في ملاحظة ارتفاع درجة الطلب على القانون، وعلى تحكيمه بين مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، وإرساء التعددية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وفتح النقاش لقراءة المرجعية، ومحاولات توزيع الثروات عبر مجموعة من الآليات: وكالات التنمية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وتوقفوا عند بعض المطالب الجديدة من قبيل التفاوضية في اتخاذ القرار، ومطلب التمثيلية، ومطلب التعاقدية الذي ينطلق من المجتمع المدني، مضيفين أنها مطالب يجب استثمارها في المغرب من خلال فتح ورش الجهوية. وأشاروا إلى أن المغرب اختار اقتصاد السوق الحر كتوجه اقتصادي لبناء المغرب المستقل وفق البنية الاقتصادية والاجتماعية المحلية، مبرزين أن المغرب عرف العديد من التطورات السياسية والاقتصادية التي تتضمن إشارات قوية للمبادئ الليبرالية. وسجلوا أنه من هذه التطورات، إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، والتداول على السلطة، واعتماد مدونة الأسرة، ودسترة الجهات واللامركزية وإنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وتكوين هيئة الإنصاف والمصالحة، واعتماد المشروعية الانتخابية الديمقراطية وصدور قانون الأحزاب الجديد، وانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وكذا دعم الطبقات الوسطى وإنشاء المراكز الجهوية للاستثمار، وإبرام العديد من اتفاقيات التبادل الحر، وتحرير التجارة الخارجية بالتدريج. ويتضمن هذا اليوم الدراسي جلستين تتعلقان بمحوري "هل يمكن لليبيرالية أن تكون اجتماعية"، و"هل المغرب في حاجة إلى قطب ليبرالي اجتماعي". يذكر أن مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان مؤسسة غير حكومية، يهدف إلى نشر وتنمية الثقافة الديمقراطية وفكر المساواة والمواطنة وحقوق الإنسان، والدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية، والتربية على المواطنة وحقوق الإنسان وإعداد ونشر الدراسات والأبحات وإصدار الدوريات المتخصصة والكتب في مجال الديمقراطية والإعلان وحقوق الإنسان.