إن أول ملاحظة يسجلها كل من يحضر إحدى الجلسات الصباحية أو المسائية المنعقدة بإحدى قاعات المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف بولاية الدارالبيضاء القطب الجنحي تتلخص في كثرة الملفات المتعلقة المتابعات فيها بجنحة الضرب والجرح وتبادلهما والعنف والإيذاء العمدي، والتي يمكن القول، إنها تحتل المرتبة الأولى قبل ملفات السرقة والسكر العلني والاتجار في المخدرات، التي يمكن اعتبارها الجنح الأكثر تداولا أمام القضاء. كثرة المتابعات من أجل جنح الضرب والجرح وتبادلهما ناجمة ليس فقط عما يقوم به بعض الأفراد من جنح أخرى قد تكون ممهدة أو مسهلة أو مشجعة على ارتكابها مثل الرغبة في السرقة التي قد تكون هي الأخرى بدافع الحصول على مبالغ مالية لشراء المخدرات بالنسبة لمجموعة كبرى من المتابعين الذين أصبحوا مدمنين وفي حاجة ماسة إلى جرعتهم اليومية من «البولة الحمراء» أو غيرها من أنواع المخدرات التي أصبحت تباع في الشارع العام، وإنما كذلك لما قد يحصل من سوء تفاهم بين بعض الجيران الجارات في معظم الحالات التي نتابعها أمام المحكمة حول نشر الملابس بعد تنظيفها، أو لما قد يحدث من خصام بين الأطفال الذين قد يتصالحون فيما بعد. جلسة يوم الثلاثاء المنعقدة بالقاعة 8 صباحاً بلغ عدد الملفات المدرجة بها حوالي 130 ملفا جنحيا كان من بينها ثلاثة وستون ملفا تتعلق المتابعة فيها بجنح الضرب والجرح وتبادلهما والعنف. وقد سجلنا من بينها كذلك ملف للعنف ضد أحد الأصول، إذ توبع شاب بالعنف في حق والده!؟ ... والسكر العلني نفس الملاحظة يمكن أن نؤكدها بخصوص جنحة السكر العلني التي أصبحت حاضرة يوميا بجلسات الجنحي العادي بقاعات القطب الجنحي للمحكمة الابتدائية، حيث نسجل في بعض الجلسات أكثر من نصف الملفات خاصة بالسكر العلني، بل هناك بعض الجلسات تكون أحيانا كلها خاصة بهذه الجنحة. المتابعون بهذه الجنحة غالبا ما لا يحضرون للجلسات وتصدر في حقهم أحكام بالغرامات، فيما أن القلة القليلة التي تستجيب لاستدعاء القضاء، فإنها لا تنفي المنسوب إليها، بل تعترف بشربها للخمر: («الروج»، والبيرة، والماحيا). في جلسات أخرى، نسجل باستمرار، أنه غالبا ما تكون المتابعة بالسكر العلني مرتبطة بارتكاب جنح أخرى كالضرب والجرح وتبادلهما والعنف والسرقة وإهانة موظف، والتحريض على الفساد.