من خلال متابعتنا اليومية لجلسات المحاكم، يمكن القول إن بعض المتابعات، سواء المتعلقة منها بالجنح أو بالجنايات المنصوص عليها وعلى عقوبتها في القانون الجنائي، تختلف عن غيرها من حيث كثرة أو قلة الملفات المتعلقة بها والأفراد أو الجماعات المتابعين بها. اليوم سنحاول الوقوف على جنحة، حتى وإن كانت حاضرة قبل دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، فإنها كانت كذلك، لكن بعدد محدود من الملفات. إذ كان الزوج لا يتابع بإهمال الأسرة وعدم الإنفاق على زوجته وأبنائه، إلا إذا كان فعلا منعدم القدرة الجسدية للحصول على دخل مهما كانت قلته، لأن الأسرة كانت «مقدسة» عكس ما أصبحت عليه اليوم لدى العديد من الذكور والإناث. فاليوم، ومع سوء الفهم من طرف بعض الزوجات، فإنهن أصبحن يلجأن الى تقديم شكاية ضد الزوج بعدم الإنفاق أو بالضرب والجرح والتعنيف وغيرها من الادعاءات اللامعقولة والمصطنعة في بعض الأحيان للحصول على التطليق! وهكذا أصبحنا نسجل في هذه الجلسة أو تلك من جلسات المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف القطب الجنحي إدراج ملفات يتابع في معظمها بعض الأزواج بجنحة إهمال الأسرة طبقا لمقتضيات الفصل 479 أو الفصل 480 من القانون الجنائي، إذ ينص الأول على أنه: «يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة والغرامة من 120 إلى ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط: 1 الأب أو الأم إذا ما ترك أحدهما بيت الأسرة دون موجب قاهر لمدة تزيد عن شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية والمادية الناشئة عن الولاية الأبوية أو الوصاية أو الحضانة. ولا ينقطع أجل الشهرين إلا بالرجوع إلى بيت الأسرة رجوعاً ينم عن إرادة استئناف الحياة العائلية بصورة نهائية. 2 الزوج الذي يترك عمداً لأكثر من شهرين، ودون موجب قاهر، زوجته وهو يعلم أنها حامل». الفصل 480 ينص على أنه «يعاقب بنفس العقوبة من صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت بدفع نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله أو فروعه وأمسك عمداً عن دفعها في موعدها المحدد. وفي حالة العود، يكون الحبس بعقوبة الحبس حتمياً. والنفقة التي يحددها القاضي تكون واجبة الأداء في محل المستحق لها ما لم ينص الحكم على خلاف ذلك». بعض الملفات لا تستحق اعتقال الزوج، لكونه لم يتوقف عن النفقة على أسرته بمحض إرادته، بل لكونه طرد من عمله وأصبح عاطلا!