ظاهرة جرائم الأحداث بالمغرب، وإن كان البعض يعتبرها أمرا عاديا بالمقارنة مع باقي الدول، إلا أنها تبقى ظاهرة جديرة بالمتابعة خاصة مع حجم الجرائم المسجلة خلال سنة واحدة فقط بمدينة الدار البيضاء، والتي قارب عددها الألف حالة عرضت على أنظار محاكم البيضاء وصدرت أحكام قضائية في شأنه. هذه الجنح والجرائم، التي يتابع بها هؤلاء الأطفال الذين تتخذ في حقهم التدابير الوقائية، يمكن تصنيف كالتالي: السرقة العادية، السرقة الموصوفة، الضرب والجرح، العنف ضد الأصول، التشرد، تعاطي الدعارة والاتجار في المخدرات. قبل سنتين، ضبط بإحدى المؤسسات التعليمية بمدينة الدارالبيضاء تلميذ يدرس في السنة الثانية إعدادي وبحوزته كمية من مخدر الشيرا مخبأة في محفظته، تبين على مايبدو أن الأمر يتعلق بعملية ترويج للمخدرات بين صفوف التلاميذ. التلميذ الذي كان يروج مخدر الشيرا وبعد أن خضع للإستنطاق الأولي، صرح أنه مجرد مسخر وأن البضاعة لشخص آخر . كانت المفاجأة كبيرة عندما صرح للمحققين بأن البضاعة هي لوالده!! لم يتردد المحققون في الانتقال إلى منزل والد الطفل لاعتقاله من مقر سكناه بأحد الأحياء الشعبية لمدينة الدار البيضاء و المعروفة بترويج المخدرات. أنكر الوالد معرفته بالأمر إلا أنه سرعان ما اعترف بالمنسوب إليه. أودع السجن في الوقت الدي اعتقل الطفل وتم وضعه بمركز الأحداث. تفاصيل القضية تتلخص في كون الوالد عندما أحس أن لإبنه ميولا إلى الانحراف أو كما صرح هو ترجل أخذ يدفع به إلى القيام بترويج الحشيش للزبناء في الحي الذي يقطنه، انطلق الإبن يقوم بدور الوسيط بين والده والزبناء، استمر الوضع على هذا المنوال إلى أن فكر الوالد في توسيع السوق لتشمل المؤسسات التعليمية، وتجارة الحشيش لن تبور مادام الطلب في تصاعد. بدأ الطفل يحمل معه كميات متوسطة من الشيرا الى المدرسة، كانت عمليات البيع تتم خارج أسوار المؤسسة التعليمية التي يدرس بها لتنتقل بعد ذلك التجارة إلى المؤسسات المجاورة وكان كل شيء يمر بأمان، إلى أن وشى به أحد الزبناء عند إدارة المؤسسة، تم تفتيشه فضبطت معه كمية هامة من الحشيش. تم إبلاغ الشرطة التي التحقت بالمؤسسة وفتحت تحقيقا في الموضوع. أنكر الطفل في البداية معرفته بمصدر المحجوز من الشيرا قبل أن يتراجع ويسترسل في الاعتراف بكل شيء. لم يكن الإرتباك يظهر عليه وهو يجيب عن أسئلة المحققين، كان واثقا من نفسه ربما لأنه تربى في محيط تعود على مثل هذه المواقف. لم يستعطف ولم يتوسل، بل كان يجيب بثقة في النفس عالية. في دائرة الشرطة وعندما ووجه بوالده لم يتم الانكار ، تحدث عن طفولته بعض الشيء وعن المؤسسات التي كان ينوي غزوها! ضبط ترويج مخدرالشيرا بهذه المؤسسة سبقتها، في وقت سابق، اعتقال مماثلة لأحد مروجي المخدرات بإحدى المؤسسات التعليمية بنيابة آنفا وحالات مماثلة بمجموعة من المؤسسات التعليمية بمدينة الدارالبيضاء، الأمر الذي يفتح النقاش حول أسباب انتشار ظاهرة ترويج المخدرات بمجموعة من المؤسسات التعليمية بمدينة الدارالبيضاء والتي عرفت ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يشكل خطرا حقيقيا على التلاميذ ويهدد بتفشي ظاهر الإدمان بينهم. نحن أمام ظاهرتين متلازمتين، ترويج المخدرات واستغلال القاصرين في هذه العملية للقيام بعملية البيع والاستهلاك أيضا. الإحصائيات المتوفرة تؤكد أن 10 % من تلاميذ الإعدادي والثانوي وأن 70 %من مستهلكي المخدرات شرعوا في الإدمان عليها وعمرهم يتراوح ما بين 15سنة و 18 سنة أي خلال فترة تمدرسهم خلال المرحلة الإعدادية والثانوية. هكذا إذن أصبحت مجموعة من مؤسساتنا التربوية سوقا مفتوحة لتجار السموم، سوقا بعض تجارها أطفال دون الثامنة عشر من عمرهم. جرائم ترويج الأطفال للمخدرات ليست بالأمر الجديد، فقد دأب المروجون منذ مدة على استغلال الأطفال الذين يصبحون ضحية شبكات المخدرات والتي تستغل براءتهم لجني أرباح طائلة بعد أن يقعوا بين مخالبها مجموعة منهم يعيشون الآن وراء القضبان بسبب جرائم ارتكبوها، والكثير منهم عرضة للإدمان على المخدرات التي قد تقودهم إلى عالم الجريمة، إنها طفولة مستلبة.