عش رجبا ترى عجبا، رجب هذه السنة كان أطول من مقام يونس في بطن الحوت، وأبأس من الذين ينتظرون المطر في أتون الجفاف الذي يأتي على الأخضر واليابس، ومن الانتظار ما يقتل، ومنها ما يشل حركة التاريخ ليعود إلى الوراء. لقد تمخض الجبل فولد فأرا، فبعد طول انتظار الجمهور لما يمكن أن يغسل العار الذي لحق بالكوكب جراء الفساد المستشري في دواليبها، وفي بعض جمهورها حلت الصاعقة، وتيقن الكل من مغادرة الفريق لصفوة الإحتراف، وبالتالي معانقة القسم الوطني الثاني، بعد تجربة مريرة داخل هذا القسم. بكل تأكيد فإن التعويل على الحظ، وانتظار إخفاق الآخر يدخل في إطار المجازفة والرجم بالغيب، وذلك من توجسات العجائز. الفرق الكبيرة هي التي تصنع مصيرها، اعتمادا على إمكانياتها الذاتية... هي التي لا تستجدي الحظ، ولا تتعلق بسجوف الأمل الكاذبة التي لا يعول عليها المنطق، ولا تستدعيها صدقية الأحداث. يقول المنطق، إن الفريق الضعيف لا يكتسب مناعته وقوته بالتوجه إلى السحب، رجاء تحقيق المستحيل، السماء طبعا تستجيب أحيانا، لكنها لا تستجيب للضعفاء بل تقدم العون إلى الفريق الملحاح، الذي يكد ويجتهد من أجل بلوغ المرام. أما أن يعول على قارئات الفنجان، و «ضرابات آلدون» و«شوافات الكارطة» لاستكناه مستقبل الفريق فذلك ما يرفضه العقل، وترفضه قوانين كرة القدم. بلية فريق الكوكب تكمن في بعض جمهوره من المحترفين للتسول، والتعيش على كرامات الدافعين جراء استجداء عطفهم الذي قد يغني الأشخاص، ولكنه بالكاد لن يغني فريق الكوكب. مثل هؤلاء المتطفلين يعرفهم العادي والبادي، مشهود لهم بانتفاخ أوداجهم إمعانا في إظهار فحولتهم، من خلال الزعم بارتباطهم وبوصايتهم التاريخية على الفريق، وهو ارتباط لم تكذبه الظنون فقط بل كذبه الواقع أيضا. قد يستغرب المرء من هذه الطينة الفاشلة التي تزعم لنفسها قوة التأثير، والقدرة على تغيير قيادات المكاتب، وحصل ذلك بالفعل. بالأمس القريب فقط شاهد المشجعون أفواجا من هذه الطينة تحمل عبء الترحال لمواجهة المسؤولين عن الفريق، ونعتهم بصفات لا تنطبق إلا على أصحابها، وغير مستعص اكتشاف أن هذه الوفود قد تكون «قبضت الثمن» جراء مواقفها المخزية والمذلة، مخزية لهم ومذلة للفريق، بفعلتهم التي أنتجت شظايا جمهور يحسن التصفيق المؤدى عنه، كما يحسن إلصاق التهم بالشرفاء، الذين نذروا ذواتهم وأموالهم لتسيير الفريق. بلية الكوكب الكبرى تكمن في إلتصاق الفريق ببعض من يعدون أنفسهم طاقات فاعلة في الميدان الرياضي، خيل لها أنه تملك العصا السحرية، التي بمقدورها تحويل الهزائم إلى انتصارات، فعضت بالنواجذ على الفريق إلى أن أدمته وحولته إلى أشلاء تتودد إلى الحظ لإنقاذه من وهدة السقوط ومن دوامته المجهولة. سيظل فريق الكوكب كبيرا رغم إساءة البعض (مسيرين وجمهورا)، وسيظل المناوؤن للإرادات الشريفة يجترون الهزائم تلو الأخرى، وسيتحول لهتهم وراء المظلات إلى زقوم يحرق أمانيهم، ويكسف هويتهم أمام الجمهور. مثل فريق الكوكب المراكشي لا يكبر بالأماني والمتمنيات، ولا بانتظار الحظ العاثر، لكن يكبر باستنفار كل الطاقات العاشقة لفريقها دون طمع، ولا استجداء إتاوات يجود بها من لا يقدر شناعة الجرم الذي يرتكبه، عندما يدلق في يد «فلان أو فرتلان» بعض القروش لأجل الحصول على مداراته والترويج لبضاعته، التي أبانت كل المعطيات على أنها بارت «وأن ضرها أكبر من نفعها». مرة أخرى على الذين يدعون حب الفريق أن يبتعدوا عنه، فبذلك فقط يتغلب على كل المعوقات، وفي مقدمتها من يعتقد أن قيادة الكوكب لا تتم إلا عن طريق الإرتشاء وصناعة ممجدين كشفت الحقائق على أنهم سبب بلايا الفريق. من الآن على الجمهور «النقي» ألا ينتظر ما ستجود به الأقدار، بل من واجبه أن يصنع تلك الأقدار، وأول خطوة في سبيل تحقيق ذلك أن يقتلع جذور الفساد. عند ذلك فقط سيبتسم الحظ للفريق، ويصنع الجمهور الحقيقي الملحمة الكروية لمدينة في حجم تاريخها الرياضي.