يوجد مجلس المنافسة على أعتاب إصلاح لنصه التأسيسي، والرهان هو تمكين هذه المؤسسة من اختصاصات سلطة مستقلة قادرة على الاضطلاع بالمهام التي ستناط بها، وهناك وسؤال يفرض نفسه في النقاش حول عمق ورهان هذا الإصلاح. وهو التساؤل المتعلق بالعلاقة المفصلية التي ستنشأ بين المنظم القطاعي والمجلس المكلف بالقانون العام للمنافسة. اليوم هناك مقاييس منظمة قائمة في القطاعات الأساسية. القواعد القطاعية وحدها المختصة في سلسلة من الميادين: من أجل مراقبة احترام الالتزامات الموضوعة على كاهل الفاعلين والمتعاملين في السوق، ومعاقبة الاخلالات المحتملة، من أجل منح الموارد التقنية الضرورية لنشاطات القطاع (الموجات والأرقام في الاتصالات) والسهر على حسن استعمالها، ومن أجل تحديد المعايير التقنية أو المالية لسير النشاط، وضمان الحق في الترابط،. هذا الدور للمعايير القطاعية في المجالات التي تشكل قلب الاختصاصات المخولة لها بدون منازع، دور أساسي مادام هذا الدور حيويا للسير السليم للقطاع. وكل الاختصاصات الأخرى ليست أو لا يمكن تخويلها حصريا للمنظم القطاعي، لكنها أو المفروض أن تكون متقاسمة مع الحكومة ومجلس المنافسة. الأمر ينطبق على حالة التتبع وتدبير المخاطر التي تفسد المنافسة في القطاعات ذات الخدمة العمومية، والتي تطرح مشاكل حقيقية بالنسبة لشفافية وعدالة المعاملات (الدعم المتقاطع، والخدمات المقدمة من طرف بنيات مندمجة))، يجب أن تكو موضوع اهتمام مشترك مع المجلس. وهنا يطرح بالضرورة مشكل تنسيق عمل هذه المعايير التنظيمية القطاعية المستقلة مع قانون المنافسة عبر المجلس، قضية لا تطرح أية صعوبة في العديد من الدول وكمثال في فرنسا مجلس المنافسة يتلقى شكاية من وكالة تنظيم الاتصالات art في حالة استغلال موقع مهيمن أو ممارسات غير تنافسية في قطاع الاتصالات، وتتم استشارة نفس المجلس حول مفهوم الهيمنة الممارسة في سوق مهمة التي تبرر التزامات أقوى بالنسبة للمتعاملين المعنيين. من جانب آخر، فإن رأي وكالة تنظيم الاتصالات ART مطلوب من مجلس المنافسة عندما ترفع إليه شكايات حول ممارسات في قطاع الاتصالات. لماذا مثل هذا التقسيم الذي يعقد تقييم أدوار كل واحد، ويمكن أن يخلق نزاعات؟ التمييز لا يكمن في الحرص على بناء منطقي أكثر منه في الرغبة في احترام توافق سياسي ضمني، على المنظم القطاعي أن يحدد المعايير التقنية القانونية والاقتصادية الضرورية للحفاظ على التوازن التنافسي، وتعود إلى المجلس مهمة ضمان قواعد المنافسة وتعود إلى الحكومة، تحت إشراف البرلمان، مهمة احترام مهام الخدمة العمومية التي يبقى محتواها وتحققها رهينا بالمقتضيات المضمنة في المقتضيات التنظيمية. ويمكن الحكم على هذه الحدود المفترضة بالقول بأن الالتزامات المحددة في التراخيص وتحديد الأسعار هي عناصر ضرورية للتوازن التنافسي الذي يجب أن تحرص عليه المنظمات القطاعية. ويمكن أيضا التأكيد على أن التصرفات اللاتنافسية يجب أن تكون نابعة من التقدير الخاص للمنظمات القطاعية التي تتوفر على سلطة مهمة في مسطرة اختيار الفاعلين. والجواب في الحقيقة، ليس في النص بقدر ماهو في الاستعمال الذي ستقوم به الحكومة والمنظم القطاعي والمجلس للسلطات المنوطة بكل واحد على حدة. ماهي لعبة الأداور التي يمكن أن تنشأ بين الحكومة والمجلس والمنظم القطاعي خاصة في هذه المنطقة الرمادية التي يمكن أن يطالب كل طرف بنصيب في القرار؟ والقضية ليست في معرفة من سيفرض نفسه على الآخر، ولا في من سيتوفر على حق وفق القرار النهائي، أو على العكس من يستطيع بقوة اقتراحه أو خبرته أو اشهاره أن يعرف بمبادراته أو آراءه. وتحت ضغط مجالسهم * سيحاول الفاعلون الاقتصاديون »اختبار« كل واحد منهم وربما دفع واحد ضد الآخر. ويبقى نجاح أو فشل التنظيم الفعال رهينا بشكل كبير بالتعامل الذكي بين هذه المؤسسات .وسيبنى اجتهاد فقهي فعال بالتشاور مع مجموع الفاعلين. وبالتأكيد وفي كل الأحوال هناك مكان لسيناريو التكامل البناء حيث كل طرف يقدم للآخر ما يشكل قوته: استباق المشاكل العامة للمنافسة بالنسبة لمجلس المنافسة والمعرفة العميقة بتقنيات واقتصاد القطاعات بالنسبة للمنظمات العمودية. وفي كل الأحوال على الحكومة والمشرع أن يكونا واضحين في رفضهما لبناء قانون للمنافسة خاص بكل قطاع، عليهما أن يشجعا الحكم التقني للقطاع ومجلس المنافسة على التعاون في المجالات التي يعتبر فيها استقطاب الاختصاصات أمرا لا جدال فيه.