إنها من المفارقات العجيبة بتالسينت، ففي الوقت الذي أقدم فيه المغرب على خطوات حثيثة من أجل إرساء دولة الحق و القانون و بناء مغرب الحداثة و الديمقراطية و طي صفحة سنوات الرصاص، مازال البعض يغرد خارج السرب! فبعد العديد من الخطوات النضالية التي كان يقوم بها أبناء أسر المقاومين بتالسينت إقليم فجيج، من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة و المتمثلة في التشغيل و العيش الكريم، أُبرم اتفاق خلال السنة الفارطة مع عامل إقليم فجيج على أساس تشغيل البعض منهم في شركة «ساني» للأمن و الحراسة في المؤسسة التعليمية بمركز تالسينت ( ثانوية بدر ، مدرسة الساقية الحمراء، و مدرسة مولاي علي ابن أعمر) . و كان التوافق مع المسؤول الأول للداخلية بالإقليم على منح هؤلاء الحراس الحد الأدنى للأجر، لكن مسؤول الشركة لم يسلمهم سوى 1600.00 درهم مع الإصرار على أن يوقعوا على وصل التسليم الذي يتضمن 1800.00 درهم كما يتبين من خلال كشف الراتب (Bulletin de paie ) . و كان رد فعلهم أن رفضوا هذا العرض المغرض في حقهم و في حق القوانين الجاري بها العمل في ميدان التشغيل. و ما زاد الطين بلة أن قام مسؤول الشركة بعد تشاوره مع قائد رئيس ملحقة تالسينت، بأن طرد هؤلاء المستخدمين و استبدالهم بآخرين، الشيء الذي أدى بأبناء المقاومة إلى العودة إلى النضال مجددا فأقدموا على اعتصام مفتوح أمام مقر قيادة تالسينت للتعبير عن استنكارهم لهذه المؤامرة ، وذلك منذ يوم السبت 4 يونيو 2011 . و بعد تهديدهم بإخلائهم من المعتصم من طرف القائد حملوا معهم قنينات من البنزين لحرق أجسادهم في حالة حرمانهم من حق الاحتجاج. و في يوم الأربعاء 08يونيو 2011 وقع الذي لم يكن في الحسبان، و بدل فتح حوار جدي و مقاربة تواصلية مع المعتصمين أعطى القائد أوامره بفك الاعتصام لأفراد القوات المساعدة الذين كانوا مترددين في التنفيذ. وبعد مشادة كلامية بينهم «أجهزوا» على المعتصمين مما جعلهم يشعلون النار في ذواتهم مما نتجت عنه حروق خطيرة في الأطراف و الوجه نقل اثنان منهم على وجه السرعة إلى الرشيدية، ونقل الآخرون إلى المستشفى المحلي بتالسينت! فأين نحن من التراكمات التي حققناها في العشرية الأخيرة في بلورة المشروع الديمقراطي الحداثي المرتكز على إرساء دعائم حقوق الإنسان و المواطنة !؟ أين موقع بعض الذين يعاكسون التيار في التدبير من المفهوم الجديد للسلطة و المقاربات الإصلاحية التي دشنها ملك البلاد في التاسع ( 09 ) من مارس !؟ .