(*)كل هاجسي الآن هو أن أقول قولا غير مكرور بصدد إبداعات وتأملات الفيلسوف محمد سبيلا . و في الأمر تحد ومغامرة وقصد . المغامرة هي إثبات أن كل كتابات الفيلسوف محمد سبيلا لا تعود إلى فكرة واحدة فقط بل إنها انشغلت منذ بدايتها بذات الفكرة وما حادت عنها قيد أنملة. والتحدي هو إثبات ذلك بالنصوص والإحالات . والقصد هو الوقوف اعترافا وامتنانا بفيلسوف يعود إلى علمه وكرمه ونبله وعطفه ودماثته الفضل الفاضل فيما أكتب وما أترجم. « كيف يمكن أن نكسب الحداثة دون أن نخسر أنفسنا ؟ كيف نكسب العالم دون أن نخسر ذواتنا ؟ هذا رهان أتحدث عنه بلغة التراجيديا و التمزق و التوتر و الكآبة... « دمحمد سبيلا الفكرة الواحدة المقصودة تدور في فلك هذه المفردات وما جاورها : الإمتساخ والخلل والأزمة والضيق والجائحة والتفاهة والرداءة والبلادة والغباوة والإحراج والمصيبة والعدمية والمحنة والغم والتمزق والهجانة... أي ما يشبه العطب. وهي كلها مفردات من أسرة واحدة....... أمشاجها ووشائجها . فما طبيعة وجود هذا القاموس المفهومي في متن الفيلسوف محمد سبيلا ؟ وما علاقة الحداثة والعقلانية والأنوار والديمقراطية وحقوق الإنسان والتسامح والعلمانية والشرط الفلسفي بما يشبه « العطب». ما هو» العطب»؟ قبل محاولة تحديد هذا المفهوم ومجاله التداولي لا بد من مقابلته ومقارنته بتلك المفاهيم الحافة به. كالقلق أو الجائحة ( ماليز) لدى فرويد و الرداءة ( ميديوكرتي) لدى نيتشه والتفاهة ( بناليتي ) لدى حنا أرندت ورفع سحرية العالم ( ديزونشانتمان ) لدى ماكس فيبر والبلادة أو الغباوة ( بيتيز ) لدى دولوز... في ما بين سنة 1929 و 1930 كتب سيغموند فرويد كتابا سماه «قلق في الحضارة» ( داز أونبيهاغين إن دير كولتير) أو «محنة الحضارة» كما يترجمها الأستاذ. يمكن للمفردة «أونبيهاغين» أن تعني المحنة أو القلق كما تعني الاضطراب وعدم الارتياح ( ماليز)، ويمكنها أن تفيد الكساد (الركود والبوار والإهمال) كما تفيد الجائحة وهي حالة لا ينتظر منها خيرا ولا شكورا سواء في بضاعة أو في إنسان أو في مجتمع.. ومؤداها أن متطلبات المجتمع وتقدم الانسانية وسعادة الفرد تتم على حساب ملذاته وأفراحه. الحضارة أو الثقافة تحرم الفرد من مغرياته ومبدأ الواقع يتجبر على مبدأ اللذة. أمام الشعور بهول ما لا يمكن الإحاطة به (أوسيانيك ) وبين مستقبل الأوهام يبرز العطب فيما هو إجتماعي (الفرد لا يطيق العزلة) وما هو فردي لا اجتماعي (الفرد لا يطيق الإكراه). الجائحة هي ما يحيط بهذا البناء الفكري الدرامي للعالم (جائحة فالتانشونغ). أما مفهوم «الرداءة» لدى نيتشه فيندرج ضمن العديد من المفاهيم النقدية مثل العدمية والتبخيس والانحطاط والغل .. وهي مفاهيم تسمح بنقد الجوانب النافية والمنكرة للحياة وحيويتها في الواقع كما في الثقافة. الرداءة تبخس من حيث جوهرها الكفايات الإبداعية وتمنع ظهور الناس الأقوياء. إنها إحساس الغريب الذي آلمته جلدته. وهي من جهة أخرى إعلان منذر لاشمئزاز كبير يؤثر على مرحلة يصفها نيتشه بمرحلة «الجائحة» (كلاميتي ). من ثقافة الحشود والقطيع تنبثق الرداءة والتأخر الثقافي الذي يتماهى والعطب فيما يمكن تسميته بهيستيريا الحشود وجماعات الأردياء. تتسم هذه الحقبة التي ينتقدها نيتشه بثلاث عاهات: هي السذاجة (أو البلادة الأخلاقية) وبله الحواس (أو أبريتيسمان) والهرولة والتسابق (أو الزلفى)... من جهة أخرى نشعر بالتفاهة حين نكون أمام رجل تافه. خضع خنوعا للأوامر. تنازل عن حقه في التفكير و تخلى طواعية عن قدرته على التمييز بين الخير والشر. تجسد هذا المعنى لمفهوم «التفاهة» في شخص جندي نازي، مجرم حرب، يدعى أدولف أيخمان . حوكم سنة 1962 وتكلفت حنا أرندت كمراسلة لجريدة يوركا الجديدة بتغطية محاكمته. « أيخمان في القدس» أو تفاهة الشر هو المؤلف الذي أصدرته حنا أرندت سنة 1963 بعد المحاكمة. وأكدت فيه أن وحشية الرجل لا تعود إلى قساوته بقدر ما تعود إلى رداءته، من هنا مفهوم «التفاهة». تفاهة الشخص. وتفاهة الشر الذي قام به. وهي تحديدا قبول الأخلاق كمسلكيات دون استعمال العقل، أي خضوع العقل للأهواء (كانط) وخنوع الإرادة للنزوات.... والحال أن الحد من عطب التفاهة هو القدرة على استعمال العقل وقوة الإرادة والخيال وملكة الحكم. «رفع الطابع السحري عن العالم» ( ديزونشانتومان ) هو ما تحققه العلمانية والحداثة، أي الخروج من ظاهرة اجتماعية تتراجع فيها المعتقدات الروحية السحرية و يضيع فيها المعنى و تنحط القيم . «رفع الطابع السحري عن العالم» هذا هو ضياع لوهم مستتب كان يضفي على العالم سحرا لا يقاوم. والعطب الذي تلامسه هذه المفردة لماكس فيبر هو ضياع حقيقة الإنسان المتجلية في إنسيته وقيمه الإيتيقية بسبب أعطاب الحداثة........... أما البلادة فهي طريقة منحطة للتفكير حسب جيل دولوز. وتشكل أكبر ضعف للفكر. عكس الخطأ الذي يمكن تداركه . البلادة غباوة تكرر نفسها و ترهاتها في دائرة لا يمكن الانفلات منها . لذا فبنية البلادة شبيهة بالدائرة. تلك التي يضع فيها البليد ذاته وينسى هويته. إنها عاهة أو تشويه لملكة الحكم الدقيق أو الصائب ولا علاقة لها لا بالمعرفة ولا بالحقيقة ولا بالخطأ (ديريدا). البلادة في الفرنسية حسب هذا الأخير (بيتيز) ترتبط بالحيوان، بالبهيمة (لابيت) وليس لها من جوهر يحدد ماهيتها، إنما هي بهيمة ليس إلا. لذا لا يمكننا تعريف حدها بدقة ولا يمكن وصفها بالبليدة ولا بالغبية لذلك ليس هناك من عطب بين البهيمة والبلادة في حين العطب قائم في علاقتها بالإنسان. فكلما ركز الفرد على أناه أو إنيته (أنا أفكر) إلا وأظهر غباوته وكلما كرر ذلك كلما زاد بلادة. حتى كوجيطو ديكارت لا يخلو من غباوة. الذي حدد مهمة الفلسفة باعتبارها «تنغيصا للبلادة» هو نيتشه (دير دومهايت شادن ثون). فالمهمة النبيلة للفلسفة وكذلك للفن هي إقلاق وإيقاف امتداد رقعة الغباوة لأن الفلسفة تفخر بمهمتين هما «أن ما يدفعنا إلى التفكير هو كوننا لم نبدأ التفكير بعد» (هايدجر) وثانيا «الفلسفة تصلح لتكدير صفاء المرء. فالفلسفة التي لا تحزن الناس ولا تضادهم ليست فلسفة» (دولو). بمثل هذه المهام نعي البلادة ونحاصر العطب. العطب: كل هذه المفاهيم تحمل عطبا أو أعطابا في ماهيتها.. العطب من عطب جمعه أعطاب ويعني الخلل والعطل. عطب الفرس: أصابه العياء أو إنكسر. عطبت الفاكهة : فسدت. عطب على صاحبه: غضب عليه أشد الغضب. وعطب: هو أيضا هلك. وكذا اعتطب. المعاطب هي المهالك. واحدها معطب. معطوب مصاب بعطب أي بضرر. إعطاب الرجل إصابته بعطب..... مجمل هذه المعاني لها صلة ما بالمفاهيم الفلسفية المشار إليها سلفا. فعلاقة الجائحة بالعطب تبدو في كونها تهلك وتدمر المحصول والعقل وتعطب كل ما يقع تحت نفوذها. أما الرداءة فتمارس الخلل وتحد من السمو. و تظهر الأردياء كمعطوبي الكرامة . التفاهة إعطاب وإفساد لملكة الحكم والتقدير. التافه هو معطوب الحواس والعقل والتمييز. حين يرتفع الطابع السحري للعالم ويضيع رونقه يسود القلق جراء إيلاء العقل الآداتي الصدارة. العطب والضرر من سمات هذا العقل. أما البلادة فهي عطب الغباوة والسذاجة البلهاء... والغبي ساذج أعمى كصاحب الحاجة. الإستلاب والأيديولوجيا : إن تحقيب المتن الفلسفي لأي فيلسوف لا يخضع بالضرورة للتسلسل الزمني الخطي.. ولا يخضع للتتابع المنطقي حتى.. قدر خضوعه لمحركات لا يتحكم فيها الفيلسوف تحكما واعيا كلية. التحكم في الاختيارات وخلفية المشاريع والتيمات ومعالجتها غالبا ما تكون مرهونة بقوة «لاشعورية»، باهتمامات لا تفصح عن نفسها كامل الإفصاح، تبقى وراء مشهد المتن قابعة لكنها متحكمة موجهة لمواقف الفيلسوف ولاختياراته الكبرى. هكذا يمكن القول أن بدايات الكتابة لدى الأستاذ محمد سبيلا تحكم فيها إختيار»علم النفس» من شعبة الفلسفة وأغنتها قراءة إنتاجات مدرسة التحليل النفسي ( فرويد ) وبعض تأويلاتها السيكولوجية والفلسفية كما مارسها إريك فروم وكاترين كليمان وبول لوران حسون وويليام رايش وغيرهم .. كل هؤلاء العلماء كان البعد الفلسفي طافحا في تحليلاتهم السيكولوجية و كان الموقف الماركسي مرشدا لهم خاصة في بعده النقدي من خلال مدرسة فرانكفورت. وراء كل هذا كانت هناك طموحات الرجل وحساسيته واستعداده النفسي وانكسار أفق انتظاره مبكرا. (الشعور بالضيق وظلم ذوي المصالح أي العطب). وسط هذا المناخ الفلسفي وهذا الاستعداد بدأ الأستاذ محمد سبيلا الكتابة الفلسفية (تأليفا و ترجمة) ووصل به طموح الانخراط الفلسفي إلى حد التواصل في إطار التهيئ لدبلوم الدراسات العليا مع إيريك فروم ولهذا التواصل دلالة رمزية على الانتماء الفلسفي والاختيار الفكري للموضوعات المطابقة لإشكاليات المرحلة. مجموعة المفاهيم الأساسية لهذه الحقبة كانت هي الصراع الطبقي، الجدل، الاستلاب (في شتى تمظهراته الاغتراب، الألينة، التشيء) والأيديولوجيا.. إذا تأملنا مليا مفهومي الاستلاب والأيديولوجيا سنجد أنهما من المفاهيم التي نحتت للإجابة على أوضاع يمكن وصفها بالمعطوبة. فالأيديولوجيا هي دوما خطاب الآخر كما تظهر في دلالاتها الثلاث ألا وهي الوعي المقلوب أو الزائف والوعي الكلياني أو التبريري والبنية الرمزية للهوية الجماعية أو الطائفية (بول ريكور). إنها دلالات تلامس العطب الفكري أو الطبقي أو الإثني باعتباره وعيا مغلوطا أو وعيا مقلقا أو وعيا مقلوبا. لهذا السبب أفرد الأستاذ محمد سبيلا كتابا هاما للمفهوم تحت عنوان « الأيديولوجيا: نحو نظرة تكاملية « ( 1992 ). وكان غرضه من وراء ذلك تقديم آليات وإواليات فكرية لمقاربة «الأعطاب» التي يعاني منها الفكر العربي والمغربي على مستوى التصورات السياسية والاختيارات المذهبية والعقدية . أما الاستلاب فهو سيكلوجيا الانتقال من العقل إلى الجنون (اللاعقل) وهذا عطب نفسي. وهو من جهة أخرى ضياع الانسان على صعيد وعيه في حركة برانية لا تتحرك جيدا تجعل الفرد غريبا عن نفسه وليس سيد ذاته وهذا عطب فكري. والاستلاب انغماس في الهوية ونسيان للاختلاف وهعطب هوياتي. لمّا يشعر الوعي بأن الشيء ( البضاعة، المال، الحداثة ) بات غريبا عنه وهو مدفوع إلى التشبث به رغم أنه لا يحبه ( الجمال الغريب ) يغدو الاستلاب عطبا مفارقا. كما نعثر على ذلك في نص «جذور التملك وآفاق الكينونة» حيث يقول المفكر محمد سبيلا: « يرى إيريك فروم أن كلا من المجتمع المعاصر والفرد المعاصر يعيش حالة استلاب قوية فكلاهما مريض». ذلك أن التملك نقيض الكينونة، هذه الأخيرة تنتج الحرية أما الأول فيلد الاستلاب. أو كما هو الأمر في كتاب في الشرط الفلسفي المعاصر ( 200). فيه يرسم الأستاذ محمد سبيلا هدفا متواضعا من خلال قوله: « أمل هذه الكلمات (محتوى الكتاب) هو شحذ الأفكار و تطور الفكر». ووراء هذا الأمل الصادق هناك ترسانة من المفاهيم الفلسفية والإبستمولوجية تعمل على شاكلتين: الشاكلة الأولى مباشرة وواضحة المنطوق هي عبارة عن تيمات وموضوعات مضمون الكتاب كالحداثة وحقوق الإنسان ونهاية التاريخ والبنيوية والماركسية والفوضوية.. أما الشاكلة الثانية فهي مفاهيم غير مباشرة ملتبسة مسكوت عنها.. الأولى غرضها شحذ الفكر والرفع من مستوى النقاش الفلسفي بطريقة تربوية تعليمية تختصر طرق القراءة ومسالكها لكنها تومئ لمكامن الكنز المعرفي الفلسفي.. و ترشد الباحث ولا تبخل بالإفصاح عن مراجعها ومتونها .. بلغة مستهدفة تنتقي الكلمات والعبارات كما تحرص على رعاية المفهوم و تعريبه قصد تداوله. الثانية تنتقد واقع الحال من خلال نقد الأسانة الفكرية بروح التوجس والشك والوقوف على عناصر التوتر وعلى فخاخ الاستلاب، لأجل كشف الأوهام المعششة في العقل العربي والمغربي. النموذج الأمثل لهذا هو مقال «ديكارتيون بدون ديكارتية» ( ص 119 ). مفارقة العنوان تحمل في ذاتها أسوأ استلاب، فهي شبيهة بذلك الذي سار باكرا على الشاطئ تاركا آثار أقدامه ثم حين عاد القهقرى تسائل: لمن هي هذه الآثار الغريبة؟. تعرف العرب على ديكارت (ريناتوس كارتاتوس) منذ 1833. ويحكى أن الشيخ محمد عبده قد اعتمد على الآراء التي برهن بها ديكارت على وجود الله في دعواته الإصلاحية. وإذن كان الدافع الأول لهذا التلاقي ديني بله تيولوجي. ثم لعب الاستشراق دورا حاسما في التعريف بالفلسفة الغربية عامة والديكارتية خاصة: محاضرات ماسينيون مثلا ( 1912 / 1913)، وكانت نتائجه واضحة للعيان في اجتهاد طه حسين ودراسته للشعر الجاهلي وزكي مبارك في دراسته للغزالي. وسيمتد هذا التلاقح الثقافي أكثر من خلال مبادرات مصطفى عبد الرازق الذي حث محمود الخضيري على ترجمة «مقال في المنهج» وعثمان أمين على ترجمة «تأملات ميتافزيقية». هاجس آخر دفع العديد من المهتمين بالفلسفة الانشغال بديكارت لمقارنته بأعلام عربية إسلامية خاصة الغزالي وإشكالية الشك بدافع نرجسي هوياتي لا علاقة له بالمثاقفة. كل هذه القراءات لديكارت عثرت على ذاتها فيما كانت تبحث عنه ولم تدرك «المكانة الرمزية التي يعبر عنها الكوجيطو من حيث هو إحلال للذات البشرية في مركز الصدارة في المعرفة و التمثل» (ص 131). هذا هو الاغتراب الذي عبر عنه الأستاذ محمد سبيلا بالدور التالي : «ديكارتيون بدون ديكارتية». الحداثة وما بعد الحداثة لكن المفاهيم تمرض وتموت كما قال بول ريكور.. لم يعد للمفهومين «الأيديولوجيا» و»الاستلاب» نفس الحظوة ولا نفس القدرة على تقدير رقعة «العطب» الآن : أقصد بعد سقوط جدار برلين وانحلال الاتحاد السوفياتي و تجذر الرأسمالية في ما سمي بالعولمة وكذا الربيع العربي .. وعيا منه بهذا التحول في البراديغمات أقبل الأستاذ محمد سبيلا على مفهومي «الحداثة» و»ما بعد الحداثة». ومنحهما مساحة شاسعة في اهتماماته وكتاباته. إذا كان الاستلاب والأيديولوجيا يشيران كمفهموين إلى الاغتراب والضياع والضيق أو العطب، فإن الحداثة وما بعدها يحتويان هذه الحالة الأخيرة ويقترحان لها من الحلول ما يعد تجاوزا وانتصارا عليها وعلى أسباب التأخر والتردي الناجمة عنها. لهذا السبب ولشساعة ماصدقيهما تبناهما الفيلسوف محمد سبيلا في كل مقارباته الفلسفية وجعل منهما مادة تعليمية وأكاديمية ثم ركز من خلالهما كل مداخلاته ومناقشاته. لكن الأهم في الموضوع لديه هو تهيئهما لمقاربة العصر الذي نعيش فيه. فإشارته واضحة، في تحليله للتحولات الكبرى للحداثة ولمساراتها الإبستمولوجية ودلالتها الفلسفية، للنعوت التي ينعت بها ذات العصر كالتفاهة والهشاشة والفراغ.. إن شعوره بالقلق اتجاه عصرنا وبالعطب في دينامية صيرورتنا هو الهاجس الأهم الذي دعاه للحديث عن فراغ المعنى والأيديولوجيات العرقية ورفع القدسية عن أيقونات العالم. « هل باستطاعة الحداثة إفراز وعي تاريخي إيجابي وفاعل وبلورة استجابة ملائمة وموفقة مع تحديات العصر أم ستغوص من جديد في إفراز الأوهام وأشكال الوعي المقلوب»؟. كل هذا الخلل الإشكالي والإنكاري يمكن نعته إذا سمح الفيلسوف محمد سبيلا ب «العطب».. أو ما يشبه العطب. - - (*) ألقيت هذه الوريقات إبان تكريم الأستاذ محمد سبيلا من طرف جمعية الفكر التشكيلي بتنسيق مع وكالة المغرب العربي يوم 21 يوليوز 2016.