إنها صورة ظلت راسخة بعمق في مكان ما من جلد روحي: أنني سألتقي يوما بامرأة متشحة بصباح أزرق. لا أدري ربما كنت صغيرا جدا لما أدركت أنني لا أتجه إلى شيء، وقد مر عمر كامل، سوى لأراها تستيقظ. امرأة تنام داخلي بنوع من الحزن الممزوج بظلال وارفة من الحنين والزعفران.. وها قد استيقظت أخيرا، أيتها الروعة، بينابيعك ومروجك وبساتينك. وأنا كمن يمسك بيده حجرا مكسورا، ألتقي بطفولتي الباكرة، لا لأرمي الشجرة التي تتصاعد من عينيك، بل لأهش على الأوزان والإيقاعات والمعاني كي تستوعب هذا الذي أعيشه معك الآن. يمكن لأي كان أن يراك مثيرة ورائعة. أما أنا، فأراك سماء شاسعة من الصواعق اللذيذة الموجهة لي وحدي، صاعقة تلو صاعقة، ولذة تلو لذة، وإمعان تلو إمعان. لقد قال ريتسوس شاعر اليونان العظيم: «الشعر هو التحقق السري للسر»، وأنا أقول إن حبك هو شهقة الله على سرير الأسرار». شعرت دائما أن هناك ركنا ما غامضا وسريا يتسع داخلي كلما تباعدنا في المكان، ويضمر كلما اقتربنا في الحب واللمس والكلام. ما أروع أن تلمسني يداك، وما أبهى أن تعلق رائحتك بأطراف أصابعي. صدقيني حبيبتي أنا أشمها الآن وأستجمعها لأحولها إلى غطاء ووسادة. سأتغطى بك هذه الليلة، وستكون رائحتك هي منفذي السري إليك.. حبيبتي، يا ضوء الأشياء الحقيقي، هذا المساء.. كنت أنت النص الأصلي ل»الغجرية» التي طالما حلمت بها. أحببت غجريتك، ودمالجك.. والروح الملونة التي كانت تجثم على وجهك. ربما لم تلاحظي أنني كنت مستثارا قليلا وأنا أتابع حضورك الكثيف والمنساب. هل كنت أريد أن ألتصق بك؟ أن أرى يوم الغد معك؟ بتأكيد مطلق كنت أريد هذا وأكثر. الأشجار والغيوم والأرض والنوافذ والسطوح والتلال والجبال والأوراق، وما له علاقة بالألوان والأشكال والموسيقى. كنت أريد أن أنفخ فيك من روحي، وربما أجعلك تعزفينني بناي أنفاس. الآن، في هذا الليل.. في هذه الفوضى التي ترافقني، أشعر بأني منفي عن بلادي، وأحلم بأن تمدي منديلك الأزرق جسرا حتى أعبر الباب والجدران، وأطوي المسافة، وأتفاعل معك، وأتكرر في وجعك، وأشفطه بزعقة نسر يحلق في الأعالي.. أحبك مرة أخرى في أعاليك، وأمشي إليك بشغف يا سنديانة القلب والأقاصي..