تحل الذكرى الثانية والعشرون لميلاد اتحاد المغرب العربي الذي رأى النور بعد الإعلان التاريخي للملوك والرؤساء بالبلدان المغاربية الخمسة عن معاهدة مراكش في 17 فبراير 1989. وإذ خلق مشروع بناء الاتحاد المغاربي بوادر الأمل والاعتزاز لدى الشعوب المغاربية وقواها الحية ونخبها الواعية، فما لبث هذا الشعور النبيل بالتشبث باتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي وطموح مشروع أن انتابته خيبة الأمل وحالة تأزم، جراء السير في الاتجاه المعاكس والخط المتعارض للالتزام والتطلع لبناء اتحاد مغاربي مستقر ومندمج ومزدهر. فواقع الحال يشير إلى دخول اتحاد المغرب العربي في النفق المظلم ويكرس أوضاع الجمود وتعطيل المشاريع والمبادرات الهادفة إلى بناء الصرح المغاربي، اقتصاديا واجتماعيا وبشريا وثقافيا. وفي ظل استمرار إغلاق الحدود المغربية الجزائرية والإحجام عن تطبيع العلاقات بين البلدان المغاربية الجارة، وما يترتب عنها من عرقلة تنقل الأشخاص وتبادل السلع والمنتوجات والخدمات وحركة رؤوس الأموال، لا يمكن بناء اتحاد المغرب العربي أو تصور جدوى اشتغاله وحظوظ إقامة سوق مغاربية حرة مشتركة، وتنشيط المبادلات التجارية البينية وأوجه التعاون والتكامل الاقتصادي. إن تداعيات اللا مغرب عربي اليوم لا تخلو من إفرازات وإسقاطات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي لبلدانه، حيث يكلف حاليا عدم تفعيل بناء المغرب العربي ما يزيد عن2% من معدلات النمو لكل واحد من أعضائه، ويعيق وتائر ومعدلات التنمية الشاملة والمستدامة للاقتصادات المغاربية متفرقة ومنفردة. وجمعية الاقتصاديين المغاربة التي تضطلع بالأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي للاقتصاديين، والتي تحمل رسالة نشر ودعم الفكر الاقتصادي الملتزم والمتقدم والمتنور وهي تستحضر أوضاع مسار اتحاد المغرب العربي، تستشعر الوعي المغاربي وضمائر كل ذوي النيات الحسنة والإرادات الصادقة للتعبئة واستنهاض الهمم والعزائم من أجل عودة الروح إلى المشروع المغاربي، وتحريك مؤسساته وآلياته وتفعيل مشاريعه وأوراشه الكبرى بما يخدم بناء التكتل الاقتصادي للبلدان المغاربية الخمسة. وإذ تجعل من مناسبة إحياء الذكرى 22 لميلاد اتحاد المغرب العربي وقفة تأمل وتدبر لاستقراء الراهن السياسي والاقتصادي للاقتصادات المغاربية الخمسة واستشراف آفاق المستقبل، لا يسعها إلا أن تجدد النداء ككل سنة في مثل هذه المناسبة وتناشد كل الغيورين على المشروع المغاربي للتأكيد على تشبثهم باتحاد المغرب العربي، والسعي لإخراجه من النفق المسدود بتغليب مواقف التبصر والحكمة وروح المسؤولية وبعد النظر، خدمة لأهداف الشعوب المغاربية ومقاصدها المنشودة. (*) رئيس جمعية الاقتصاديين المغاربة والامين العام لاتحاد المغرب العربي للاقتصاديين