عهد الملك الحسن الثاني كان عهد ملكية سلطوية تتزاوج فيها صورة الحاكم مع صورة الإمام، إنه أمير المؤمنين الذي يترسخ في قلب الزمن كسلطة دينية في سياق تنتقد فيه الحركات الإسلامية الناشئة النظام وتدعو إلى قيام »خلافة ثانية«. أما الأحزاب السياسية العلمانية التي كانت في السابق ترفض هذا الجانب من السلطة، وترى فيه علامة على »استبداد قروسطي» بدأت تعترف به بل وتدافع عنه بقوة على أمل ضمان تمدين الحقل السياسي الحزبي. إن هيمنة الملك على الحقل الديني والذي يتوخى عزل القوى السياسية الإسلامية المعارضة يقود بالضرورة إلى تثبيت وتقوية وضع الملك كأمير للمؤمنين. ملك وأمير المؤمنين هما وجهان للملك كما أعاد بناءها الملك الحسن الثاني في مغرب ما بعد الاستعمار، وتتجسد إن رمزيا على مستوى اللباس من خلال ارتداء البزة العسكرية أو اللباس الأوربي من جهة، والجلباب والطربوش (الفاسي) من جهة ثانية، وهنا تكمن خصوصية الملكية المغربية. وهذا الكتاب يحاول تتبع نشأة هذه الملكية كما أعاد الملك الحسن الثاني ابتكارها... يركز الخطاب الديني المدرسي على هذه النقطة ويحاول إبراز »خصوصية وسمو« السلطة السياسية في الإسلام بالمقارنة مع الليبرالية والشيوعية، وهكذا يتم وضع نظام تضادات، يضع الإسلام في تنافس تارة مع الرأسمالية وتارة أخرى مع الشيوعية. ومن خلال هذا التضاد المزدوج. يفرز معدو المقررات نظاما سياسيا "متفردا" له، حسب هذه المقررات، "كل فضائل الأنظمة الأخرى دون مساوئها«." وعينة المقولات التي نورد هنا تعطي فكرة عن التضادات التي ينطوي عليها خطاب المقررات، والتعابير التي تشكل هذه العينة هي التعابير المستعملة في المقررات لإعلاء قيمة الإسلام وإقصاء الليبرالية والإسلام.