بوريطة: المغرب ملتزم بالعمل الجاد والملموس في إفريقيا    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بلجيكا تعتمد إجراءات صارمة لتشديد سياسات الهجرة ولمّ الشمل العائلي    شمس الدين طالبي يغير جنسيته الرياضية استعدادًا لتمثيل المغرب    الصيباري يساهم في تأهل إيندهوفن إلى ثمن نهائي دوري الأبطال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    السلامة الطرقية.. التزام عالمي بخفض عدد الوفيات إلى النصف في أفق 2030    اكتشاف نفق سري بين المغرب وسبتة يستخدم في تهريب المخدرات    اعتقال سبعة بعد تراشق بالبيض والحجارة بالدار الييضاء    ابتدائية البيضاء تدين المدعو جوناثان هاروش بسنتين حبسا نافذا بتهمة النصب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    حماس تسلم جثث أربع رهائن قتلوا في قصف إسرائيلي    بحضور وزير الثقافة المغربي.. اتفاقية جديدة لتعزيز ممارسة البريكين بين المغرب وفرنسا    أطلنطاسَند للتأمين تفوز بجائزة الابتكار في تأمين السيارات المستعملة ضمن جوائز التأمين بالمغرب وأفريقيا 2025    امتلاك قرار وسيادة الأمة بناء ومقاومة    اختتام فعاليات النسخة الأولى من برنامج "فيفا كرة القدم للمدارس بالمغرب"    انتصار قضائي لزكرياء أبو خلال ضد قناة فرنسية    الفريق أول، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يستقبل بأكادير قائد قوة البعثة الأممية بالأقاليم الجنوبية للمملكة    عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي: تحول استراتيجي يغير أولويات القارة    السعودية تعول على الصين لزيادة سعة رحلات الطيران بمقدار 1.5 مليون مقعد جديد    مجموعة أكديطال تعزز شبكتها الصحية بالاستحواذ على مصحة العيون ومركز الحكمة الطبي    بلجيكا تعلن عن تدابير جديدة لتشديد الهجرة والتجمع العائلي    الفرق المتأهلة لثمن نهائي دوري أبطال أوروبا وموعد القرعة    أنشيلوتي بعد التأهل لثمن نهائي دوري أبطال أوروبا: "لا تهمني هوية الخصم القادم"    أكادير.. المفتش العام للقوات المسلحة يستقبل قائد قوة البعثة الأممية بالأقاليم الجنوبية    بنعلي تتحدث لأول مرة عن "واقعة القبلة" مع رجل الأعمال الأسترالي    حماس تسلم إسرائيليين في توابيت    احتجاجات في مراكش ضد مشاركة وزيرة إسرائيلية في مؤتمر دولي    إيران تلامس ألف تنفيذ لعقوبة الإعدام خلال سنة 2024    بنعلي: "حكومتا بنكيران والعثماني عطلتا إصلاح قطاع الطاقة وأخنوش أنقذ المغرب من الكارثة"    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء على يد ريال مدريد    خبير أمريكي: المغرب أبان مجددا عن نجاعة استراتيجيته الأمنية المتينة    سينما المغرب في مهرجان برلين    نيروبي.. المكتب الشريف للفوسفاط يقدم حلوله المبتكرة بالمعرض الإفريقي للفلاحة 2025    المخزن الذي نفتخر به: يدبر التوازنات ويصنع التحولات    مقتل شخصين في حادث تصادم طائرتين صغيرتين جنوب ولاية أريزونا    برئاسة المغرب.. إحداث الشبكة الإسلامية لهيئات حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي    آبل تطلق iPhone 16e بسعر أقل وميزات ذكاء اصطناعي متطورة    كوريا: الرئيس المعزول يون يمثل أمام أول جلسة محاكمة بتهمة التمرد    مؤتمر للشبكة المغربية الموريتانية لمراكز الدراسات لتعزيز دور العلوم الاجتماعية في التنمية بين البلدين    تحذير مقلق.. "ناسا" ترفع احتمالية اصطدام كويكب بالأرض    أزمة المستحقات بين الشوبي ومالزي    "بويذونان".. دراما مشوقة على قناة "تمازيغت" تفضح خبايا الفساد ومافيا العقار بالريف    تحت شعار «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع التنموي الديمقراطي» الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين    وزيرة الثقافة الفرنسية: المغرب يمثل مرجعية ثقافية عالمية    إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    وفاة المطربة آسيا مدني مرسال الفلكلور السوداني    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    رامز جلال يكشف اسم برنامجه الجديد خلال شهر رمضان    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    السعرات الحرارية الصباحية تكافح اكتئاب مرضى القلب    صعود الدرج أم المشي؟ أيهما الأنسب لتحقيق أهداف إنقاص الوزن؟"    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    









الواقع الحسي بين الأفلام الاستهلاكية والواقعية بين فيلمي «"خيط الروح" و"فين ماشي يا موشي"»

الذين شاهدوا فيلم «"فين ماشي يا موشي"» للمخرج حسن بنجلون، والذي تم تصويره في مدينة أبي الجعد أو "الزاوية الشرقاوية" لم يدركوا أن غياب الحس الفني والهم والتاريخي والثقافي والصوفي للزاوية الشرقاوية قد غفل عنه المخرج حسن بنجلون، ولم يعطه الاهتمام الذي يستحقه، وعندما تسأل ببراءة شديدة عن هذا الغياب والطمس للأحداث والوقائع لتلك الفترة، التي كان فيها يعود أبي الجعد المغاربة، يحتمون ويتمسكون بحفدة الولي الصالح سيدي محمد الشرقي، نجد أن المخرج قد قام بتوقيف زمن يهود أبي الجعد بعد سفر اليهودية "رحيل بنت شالوم"، وكأن اليهود الذين هاجروا معها مدينة أبي الجعد ..، قد تركوا أبي الجعد بدون حركة، وقد شلت الحياة بعد رحيلهم دون الاشارة إلى أن اللحظة الراهنة التي كانت فيها أبي الجعد معقلا وحصنا للوطنيين ضد المستعمر الفرنسي، ناهيك على الحدود الفاصلة بين يهود أبي الجعد، وتقاليد وطقوس أهل الزاوية الشرقاوية.
ومن هنا، يظهر بوضوح جلي، أن تصوير فيلم «"خيط الروح"» لمخرجه البجعدي حكيم بلعباس،قد عرف كيف يضع يده على الجرح البجعدي، وهو ينغمس داخل تقاليد عريقة، وصور حية كانت ومازالت إلى يومنا هذا موجودة بالمدينة. كما أن فيلم "«خيط الروح"» الذي يعبر بصدق ولذة روحية منفردة بالإنسان البجعدي، لم نجدها في فيلم «"فين ماشي يا موشي"» الذي يعيد لنا شريط يهود أبي الجعد بنوع من الحنين المفقود لدى الشعور البجعدي تجاه مدينة عتيقة عاش بين أكنافها يهود مارسوا عدة حرف منها الحلاقة، الاسكافية، وصناعة القرشال ودباغة وبيع الذهب.. ومنهم من شد الرحال إلى دول أجنبية أو مدن مغربية كالبيضاء، بني ملال، وادي زم، خنيفرة... ومن هذه العائلات المعروفة عائلة كوهين، هارون، بن دافيد خالي، سلوك فيفيان وكوهان ميير..
ولم يكن فيلم «"فين ماشي ياموشي"» يستوحي الروح البجعدية التي استوحى منها فيلم "«خيط الروح"» ذلك الواقع والإبداع الأصيل الذي يحسون به أهل المدينة. وقد جسده حكيم بلعباس في سمفونية هادئة وشاعرية.. عندما جعل سر فيلمه في ذلك الخيط الرقيق الذي يعكس صورة واقعية لمدينة تحتضر وتحترق من شدة الصمت والسكون والبكاء على الماضي الذهبي، والخوف من قبضة الحاضر المجهول والمظلم.. وقد كان هذا التصوير المباشر المطلق الحر لمخرجه بلعباس، حيث ولد بالمدينة أبي الجعد، وتربى بين أزقتها الضيقة ودرس بها وهاجرها اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية حيث تخصص في الإخراج السينمائي..هذا التصوير الواقعي المعيش هو الذي ظل يسكن جسد المخرج البجعدي حتى بعد عودته من أمريكا، وقد كشف عنه بإدراك جميل وذوق بليغ في فيلمه الآخر "«حرفة بوك حيث غلبوك"» والذي حضرت أول عرض له بتاريخ الخميس 20 يناير وذلك بسينما "ريتز" 2009 بالدار البيضاء. وقد جعل منه المخرج بلعباس إحساسا متناسقا مع فيلم "خيط الروح" لتصوير طبيعي لأياد أدمية بجعدية مقهورة من قسوة الزمن وتمارس حرف مختلفة: كعجين الطين (صناعة الخزف) والحدادة والنجارة.. وهؤلاء يعبرون عن إحساسهم وأحلامهم بكل صدق.
ومن هنا، فالرؤية الواقعية بين الفيلمين" فين ماشي يا موشي" و «"خيط الروح"» بينهما فجوة عميقة لدى المتفرج والناقد، لأن مدينة أبي الجعد ليست هي يهود الملاح، أو هجرة اليهود، وإنما أكبر من ذلك، وقد كان «"خيط الروح"» شعورا نابعا من معاناة وصراعات الحياة اليومية للإنسان البجعدي، حيث لم يكن فيلما استهلاكيا وترويجا تجاريا، لأن الخمارة التي كان المخرج حسن بنجلون يعتمد عليها بشكل رئيسي في فيلمه، ليست هي محور الأحداث والوقائع التي كانت تعرفها المدينة في ذلك الوقت.
وهذا المشهد الذي ألفه المخرج داخل الخمارة، يجعل المشاهد معصوب العينين عن رؤية الواقع لأبي الجعد، وهو ما جعله يقع في تراكمات تصويرية جعلت الفيلم "«فين ماشي يا موشي"» يسقط في جلسات صاخبة لا معنى لها..
وغالبا ما أصبح الفيلم يعتمد على تصوير دعائي لمذكرات يهود أبي الجعد كالشابة اليهودية «رحيل» التي جعل منها المخرج بطلة مفضلة لدى المشاهد العادي، بينما فيلم "«خيط الروح"» عرض أبطالا واقعيين ولدوا داخل ازقة المدينة وشربوا من مرارتها وحلاوتها ومنهم من توفي ومنهم من يزال يتمسك بخيط الروح. وهنا يكمن جوهر الحس الواقعي بين الفيلمين «"فين ماشي يا موشي"» و "«خيط الروح»" للمخرج البجعدي حكيم بلعباس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.