في رحاب مدينة فاس، نظمت مؤسسة مقاربات للنشر والصناعات الثقافية ،مؤخرا، لقاء تكريميا للفنان وناقد الفن بنيونس عميروش. وقد احتضنت المندوبية الجهوية للثقافة هذا اللقاء في أجواء ثقافية حميمية راقية، وقّع معالمها ثلة من النقاد والمبدعين الذين واكبوا تجربة المحتفى به، سواء في شقها الفني أو في شقها النقدي، كما حضر اللقاء مجموعة من المثقفات والمثقفين الذين يمثلون العديد من الفعاليات الثقافية بمدينة فاس، كأعضاء حلقة الفكر المغربي المعاصر، وقد سهر على تسيير هذا اللقاء الباحث الأكاديمي والسوسيولوجي الأستاذ أحمد شراك، الذي بدوره قدم شهادة في حق الفنان المكرم. في مستهل اللقاء، تقدم منظم اللقاء، ومدير مؤسسة مقاربات الكاتب الدكتور جمال بوطيب بكلمة ترحيبية بالفنان الذي هو محور اللقاء وبالضيوف الذين حضروا للإسهام بمداخلاتهم العلمية وشهاداتهم في إضاءة مسار الفنان التشكيلي بنيونس عميروش. استهل سلسلة الشهادات والدراسات الباحث هشام العلوي الذي قدم شهادته عن صديقه الفنان عميروش، والذي قضى رفقته فترة غنية من النقاشات الممتعة والجادة حول الأدب والفن والفكر وأحوال الثقافة بصفة عامة، وذلك خلال فترة التسعينيات من القرن المنصرم بمدينة مكناس. وهي الفترة التي قسمها الباحث في شهادته إلى مراحل سماها بأسماء بعض مقاهي مكناس التي دأب الفنان عميروش على ارتيادها خلال إقامته بمكناس، والتي كان أصدقاؤه من الفنانين والأدباء والباحثين يجتمعون فيها مثل مقهى «الويمبي» ومقهى «جبل هبري» وغيرهما. في هذه الفترة، يقر الباحث هشام العلوي أن بنيونس عميروش ساهم بقدر كبير رفقة فناني مدينة مكناس، في تنشيط الحقل الثقافي المتعلق بالفنون التشكيلية بهذه المدينة. تناول الكلمة بعده الشاعر والباحث الجمالي بوجمعة أشفري الذي أضاء التجربة الجمالية للفنان، من خلال مقاربته للأعمال التي أنجزها عميروش مؤخرا والتي اشتغل فيها على الذاكرة من خلال سلسلة من اللوحات التي تستند على الكولاج وإدراج الفوتوغرافيات والأسطوانات وغيرها ودمجها في العمل عن طريق تدخلات الفنان التي تغير زمنية الصورة وتعمل على تحيين الذاكرة، وليس من السهل، كما يؤكد أشفري أن يقوم الفنان بعرض ذاكرته الشخصية، ويجمع مِزَقَها، ويستنطق الروح التي تسكنها. أما الفنان والناقد والإعلامي شفيق الزكاري، فقد تحدث لجمهور الحاضرين عن علاقته بالفنان بنيونس عميروش، والتي تعود لعقود سابقة، وعن مدى إسهام هذا الفنان في إثراء حقل النقد الفني بالمغرب. حيث عمل على إنجاز العديد من المقالات ذات الطابع الأكاديمي بمختلف المنابر الثقافية المغربية والعربية. وبخصوص كتابه قراءات في التصوير المغربي المعاصر يرى الزكاري أن عميروش حلل بآليات نقدية أعمال العديد من الفنانين المغاربة، أمثال الفنان الراحل محمد القاسمي الذي قدم عميروش مختلف مراحل تجربته الفنية ورصد أهم التحولات التي ميزت تلك التجربة. وفي ورقته النقدية العميقة، تناول الباحث عبد الرحيم كمال، قضية تكريم الفنان التشكيلي بنيونس عميروش، حيث يؤكد أنه تكريم مستحق نظرا لطبيعة الأعمال الفنية التي قدمها، ولمختلف الاجتهادات النقدية التي قام بها. كما يؤكد الباحث على أن بنيونس عميروش أصبح اسما له دلالاته الرمزية في عالم الفن التشكيلي المغربي. ثم أعطيت الكلمة للكاتب أحمد لطف الله الذي قدم ورقة ذات شقين، أحدهما شهادة عن الفنان المكرم، وشقها الثاني قراءة في كتابه «التصوير المغربي المعاصر»، حيث وضح لطف الله متانة علاقة الصداقة العلمية والحياتية التي تربطه بالفنان عميروش والتي تعود إلى منتصف التسعينيات من القرن الماضي بمدينة مكناس، كما بين طريقة الاشتغال النقدي عنده، والتي تقوم على مفهوم القراءة العالمة للوحة والتي تراعي أبجديات فن الصورة وتعمل على تفكيك اللوحة وتتبع مسار الفنان التشكيلي، ومعاينة أعماله. في ما بين هذه المداخلات، كان الباحث السوسيولوجي أحمد شراك يقدم شذرات من شهادته الممتعة والتي تناولت محطات معرفته بصديقه عميروش، مشيدا بإسهامه في حقل المعرفة البصرية بالمغرب من خلال مختلف الدراسات التي قدمها في هذا المجال. وكان مسك الختم في هذا اللقاء احتفاء الدكتور جمال بوطيب بالفنان والناقد بنيونس عميروش، حيث دعاه لتسلم هدايا التكريم، والتي تسلمها من يد أسماء وازنة في الحقل الثقافي مثل الشاعرة أمينة المريني، والباحث أحمد سلام ادريسو.