لا حاجة لنا بالفنون والشعر والفلسفة ... منذ قرون .. أغلب فقهاء الظلام يشجعون السذج و الأتباع على امتهان الحرف التقليدية والأعمال اليدوية ولا يدعون إلى الدراسة والبحث عن المعرفة .. هاجسهم القديم الجديد هو خلق رعية من الجهلاء الفاشلين في تفسير أبسط الظواهر والمتربين على مبدأ طاعة الفقيه في كل ما يقوله . والصدر غير الأعظم يريد مجتمعا لا يكتب الشعر ولا يعشق الفلسفة ولا يقرأ علوما تفضح مقالب الفقهاء وخبث الثعالب والعفاريت والتماسيح والشياطين سماسرة الدين . إنه يكره الحكمة والفكر المحرض على الثورة و يرغب في أن يكون المجتمع كله من الحرفيين ، يريد قبائل من منعدمي الذوق و الرؤية للعالم حتى يسهل على أقرانه التحكم فيها وامتصاص دمائه بالعنعنات و الأدعية المسجوعة والكلام السائب ، هو يحلم بأدوات حجرية لا تفقه شيئا ولا تعشق الجمال و الحرية المشتهاة ... لذلك أقول له .. نحن بدورنا لا نريد في مجتمعنا فقهاء ظلام يتمتعون بالمال العام دون أن يبدلوا أي مجهود يذكر همهم الوحيد الأوحد في الحياة هو الجماع والجماع والجماع والغسل . أيها الطائر غير الحر كلامك مردود عليه .. وهو حق يراد به باطل . إذا كنت تريد الخير فعلا لهذه الأمة ، حاسب لصوص الصناديق المعلومة و المجهولة .. ولا تنس تخليص الجامعة المغربية من شعبة الدراسات الإسلامية التي استحدثها المخزن القديم لمحاربة الفلسفة و الأدب العربي و العلوم الإنسانية التي تنتج أسرابا حرة من الفنانين و أدمغة تفكر و تكتب وتعارض ، وقد تكلفت شعبة أصحاب اللحي و السراويل الأفغانية القصيرة ببرامج الزوايا العتيقة و مواد الحفظ و الاستظهار و التكرار بالمهمة الوسخة لتخريج عقول اختارت عش الغراب لتفريخ غباء مزدوج مركب و بطالة مقنعة غير منتجة و عباءات وهابية تدعو الناس للإيمان بالخرافات السطحية والعيش في مدافن السلف غير الصالح و محاربة نزعات التجديد و التجاوز . ÷÷÷÷÷÷ إسرائيل سجنت الخالد الأبدي محمود درويش و حكمت عليه بالمنفي و ارتعبت مفاصلها بسبب قصيدة عابرون في كلام عابر وطالبت بمحاكمة الشاعر لأنها خافت من أن يرميها الفلسطينيون أصحاب الأرض الحقيقيون في البحر . إسرائيل خافت من الشعر لأنه سلاح قوي لا ينتج ثروة مادية بقدر ما ينتج ثروة فكرية تعشق النضال النبيل وتحرض على المطالبة بالحرية وكرامة الوطن . اغتال فقهاء الظلام فرج فودة وعمر بنجلون ولائحة شهداء الكلمة و الموقف الحر طويلة ، فشلت محاولة غربان الظلام في اغتيال نجيب محفوظ بسبب كلمة عنيدة تكشف حماقات الفقهاء وحقارات سماسرة الدين ، وخابت مساعي ولاة المآتم والمناحات في تكميم الأفواه وألسنة تفضح انتهازيتهم البليدة التي تعمي أعينهم و تجعلهم وحوشا كريهة لا تشبع من امتصاص خيرات البلاد . ومع ذلك يقول الطائر غير الحر أن لا حاجة لنا في وطني للشعر و الفلسفة و الفنون و يتحاشى الحديث عن شعبة الدراسات الإسلامية التي تخرج أفواجا من دعاة شرب بول الإبل والتخصص في فقه النكاح و الغسل والفراش المريض . ÷÷÷÷÷÷ و الصدر غير الأعظم يدعو لتجفيف الفكر المغربي من شغب الشعر المتمرد وعناد الفلسفة الشقية و حكمة التنوير اللازم لتخلو الساحة له ولأمثاله من فقهاء الظلام كي يستثمروا معارفهم المحدودة المقتصرة على الخطابة المهيِّجة وثقافة القبر وفقه النكاح والاغتسال .. يريدون مجتمعا وعشائر جاهلة مُجَهَّلة لا تصلح سوى لتكون قطعانا من النعاج تابعة لغربان التجهيل اللعينة . تاريخيا ، ظل الشعر و الفلسفة وكل المعارف التي تنير طريق الفهم و التأويل من الأعداء الكبار للملتحين وسدنة الخرافة والظلام . منذ قرون خلت ، سلالة التعصب و الميل الفطري للقتل و الاقتتال حاربت الفكر في شخص ابن رشد ، واصلت حقدها المزمن بالدعوة لاغتيال أي صوت يفضح تجارتها بالدين وخبثها المغلف بفتاوى الحرام و الحلال .. وحاولت إسكات الشعراء بتحريض الغوغاء و إلصاق تهمتي الكفر و الإلحاد بكل من كشف ألاعيب ملتحين تلاعبوا بالنصوص و الأحاديث فيما يخدم طمعهم الحيواني الذي لا يتوقف .. إنهم يكرهون روح العناد و الشغب النبيل والكرامة . إلا هذه .. الفلسفة والشعر والإبداع عموما من أرقى ما أبدعته النفس البشرية التواقة للخلق و الإبداع وهدف الفقيه الأوحد هو خلق أتباع وقطعان عاجزة عن إعمال العقل جاهلة بقلق السؤال الوجودي حاقدة معادية لقيم الحرية والخلق والجمال .