أعلم أن قلبك يابس وأصلب من قلب ظالم، وأن سحنتك أشبه ما تكون بقنبلة مُسلية للدموع، كلما كشفت عن وجهك الشرير إلاّ وبكت المقهورات في مطابخهن، وغسلن بالدمع أطباق خدودهن، وجفلت السكاكين عن مراقدها، خوفا أن تلاقيك، فيضيع نضاؤها ومضاؤها. تواضع قليلا أيها البصل، وتذكر أصلك وبصلك، أنت الذي كنت قبل قليل مغمورا مطمورا تحت التراب، فأصبحت بين ليلة وضحاها تتعلق في الأعالي وتتعملق، حيث جيوبنا تغرق وتحرق. وتذكر يا أصلع الرأس أن غرورك وكبرياءك الطاووسي خواء، وأن قلبك صفر إن نزعنا عنك جلابيبك وقشرنا عباءاتك الواحدة تلو الأخرى، وأخجل قليلا ياكرة النار التي كانت قبل قليل تتمسح بالأرجل، فأمست في برهة تطاول بعنقها «الفياغرا» في الصيدليات. تواضع قليلا أيها البصل، فلا أنت وردة نهديها للواتي نحب، فواحة بالشذى، يا نتنة الإبطين، ولولا أنك من نعم لله لهجوتك كما لم يفعل جرير أو فرزدق، ولقلت فيك ما لا يقال حتى في حق مرحاض عمومي. أيها البصل، يا مقصوف الرقبة، قل لنا كيف استنبت الرقبة، وبت تزعم فينا أنك البطل... ولو سملنا عين صادك، وغرسنا فيك سن أسناننا لأمسيت مجرد «بسل». تواضع قليلا أيها البصل، يا أخ العلقم في المرارة، وابن عم الثوم في الروائح الكريهة، ويا مجحوم الجحيم، ويا مسعور السعير، يا مصيبتنا الآن، حين تكون البصائل مصائب.. وحين تكون مصائب أو بصائل قوم عند قوم موائد. تواضع قليلا أيها البصل، فلا قشرتك ذهب، ولا حبك أو لبك عنب، وطأطئ رأسك واخجل إن مر بقربك الفقراء واحذر جوع الفقراء إن هم قالوا: ألا لا يجهلن بصل علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين.