لوحة الغلاف في الكتب ليست ذاك الورق الصقيل والجميل والمطرز بالألوان الذي تُغلق به الهدايا، حتى حينما تكون الكتب هدايا، والكتب دائما هدايا: هدايا القلوب للقلوب، وهدايا العقول للعقول... لوحة الغلاف في الكتاب، هي تحويل غلاف الكتاب إلى جدار دائم لعرض اللوحة كعمل فني مستقل، وفتح نافذة للمشاهدة والتأمل في جدار مطموس وأعمى.. لذلك تكون اللوحة في الجدار عينا أخرى للعين في الجدار. قد تختلف قراءة اللوحات عن قراءة الكتب.. لكن كليهما قابل للقراءة وإعمال العين والعقل والوجدان والذاكرة والخيال، وكل ما يتطلبه المقروء كي يصير ماء يسقي الذات ويروي الروح ويغذي العقل والوجدان. اللوحة في الغلاف رتاج (باب كبير) لا يؤدي إلاّ إلى نفسه، وكل تشابه بينها وبين الكتاب هو من محض الصدفة، فقط، لأن اللوحة كتاب في صفحة واحدة، والكتاب لوحات في صفحات متعددة، لذلك كل لوحة تكثيف وكل كتاب إطناب ولذلك تستعصي اللوحة عن التلخيص، بل يستحيل تلخيصها في حين تسمح الكتب بذلك في الكثير من الأحايين. مناسبة هذا التأمل هو البادرة المحمودة التي بات ينهجها اتحاد كتاب المغرب، والقاضية بتخصيص أغلفة كتب جائزته للأدباء الشباب، بأصنافها الستة، للوحات فنان مغربي واحد، هكذا جاءت الكتب المنشورة الفائزة بجائزة اتحاد كتاب المغرب للشباب في دورتها العاشرة برسم سنة 2014، تضم لوحات فنية للفنان التشكيلي المغربي حسن المقداد، وهي لوحات تنطوي على جمالية خاصة، وتبرز مدى مقدرات هذا الفنان على تطويع ألوانه وترويض مواده وتقنياته لإخراج وتحقيق رؤيته الجمالية، كما تبرزها هذه الأعمال، بحيث قد تبدو هذه اللوحات وكأنها بسيطة أو سهلة الإنجاز لولا أنها تبقى من ذلك النوع من السهل الممتنع الذي لا يستطيعه، إلا من أوتي من الموهبة والمران والمراس ما لا يستهان به، ومن المكنة والمقدرة ما استطاع إليه سبيلا. لوحات تستند إلى بساطة الأشكال، لكنها تشتغل بشكل جيد على اللون، وعلى توزيع الفضاء داخلها من أجل خلق تناغم كلي، بين كل مكونات اللوحة، شكلا ولونا، ومواد، وتوزيعا وتنويعا، مع إبراز حواف الأشكال أحيانا باللون الأسود أو الرمادي الغامق في ما يشبه التخطيط. ولعل الفنان حسن المقداد يتفوق على نفسه حينما يشتغل على المواد الصلبة التي تمنح سطح لوحته بعض النتوءات والبروز، حيث يتخذ العمل شكل الحفر على سطح صلب، وتظهر الأثلام والأخاديد والأحرف البارزة، لتعدد من عمق اللوحة، وتجعل ثمة أبعادا لا حصر لها بين سطحها وعمقها. بادرة اتحاد كتاب المغرب إذن، في تخصيص لوحات أغلفة كتب جائزته للأدباء الشباب لرسام مغربي واحد، هي بادرة تستحق الثناء، إذ بالإضافة إلى ما تمنحه من جمالية لهذه المنشورات، فإنها تعرف بفنانين مغاربة ما أحوجهم إلى كل أنواع الدعم والتشجيع والاعتراف بما يقدمونه من عطاء هو دائما لفائدة البلد، وخدمة لثقافته أولا وأخيرا.