أثار التفجير الهيدروجيني الذي أعلنته جمهورية كوريا الديمقراطية - 120.540 كلم م- وعاصمتها «بيونغ يانغ» أو كوريا الشمالية. كما تنعت في وسائل الإعلام. احتجاجات عالمية خاصة من واشنطن و اليابان . وجمهورية كوريا في الجنوب - 210‚100 كلم م- وعاصمتها «سيول». وتعود جذور المشكلة الى فترة الخمسينات عندما هاجم الجيش الكوري الشمالي جنوب كوريا، وحاول توحيد شبه الجزيرة الكورية تحت نظام كيم أيل سونغ. وتوقفت الحرب في سنة 1953 بعد تدخل الولاياتالمتحدة لمساندة الجانب الجنوبي، وتدخلت الصين لمساندة الجانب الشمالي. وتم عقد هدنة لا هي بسلام و لا بحرب. وإنشاء منطقة خالية من السلاح بين البلدين تتوفر على بعض المعامل، و اذاعات هجومية من الطرفين لازالت تشتغل. قامت واشنطن إثر ذلك بتمويل الاقتصاد الكوري الجنوبي -حوالي 50 مليون نسمة حاليا- بمساعدات تقنية و مالية، كان الهدف منها نقل كوريا الجنوبية من دولة متخلفة إلى دولة صناعية، لمنع امتداد النفوذ الشيوعي، وأيضا لكبح جماح التقدم التكنولوجي الياباني من منافس قوي ومجاور. بينما عانى الجانب الكوري الشمالي -حوالي 28 مليون نسمة-، من حصار اقتصادي وبري و بحري شامل، شاركت فيه دول العالم الغربي، وزادت حدته مع انهيار المعسكر الاشتراكي في التسعينيات من القرن الماضي. ولم تكتفي واشنطن بالحصار الاقتصادي بعد حرب 1950، إذ يقف منذ ذلك التاريخ 36 ألف جندي أمريكي مع 260 صاروخ منها النووي على الحدود بين الكوريتين، لمواجهة أي محاولة لهجوم شمالي مفترض أو حرب مقبلة، بالإضافة إلى منع «بيونغ يانغ» من بيع أو تصدير أي مواد للخارج خاصة المساعدات في ميدان الصواريخ والتقنية النووية. وكانت سوريا تعرضت لهجوم لتدمير مفاعل نووي قيل أن كوريا - بيونغ يانغ- قد شيدته في سوريا، في منطقة الكبر على شط الفرات بتاريخ 06-09-2007، وقيل أن الهجوم العسكري كان أمريكيا – صهيونيا. وقد أجج هذا الصراع الأمريكي – الكوري الشمالي، إذ منطقة الشرق الأوسط منطقة حمراء بالنسبة لواشنطن، ولا يجوز للدول العربية امتلاك أي سلاح استراتيجي، باستثناء الكيان الصهيوني. وقد أدت قضية مفاعل الكبر المزعوم إلى «خلاف» بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي انتقدت الهجوم على المفاعل، إذ كان يجب إخبار الوكالة بالمعلومات. ويظهر أن سوريا تأخرت كثيرا في الخيار الاستراتيجي ما بين 1970-1991، رغم أنها دعت إلى التوازن الاستراتيجي، والذي كان مجرد دعاية و هكذا انتهت سوريا نهاية مأساوية، لأنها غلبت التكتيك على الإستراتيجية، والسلطة على النضال. السلاح الكوري الشمالي في أكتوبر 2006 أعلنت كوريا أنها قامت بتفجير نووي تحت الأرض، وقيل أنه تفجير غير عملاني. وهو نفس الرأي بعد التفجير الهيدروجيني الأخير، ويظهر أن الغرب يريد إبقاء كوريا خارج المجال النووي، بالهجوم على برنامجها النووي من جهة، والتقليل من شأنه من جهة أخرى، حتى لا تفكر الدول العربية و الإسلامية في مساعدة من كوريا، لكون باكستان سبق لها التبادل التقني مع كوريا في ميدان الصواريخ البالستية وفي البرامج النووية. وحتى الآن قامت كوريا بأربع تجارب نووية، و حسب وكالة الطاقة الذرية تملك 8‚30 كلغرام من البلوتينيوم الكافي لصنع خمس أو ست قنابل نووية، وهناك كمية لم يعلن عنها حتى الآن في منشأة بونغيون. كما تملك كوريا برنامج للصواريخ قصيرة المدى هوازونغ 5 و 7 و 9، وحوالي 250 صاروخ متوسط المدى من نوع نودونغ، ونجحت في تطوير صاروخين طويلي المدى تابودونغ 1 وتابودونغ 2. وأكدت كوريا أن سلاحها هذا للدفاع عن نفسها، وأنها لن تهجم إلا إذا هوجمت، وزاد احتلال أمريكا لأفغانستان في 2001، والعراق في 2003 من التخوف الكوري من هجوم أمريكي لا يردعه إلا القوة الصاروخية و النووية. فلا دولة تهاجم بلدا نوويا. وهناك خمس دول نووية تملك الأسلحة النووية، ويزعم أن امتلاكها هذه الأسلحة تم بشكل «قانوني» عن طريق معاهدة 1968 ، التي أكدت أن الدول النووية هي: الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا و الإتحاد السوڤياتي (=روسيا حاليا) و فرنساوالصين، إلا أن الكيان الصهيوني و الهند وكوريا الديمقراطية وباكستان تملك السلاح النووي بحكم الواقع. وكانت واشنطن قد استعملت السلاح النووي ضد اليابان في 1945 مرتين، ناجازاكي و هيروشيما، كما هدد الكيان الصهيوني باستعماله في حرب أكتوبر 1973 ضد الدول العربية. ورغم المحادثات الدولية حول القضاء على الأسلحة النووية، و التي فشلت لأن الواضح أن الدول النووية سواء التي «بحكم القانون» أو التي «بحكم الواقع» لا ترغب في إزالة هذه الأسلحة و تقوم بتطويرها، بل أن الرئيس أوباما عند ظهور أزمة البرنامج النووي الإيراني، طالب دول الخليج العربي التي تدور في الفلك الأمريكي عدم مناهضة البرنامج النووي الصهيوني والموافقة عليه. إن ما تملكه واشنطن من رؤوس نووية و هيدروجينية، وما تملكه روسيا و فرنسا و الصين ثم الكيان الصهيوني، يمكنه تدمير الكرة الأرضية عدة مرات، ولقد سبق للولايات المتحدة و الاتحاد السوڤياتي و الصين، إجراء تجارب هيدروجينية، ولكن لم يتم شيطنة بلدانهم في وسائل الإعلام. أما كوريا فيتم شيطنة هذا البلد حتى أصبح الناس يعتقدون أنها من كوكب آخر، وأنها على وشك أكل الكرة الأرضية، في حين أنها مجرد بلد صغير بدأ في حماية نفسه بعد احتلال العراق و أفغانستان وتدميرهما، وقتل أكثر من مليون ضحية بعد أن تمت شيطنة نظام البعث و طالبان. لقد تم تأسيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية في سنة 1957، وأكدت في معاهدة تأسيسها أن هدفها: تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. ضمان عدم استخدام الأنشطة النووية لأغراض عسكرية بموجب معاهدة 1968. وهذه المعاهدة الأخيرة هدفها حماية بقاء الدول الخمس دول نووية عسكرية، وحرمان باقي الدول من القدرة على الدفاع عن نفسها. وبعد أن دخلت 4 دول إلى النادي النووي: الكيان الصهيوني و الهند و باكستان وكوريا والتي كانت وقعت على هذه المعاهدة، إلا إنها انسحبت منها و طورت برنامجها النووي. وقامت واشنطن بإبرام معاهدة 2008 لتطوير البرنامج النووي المدني الهندي دون مساس بالبرنامج النووي العسكري لنيودلهي، لأن نووية الهند لا تشكل قلقا للغرب، بل نووية باكستان هي التي يعاديها الغرب. أما الكيان الصهيوني الذي يملك 200 رأس نووي وصواريخ قصيرة ومتوسطة و بالسيتية، فيحظى برنامجه بالتأييد الغربي. وفي الاتفاق مع إيران على تجميد برنامجها النووي، لم يطرح برنامج تل أبيب لا من طرف واشنطن و لا من طرف إيران. إن هذا الكيل بمكيالين الذي يسيطر على السياسة الدولية، والذي تنهجه واشنطن ومعها الغرب، هو الذي يشكل الخطر الأكبر على الإنسانية، وخاصة العالمان العربي و الإسلامي، فاستعمال هذا السلاح لم يعد بعيدا ضد من لا يملكه;