انطلقت، صباح الخميس بنيودلهي، الدورة الشتوية للبرلمان الهندي بغرفتيه «لوك سابها» (مجلس النواب) و«راجيا سابها» (مجلس الشيوخ)، في ظل تواصل الجدل بشأن زيادة حدة التطرف والتعصب الديني في البلاد. ومن المتوقع أن تعرف جلسات البرلمان جدلا حادا على خلفية عدد من القضايا الشائكة والاتهامات التي من المنتظر أن توجهها أبرز قوى المعارضة لحكومة الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، بشأن تزايد حدة العنف والتعصب الديني، بتشجيع من قبل أعضاء بارزين في حزب (بهاراتيا جاناتا) القومي الهندوسي الحاكم. وستشهد هذه الدورة التشريعية خطابا حادا من قبل قوى المعارضة الهندية، بقيادة حزب (المؤتمر)، والذي يعكس موقفا عبر عنه حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والفنية، المنددة بتصاعد ظاهرة التعصب والعنف الديني في البلاد، بعد حوادث قتل أفراد، بناء على آرائهم واختياراتهم الدينية والثقافية، من قبل بعض الجماعات الهندوسية المتطرفة التي تلجأ إلى العنف كوسيلة لفرض توجهاتها الدينية الخاصة على باقي مكونات المجتمع الهندي وعشية انطلاق الدورة الجديدة للبرلمان، كانت الحكومة الهندية قد أبدت استعدادها لإيجاد توافق مع قوى المعارضة بشأن تمرير عدد من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعات الأساسية، من أبرزها مشروع تعديل قانون الضرائب على السلع والخدمات، ومشروع قانون العقارات والتغييرات في قوانين العمل المتعلقة بجذب المستثمرين. وفي هذا السياق، أعرب الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، على هامش افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، عن أمله في أن تبدي كافة الأحزاب السياسية مزيدا من التعاون من أجل إنجاح العمل التشريعي خلال الدورة الشتوية للبرلمان، مؤكدا على أنه «يتعين على جميع قادة الهيئات السياسية المضي قدما نحو حسن سير أشغال البرلمان من خلال الحوار والنقاش المثمر». وحرص الوزير الأول الهندي، الأربعاء، على مد يده نحو أحزاب المعارضة، رغبة منه في كسب دعمها بشأن حسن سير العمل التشريعي، من أجل الحيلولة دون إعادة سيناريو الدورة السابقة التي ميزها إقدام أحزاب المعارضة على عرقلة سير الجلسات البرلمانية وتنفيذ وقفات احتجاج على تورط عدد من وزراء الحكومة في ملفات وقضايا فساد مالي. ومن جهة أخرى، تنطلق الدورة الشتوية للبرلمان الهندي، برأي بعض المتتبعين، في ظل متغيرات سياسية جديدة، تتميز بتراجع التأثير الكارزمي للوزير الأول ناريندرا مودي، بعد تعرض حزبه (بهاراتيا جاناتا) إلى هزيمة كبيرة خلال الانتخابات المحلية الأخيرة التي شهدتها ولاية بيهار (شمال شرق البلاد)، التي تعد ثالث أكبر ولاية هندية من حيث عدد السكان. وفي هذا الصدد، يرى مراقبون أن مودي أضاع فرصة مواتية لمواصلة سيطرته على الحياة البرلمانية والسياسية في الهند، بعد خسارة تاريخية أمام تحالف سياسي قاده رئيس حكومة ولاية بيهار، نيتيش كومار، الذي تمكن من حصد 179 مقعدا من أصل 243 مقعدا يضمها المجلس التشريعي للولاية. وستضع هذه الهزيمة الانتخابية الحكومة الهندية أمام موقف صعب مع انطلاق جلسات البرلمان، إذ سيتعين عليها الحصول على دعم قوي من المؤسسة التشريعية من أجل المصادقة على الإصلاحات المهمة التي التزمت بإطلاقها، خلال أوائل شهر نونبر الجاري، والتي تشمل فتح 15 قطاعا اقتصاديا رئيسيا، من بينها الدفاع والبناء والطيران والإعلام. (و.م.ع)