أسفرت انتخابات ولاية بيهار (شمال شرق البلاد)، الأحد، عن هزيمة ساحقة لحزب (بهاراتيا جاناتا) القومي الهندوسي، الذي يقوده الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي، في ثالث أكبر ولاية هندية من حيث عدد السكان. ومنحت نتائج هذا الاقتراع، التي نشرتها اللجنة الانتخابية الهندية، فوزا عريضا لتحالف سياسي يضم عددا من الأحزاب المحلية المناهضة لناريندرا مودي، بقيادة الرئيس الحالي لحكومة ولاية بيهار، نيتيش كومار، ودعم من حزب (المؤتمر) المعارض. ونجح تحالف (نيتيش- لالو وحزب المؤتمر) في تحقيق فوز تاريخي على التحالف الذي يقوده حزب (بهاراتيا جاناتا) الحاكم في الهند، بعدما تمكن من حصد 178 مقعدا من أصل 243 مقعدا يضمها المجلس التشريعي للولاية، في حين اكتفى (بهاراتيا جاناتا) وحلفاؤه ب 58 مقعدا فقط، منها 53 لحزب ناريندرا مودي وخمسة مقاعد لحلفائه في الولاية. واعترف الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، بهزيمة حزبه خلال هذه الاستحقاقات الانتخابية، حيث كتب تغريدة في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أشار خلالها إلى أنه اتصل بنيتيش بكومار من أجل تهنئته بهذا الفوز. وإذا كان تحالف نيتيش كومار تمكن من الظفر بثلثي مقاعد المجلس المحلي لولاية بيهار، فإن وقع الهزيمة كان ثقيلا على حزب (بهاراتيا جاناتا) الذي تكبد الخسارة الثانية في ظرف سنة واحدة، بعد هزيمته المذلة في انتخابات ولاية العاصمة الوطنية نيودلهي على يد خصمه اللذوذ حزب (عام آدمي) وزعيمه المثير للجدل آرفيند كيجريوال، المناهض للفساد وبرأي عدد من المراقبين، فإن نتائج هذه الاستحقاقات الانتخابية، التي شهدتها إحدى الولايات الرئيسية بالهند، ستكون لها عواقب وخيمة على مستقبل حزب (بهاراتيا جاناتا)، بالنظر إلى أنها ستضعف موقع الحزب الحاكم مع قرب انطلاق الدورة التشريعية التي من المتوقع أن تشهد جلسات ساخنة بقيادة حزب (المؤتمر) المعارض بشأن عدد من القضايا، من أبرزها تصاعد موجة التعصب والعنف الطائفي في البلاد ويرى هؤلاء أنه من شأن هذه الهزيمة المذلة أن تعرقل الجهود التي يبذلها الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي، من أجل تمرير برنامج طموح من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، لاسيما وأنه كان يمني النفس بالفوز بمعظم انتخابات الولايات خلال الفترة المقبلة ليتمكن من السيطرة على غالبية مقاعد البرلمان الاتحادي (لوك سابها). فالوزير الأول الهندي وحزبه كانا يبحثان عن الفوز في مثل هذه الولايات الرئيسية، من أجل تعزيز حضورهما في البرلمان الاتحادي، بعد فوزهما بالأغلبية المطلقة في الغرفة السفلى للمؤسسة التشريعية، ما جعل من هذه الانتخابات المحلية فرصة مواتية لمحاولة تعزيز تواجد الحزب الحاكم في الغرفة العليا، بما يضمن تمرير المشاريع والقوانين والإصلاحات التي وعد بها مودي بشكل أسرع. من جهتها، اعتبرت وسائل الإعلام الهندية أن الهزيمة الساحقة التي تلقاها الوزير الأول، ناريندرا مودي، هي بمثابة «استفتاء شعبي تجاه مودي وسياسته الداخلية»، كما أنها قد تشكل بداية تراجع شخصيته الكارزمية التي مكنته، حتى وقت قريب، من اكتساح عدد كبير من ولايات البلاد. وأشارت وسائل الإعلام إلى أن (بهاراتيا جاناتا) فشل في الفوز بهذه الانتخابات الهامة، بالرغم من الدعم الشخصي الكبير الذي قدمه الوزير الأول الهندي خلال الحملة الانتخابية، ووعوده بتخصيص اعتمادات مالية مهمة للنهوض بولاية بيهار، التي تضم حوالي 100 مليون نسمة، والتي تتميز بارتفاع نسب الفقر والأمية والهجرة وسوء التغذية. وأكد عدد من الصحفيين الهنود أن التحالف القوي للأحزاب المحلية المعارضة لمودي، وكذا ارتفاع حدة التعصب والتوتر الديني والطائفي، وما أفرزه من أحداث أليمة أثرت على مبادئ التعايش المشترك في الهند، كما أثر بشكل كبير على ناريندرا مودي وحزبه القومي الهندوسي وتسبب في خسارته الفادحة ليكتفي ب 58 مقعدا من أصل 243. وأشاروا إلى ارتفاع وتيرة العنف الطائفي في هذه الولاية ذات الأغلبية البوذية في مواجهة حزب مودي الهندوسي القومي، خاصة بعد تكرر حوادث العنف ضد المسلمين الذي يشكلون أقلية مهمة في الولاية بسبب التطرف الهندوسي المتنامي، بعد تعدد حوادث القتل الناجمة عن قانون منع تناول لحم البقر، المثير للجدل في الهند. يذكر أن نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية لولاية بيهار، التي جرت على خمس مراحل (من 12 أكتوبر إلى 5 نونبر)، بلغت نحو 58 في المائة كما مرت عملية التصويت طيلة أيام الاقتراع في ظروف عادية وسلمية، بالرغم من ارتفاع حدة الخطاب الطائفي والحشد الانتخابي الذي يميز عادة مثل هذه الاستحقاقات الوطنية. بنيودلهي: سعد أبو الدهاج (و.م.ع)