أحيت مجموعة «ناس الغيوان»، الجمعة الماضية بمدينة أمستردام الهولندية، حفلا باهرا لفائدة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالمملكة الهولندية نظمته جمعية «بيل إيفانتس» (الأحداث الجميلة) بشراكة مع مؤسسة «أرتغنزا» للثقافات العالمية (دار الفن والإبداع). وأتحفت مجموعة «ناس الغيوان»، برئاسة عضوها المؤسس وموسيقييها الكبير عمر السيد، الجمهور الغفير الذي حج إلى قاعة العرض «دوكونينغ» وسط أمستردام بباقة من ربيرتوارها الموسيقي المتميز. وأطربت المجموعة، الجمهور الغفير الذي حضر من مدينة أمستردام والمدن المجاورة لها لإعادة استكشاف مجموعة من روائع ناس الغيوان، ومن بينها «الصينية» و»فين غادي بيا أخويا» و»نحلة شامة» و»غير خذوني». وتجاوب الجمهور، خلال هذا الحفل الذي نشطه الهولندي من أصل مغربي حسن العموري رئيس مؤسسة «أرتغنزا» للثقافات العالمية (دار الفن والإبداع)، مع الإيقاعات والأغاني الخالدة لمجموعة «ناس الغيوان» والتي أبدعتها خلال سنوات السبعينات واستلهمت مجموعة منها من الإيقاعات والابتهالات الأصيلة، التي تنهل من التقاليد الموسيقية والصوفية المغربية. ولم تخلف المجموعة، التي رأت النور بالحي المحمدي بالدار البيضاء، الموعد مع جمهور المهرجان لبث الحماس الموسيقي الممزوج بعمق الكلمات، وهي الأغاني التي وجد فيها عشاق الغيوان رمزا ثقافيا وشعبيا يجهر باسم المغاربة. ونالت مجموعة «ناس الغيوان» شهرتها بفضل الكلمات القوية والمفعمة بالدلالات والرموز والاستعارات، مرفوقة بإيقاعات آلات موسيقية تقليدية (الكمبري، الطبيلا، البندير، السنيترا) بالإضافة إلى اللحن الذي يزاوج بين مجموعة من الأنواع الموسيقية (العيطة، الملحون، غناوة). وكان الحفل مناسبة، تم خلالها تكريم مجموعة «ناس الغيوان»، التي تحولت على مر أكثر من أربعة عقود إلى «علامة فنية» اجتازت حدود المغرب وحظيت بإعجاب جماهير وفنانين في الشرق والغرب، حيث منحت جمعية «بيل إيفانتس» (الأحداث الجميلة) بشراكة مع مؤسسة «أرتغنزا» للثقافات العالمية (دار الفن والإبداع) ورئيسها عمر السيد مجسما بلوريا هدية للمجموعة نظير جهودها من أجل أن تكتسي «ناس الغيوان» إشعاعا دوليا أكبر بالنظر إلى قوة وأصالة عطائها الإبداعي. وبهذه المناسبة، أشار عمر السيد، الذي يحلو له أن يصف «ناس الغيوان» أنهم مجرد «أولاد باب الله»، إلى أن تكريم المجموعة بمشاركتها في إحياء الحفل بهذه القيمة العالية الذي كانت عليه هذه الليلة في مدينة أمستردام، حيث جمعت بين الاحتفالية بالفن المغربي الأصيل وتخليد ذكرتين وطنيتين (عيد المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال) عزيزتين على الشعب المغربي وأبنائه أينما كانوا داخل الوطن أوخارجه، هو مناسبة للتأكيد أن أبناء الجالية المغربية في الجارج يحمولون مغربهم أينما حلوا وارتحلوا بتعدده الثقافي والفني ويتشبثون بمغربيتهم وثوابت الأمة أينما وجدوا على هذه المعمورة. وتميز الحفل الذي حضره سفير المغرب بلاهاي عبد الوهاب بلوقي والقنصلان العامان للمغرب في كل من أمستردام وأوتريخت وروتردام، طلال الجنان وعبد العزيز تدجوستي ومصطفى طرفية وعدد من أعضاء السلك الديبلوماسي وفعاليات جمعوية وثقافية، بكلمة للهولندية من أصل مغربي حنان الغزواني هويكرز رئيسة جمعية «بيل ايفانتس» (الأحداث الجميلة) أشارت فيها إلى أن هذا الحفل الذي نُظم احتفالا بذكري المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال هو مناسبة للجالية المغربية في هولندا، للتعبير عن مشاعرها الوطنية وعمق انتمائها الحضاري والثقافي، وأيضا تشبثها بالثوابت الوطنية ومد جسور المحبة والتعاون والتعايش مع كل المغاربة بمختلف الأطياف والاتجاهات. وتجسيدا لارتباط أبناء الجالية المغربية الدائم بوطنهم الأم والتشبث بروح الوطنية والاعتزاز الكبير بتاريخ المغرب وأمجاده الخالدة، التي استعرض سفير المغرب بلاهاي عبد الوهاب بلوقي بعضا من قيمها ورسائلها على مر العقود الأربعة الأخيرة بالنسبة لذكرى انطلاق المسيرة الخضراء وأيضا لستة عقود بالنسبة لذكرى عيد الاستقلال، وتم بهذه المناسبة تكريم كل من محمد الناصري وسعيد العبدي، إثنين من أبناء الجالية المقيمة بالأراضي المنخفضة شاركا في المسيرة الخضراء قبل أربعين سنة. ومن جانبه شدد القنصل العام للمغرب طلال الجنان، في كلمته الافتتاحية لهذه الاحتفالية، بالدور الكبير الذي يلعبه النسيج الجمعوي من أصل مغربي في الأراضي المنخفضة، من خلال تنظيم ملتقيات ثقافية وفنية تروم بالأساس، مد جسور الارتباط بالوطن الأم ،و لا تذخر جهدا من أجل تأكيد الصلة القوية التي تجمع أبناء الجالية المغربية ببلدهم الأصلي. كما أكد على ضرورة تظافر الجهود، من أجل دعم مثل هذه المبادرات في مجهودها المتواصل، لنشر الثقافة المغربية في أوساط أبناء الجالية في المهجر، وكذا التعريف بالتنوع الثقافي الغنائي المغربي في أوساط المقيمين في بلدان الإقامة المستضيفة للجالية المغربية، بالإضافة إلى تعريفها بتاريخ المغرب، وكذا إبرازها الدور الكبير الذي يمكن ان تلعبه الجالية المغربية المقيمة في الخارج ،لمواصلة مسيرة البناء والتنمية التي يعرفها المغرب ومن أجل بناء مغرب الحداثة والتقدم والوسطية مغرب آمن ومستقر ومزدهر. وقد عرف هذا الحفل الفني أيضا، الذي رعاه مجلس الجالية المغربية في الخارج، وساهمت في تحقيقه مؤسسة مالية مغربية في الخارج، حضور شخصيات أجنبية مقيمة في الديار الهولندية تابعت فقرات هاته الأمسية المغربية وتفاعلت مع الوصلات الموسيقية المقدمة في إطار حرصها على استكشاف الموروث التراثي والموسيقي المغربي المتنوع.