على مدخل قاعة مسرح "ميرفارت" بمدينة أمستردام في بلاد الأراضي المنخفضة تستوقف جمهور من الجالية المغربية المقيمة في هولندا وضيوفهم من الهولنديين والأجانب المقيمين في هذا البلد، شاشة تحمل صورة المغني المغربي أنس حبيب وهو يضرب موعدا لعشاق الطرب الغنائي العربي في حفل الأول من نوعه تنظمه جمعية "بيل إيفانتس" (الأحداث الجميلة) بشراكة مع مؤسسة "أرتغنزا" للثقافات العالمية (دار الفن والابداع). لقد أهدى الفنان المغربي أنس حبيب المقيم في مدينة أوتريخت الهولندية على امتداد ساعتين الأحد الماضي أشهر المقطوعات الغنائية العربية مصحوبا بعازفين من جنسيات مختلفة. وتمكن الفنان المغربي أنس حبيب، الذي ترعرع في العاصمة العلمية فاس تأثر فيها ببعدها الصوفي جعله يشارك في عدد من مهرجانات الموسيقى الروحية والغناء الصوفي، من تقديم أغاني ارتوت من معين الأرض من أرض الكنانة مصر، ثم فلسطين، وبلد الصنوبر لبنان مرورا بسوريا ثم تونس الخضراء، فالجزائر إلى المغرب. أبدع الفنان المغربي أنس حبيب، الذي قدم أولى عروضه الغنائية الصوفية في مدينته الأصل فاس وسنه لا يتجاوز 12 سنة، فحول جنبات قاعة العرض الرئيسية في مسرح "ميرفارت" الى محطة نحور سفر فني بدون جواز ولا تأشيرة، وجعل منها فرحا بالحياة. لقد أمتع الفنان أنس أزمي الحسني، الذي طور قدراته في أصول الموسيقى الروحية والغناء الصوفي أساسا على أيادي كبار المبدعين في دمشق وحلب بعد إقامة فنية دامت سنوات، الجمهور الحاضر، الذي استقبله بالتصفيق الحار وردد معه بعفوية أغاني ريبيرتوار عربي غني، أمتعه بأغنيات خالدة أداها بصوته الشجي والمتميز. كانت لحطة فنية وصفها الفنان أنس حبيب في تصريح ل"الاتحاد الاشتراكي" بكونها لحظة لاسترجاع الزمن الطربي العربي الجميل عبر العودة الى الفن الغنائي العربي الأصيل الذي أبدعته أسماء فنية كبيرة بصمت تاريخ الأغنية العربي من الماء الى الماء. وقال الفنان المغربي أنس حبيب أن هذا الحفل أشبه برحلة، بل سفر عبر الغناء يتجاوز الحدود ويرنو إلى إعادة التعريف بالموروث الغنائي العربي الغني والراقي.. رحلة عابرة للأوطان العربية الممتدة من الخليج الى المحيط. نجح الفنان المغربي أنس حبيب في أن يقدم لجمهور الجالية المغربي المقيمة في الديار الهولندية التي حضرت إلى الحفل رفق ضيوف هولنديين وأجانب قدمت من قلب امستردام والمدن والبلدات المجاورة لها، نفائس فنية عتيقة ارتبطت بأسماء شامخة صيغت في قوالب عصرية صحبة اوركسترا متعددة الروافد وتوزيع متجدد مما يعزز عالمية التراث الغنائي الطربي العربي ويجعلها تساهم في تسويه عالميا. فأمام جمهور تنوعت فئاته قدم الفنان أنس حبيب غنائيات تراثية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط امتدت من الخليج إلى المحيط. لقد نجحت مبادرة كل من الهولندية من أصل مغربي حنان الغزواني هويكرز رئيسة جمعية "بيل ايفانتس" (الأحداث الجميلة)و الهولندي من أصل مغربي حسن العموري رئيس مع مؤسسة "أرتغنزا" للثقافات العالمية (دار الفن والابداع)في أن تجعل من مبادرة تنظيم هذا الحفل الفني، الذي تميز بحضور سفير المغرب بلاهاي عبد الوهاب بلوقي والقنصلين العامين للمغرب في كل أمستردام وأوتريخت، طلال الجنان واسماعيل الوريغي وعدد من أعضاء السلك الديبلوماسي وفعاليات جمعوية وثقافية، في أن تجعل من الحفل وسيلة لتسويق المخزون الموسيقي الغنائي العربي المتنوع والراقي. كانت مبادرة جعل منها منظموها تحديا للوفاء لروح التقارب الحضاري من خلال لغة الموسيقى التي لا تعترف بلغة الحدود ورقصة الدبكة اللبنانية، التي قدمتها فرقة "المشرق للفنون" في هولندا، ومناسبة للالتزام بتعزيز الحوار الثقافي والرفع من مكانة الطرب الغنائي العربي الأصيل وجعله قبلة يقصدها عشاق الموسيقى الراقية من كل الآفاق.