سعيد عاهد بقدر ما الحياة فضيحة، مثلما كان ينطق بحكمة الراحل محمد باهي، فضيحة للأحياء، فالموت أيضا فضيحة، فضيحة لهؤلاء الأحياء وليس للأموات. لكن ثمة أموات أكثر إشعاعا بالحياة من الذين «يمضغون القوت وينتظرون الموت». ومحمد ميمون الغرباني، «العضو الثقافي النشيط والمتمرد على الأنساق الثقافية المؤسساتية ذات الطابع الاسترزاقي الهش» كما كان يعرف ذاته المبدعة والمناضلة، ينتمي لفصيلة الغائبين الذين لا يكف حضورهم عن إبهارنا. تخليدا لأربعينيته ووفاء لذاكرته وذكراه، وبمبادرة من أصدقائه وجمعية « المنظر العام وفيق»، احتضنت دار الشباب جمال الدين خليفة بمدينة برشيد لقاء ثقافيا كان ضيفه الكبير صاحب « فتنة االمساءات الباردة »، وذلك يوم الأحد 9 يناير 2011. شهد حفل الوفاء هذا إلقاء مقاربات نقدية وشهادات وقصائد استحضرت ميمون المختار الميموني إنسانا، مبدعا، صديقا وفاعلا في العديد من الواجهات، وعاشقا لوطنه بلا تنازل، وقد استهله القاص جبران الكرناوي، مهندس اللقاء، بكلمات ملؤها التنديد بقدر الردى: «الراحل المختار ميمون الغرباني من مواليد 1968 بمنطقة الناظور، شاعر وقاص، أستاذ اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي. بدأ ينشر أعماله الإبداعية الأولى مع مستهل التسعينيات في منابر إعلامية مختلفة وواصل نشر مختلف إنتاجاته في الصحف والمجلات المغربية والعربية. أصدر سنة 2009 مجموعته القصصية الأولى «فتنة المساءات الباردة» بتقديم القاص أنيس الرافعي. (...) كان المختار الغرباني قارئا نهما للأدب، عاشقا مولعا بالفن ورجلا مخلصا لوطنيته. صباح يوم الثلاثاء 16 نونبر 2010 غاب المختار ميمون الغرباني عن الوجود جسدا لا روحا. مخلفا العديد من الإبداعات والمقالات، ومنها أضمومة شعرية تنتظر النشر . رحم الله المختار.» ساهم في حفل الوفاء: الناقد عمر العسري، الشاعر محمد بوجبيري، سعيد عاهد، القاص أنيس الرافعي، الفنان بنيونس عميروش، الفنان رشيد شناني، القاص احمد لطف الله، القاص محمد معتصم والشاعر عبد العاطي جميل. في هذا العدد، ننشر ملفا حول هذه الذكرى الذكرى الأربعينية يتضمن بعضا من مساهمات أصدقاء الراحل، مع التذكير بأن المشاركين اتفقوا أن تصدر أشغال اللقاء في كتيب تذكاري، ومعها مخطوط ديوان ميمون الذي لم يكتب له النشر قيد حياته «خرائط لجراح الرحيل». الفنان محمد ليتيم حضر فعاليات الملتقى أيضا، وأنجز البورتريه الجميل للراحل الذي يزين ملف هذا العدد.