أضحى سكان زنقة القاهرة، الكائنة بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، يعيشون، مجبرين، على إيقاع الاختناق! هذا الزقاق الذي كان بالأمس يحظى بمكانة خاصة لدى ساكنة درب الشرفاء ودرب الطلبة، حيث كان يعرف بزنقة صالونات الحلاقة والمثقفين، سكانه اليوم أصبحوا يجدون صعوبة لإيجاد ممر، أو مسلك يعبرون من خلاله إلى وجهتهم، وذلك لانتشار الباعة الجائلين / القارين، الذين لم يكفهم احتلال الملك العمومي، بل حتى الأزقة المتفرعة عنه! «إنه سوق عشوائي دائم لبيع الخضر والفواكه والسمك ورياشة الدجاج مع ما يعنيه ذلك من تشويش على راحة القاطنين وعرقلة السير واتساع رقعة الأزبال والقاذورات» يقول بعض المتضررين، الذين أرجعوا أسباب هذه الفوضى إلى «حسابات انتخابية على حساب مصلحة السكان الذين تحولت حياتهم إلى جحيم، حيث يجدون صعوبة حتى في إخراج مرضاهم أو حواملهم إلى المستشفيات، فلا سيارة إسعاف تستطيع العبور ولا سيارات عادية، أما إذا شب حريق في المنطقة فهذا حديث آخر»! يضيف المشتكون. هكذا أصبحت زنقة القاهرة وباقي الأحياء الأخرى كدرب الفقراء وزنقة بحي العيون وزنقة أيت يفلمان وو... تحت الحصار، وذلك تحت مبرر «المشكل الاجتماعي»! «إنهم يحولون الأمتار الشاسعة أو الشارع إلى مساحات ضيقة شارع محمد السادس، زنقة العباسيين .. نموذجا لا تسمح حتى بمرور شخص واحد» يؤكد بعض الجمعويين، مضيفين أن هناك «من يكتري ثلاث مساحات أو يملك أربع أو خمس عربات يمونها... حيث لا صوت يعلو على أصوات وصياح الباعة طيلة النهار إلى ساعات متأخرة من الليل»! إن الأسواق النموذجية التي كانت موضوعا للمذكرة الوزارية المشتركة بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة الداخلية رقم 159 الموقعة بتاريخ 01 نونبر 2002، يؤكد مهتمون بالشأن المحلي ، كان من الممكن أن تشكل وسيلة ناجعة للحد من تفاقم ظاهرة الباعة الجائلين/القارين، لو لم يتم إفراغها من «جدوائيتها»، نتيجة غياب الشفافية وتغليب المصلحة الذاتية والانتخابوية للعديد من المنتخبين في ما يخص معايير توزيع محلات هذه الأسواق»!