الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أخبار الساحة    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025        أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    الزمامرة والوداد للانفراد بالمركز الثاني و"الكوديم" أمام الفتح للابتعاد عن المراكز الأخيرة    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين يوحد «البيع بالتجوال» أحياء العاصمة الاقتصادية

ظل مشكل «الفرّاشة» لسنين عديدة، أمرا يؤرق مضجع ساكنة درب السلطان ومسؤوليها، متسببا في مشاكل جمة، ترتب عنها احتلال للملك العمومي ولمختلف الممرات والطرق، سيما تلك المحيطة أو المتفرعة عن محيط قيسارية الحفارين، وعلى امتداد شارع محمد السادس «طريق مديونة سابقا» وما ينتج عنه من عرقلة للسير بفعل الاكتظاظ، إضافة الى استفحال وانتشار الإجرام، التهرب الضريبي، المنافسة غير الشريفة للتجارة المنظمة، توسيع هامش تداول «الرشوة والزبونية » والتي تستفيد منها لوبيات تحظى بمباركة ودعم جهات مختلفة مرتبطة بالمنتخبين ، بالسلطة أو الأمن، يكون لها نصيبها من ذلك، دون إغفال انتشار الأزبال والنفايات، وعرقلة التدخل العاجل في مواقف استثنائية للوقاية المدنية، الإسعاف وشرطة الإغاثة... وغيرها من المشاكل المرتبطة بالظاهرة، التي لأجلها قامت السلطة المحلية بإخراج برنامج لتنظيم البيع بالتجول ومحاربة احتلال الملك العمومي، بالارتكاز على الانتقال من باعة متجولين / جائلين الى أسواق متجولة، برنامج شرع في تنفيذ نقاطه العريضة بعد عيد الاضحى المبارك ما قبل الأخير، وتحديدا في 11 نونبر 2007 .
تشكل منطقة درب السلطان قبلة مفضلة للراغبين في التبضع والتسوق من مختلف أحياء العاصمة الاقتصادية ومن خارجها، فقيسارية الحفارين ومحيطها ذائعة الصيت، وتعد مركزا تجاريا متكاملا بامتياز، يمكن لأي كان أن يجد به ضالته المنشودة، مما جعل أزقة المنطقة ، التي تحولت إلى سوق شعبي، تشهد منافسة كبرى في بسط سلع باعتها المتجولين من أبناء المنطقة ومن خارجها، فالكل «كيبيع ويشري»، إن بواسطة «الفرّاشة» أو بواسطة عربات مجرورة وأخرى مثبّتة كتلك التي كانت توجد الى وقت قريب بزنقة آيت يفلمان و«عقبة الشلوح» وزنقة المعمورة والعباسيين ، وبحي السمارة وبوجدور وغيرها من الأزقة.
حسب دراسة للمندوبية السامية للتخطيط، فإن عدد الباعة المتجولين بالمنطقة يصل إلى 12 ألف شخص، %80 منهم ذكورا، %86 هم من سكان العمالة، %95 ليس لهم نشاط آخر، بينما %85 يزاولون هذه التجارة منذ أكثر من 4 سنوات، هذا مع العلم أنه في مناسبات معينة كعيد الأضحى أو رمضان، فإن عدد الباعة «المحليين» أو «الفيزيتور» يتراوح ما بين 40 و50 ألف بائع ل 3 الى 4 مليون زائر!
«التحرير» و «التنظيم»
انطلق برنامج «تنظيم» البيع بالتجول بالانتقال من الباعة المتجولين الى أسواق متجولة من مقاربة ، اعتبر أصحابها ، أنها تستحضر الواقع الاجتماعي الذي يؤكد حتمية استحالة القضاء على الباعة المتجولين، لكون هذا النشاط «التجاري» هو مورد رزق لهم، وبالتالي فإن من شأن اعتماده، الحفاظ على السلم الاجتماعي، الأمن، سيولة المرور وتحرير الملك العمومي، وذلك من خلال المنع المطلق لتواجد الباعة المتجولين ببعض الأماكن وإدراجها ضمن خانة المناطق الحمراء وترتيبها انطلاقا من الأولويات (شارع محمد السادس زنقة العباسيين زنقة المعمورة آيت يفلمان شارع الفداء الزنقة 29 ...)، أما ما تبقى من الأزقة فهي نقط ومناطق زرقاء، انطلاقا من قاعدة كل ما ليس أحمر فهو أزرق، وعليه سيسمح باستغلالها من طرف الباعة المتجولين بالتناوب، وفقا لجدولة زمنية ومكانية تراعي نوعية الأنشطة والطاقة الاستيعابية لكل زقاق على حدة، وتفاعل الساكنة المحلية. وقد تم اعتماد هذه الطريقة لغياب الوعاء العقاري ومساحات لاستيعاب الباعة.
استراتيجية البرنامج بنيت على مقاربة تشاركية بتنسيق مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات للدار البيضاء، جمعيات التجار بالجملة والتقسيط، مجلس المدينة، مقاطعتي الفداء ومرس السلطان، وعرفت تنظيم مجموعة من اللقاءات توجت بندوة في المدرسة الفندقية في مارس 2007. وانطلاقا من أنه «لااستراتيجية ناجحة بدون إشراك المعنيين بالأمر» تم الانتقال الى مرحلة التحسيس ما بين أبريل ونونبر من نفس السنة، حيث تم نصب الملصقات، توزيع المطويات، حتى يتسنى للجميع الاطلاع على تفاصيل البرنامج وأبعاده، وغيرها من وسائل الاتصال والتواصل بما فيها البرامج الإذاعية. ليتم الشروع في مسطرة أخرى متعلقة بالإجراءات الادارية، قامت بها السلطة مع المجالس المنتخبة، تمثلت في إصدار مقررات لمنع توقف السيارات (شارع محمد السادس نموذجا) في أوقات معينة، وغيرها من الاجراءات التي هي من صميم اختصاص الشرطة الادارية التي تضطلع بها الجماعة.
«شْهر الحملة »
تم الشروع الفعلي في تفعيل مضامين البرنامج في شهر نونبر 2007، أياما بعد عيد الأضحى، وتم التركيز على محور شارع محمد السادس ، فشملت الحملة محلات الأدوات المنزلية المتواجدة بين «رحبة الزرع» وزنقة «الشمال» والتي كانت تبسط سلعها من ثلاجات وأفرنة وغيرها محتلة الرصيف، دون أن تترك مساحات كافية يمكن للمارة استغلالها، فتم إلزامها باحترام المسافة المخولة لها قانونا، ليتم الانتقال الى إزالة «الفراشات» و«محاربة» الباعة المتجولين، الأمر الذي مكن من تسهيل حركة المرور بشارع كان يعاني الاكتظاظ فلا تجد السيارات ، وغيرها من وسائل المرور، من منفذ سوى ممر واحد « تروازيام بوزيسيون »!
مكنت العملية ، التي تمت مباشرتها، من تحرير المناطق الحمراء بنسبة تراوحت ما بين 95 و%100، واكبتها عملية توحيد «الأطناف» وصباغة الواجهات بتنسيق مع تجار المحلات، من أجل منح المنطقة جمالية ورونقا شملت أزيد من 1350 من الواقيات التي وحِّدت.
الباعة المتجولون أخلوا المناطق الحمراء والتجأوا الى الزرقاء واحترم أغلبهم ما طلب منهم، علما بأن منهم من لم يرقه الأمر، فعمل على تنظيم وقفات احتجاجية بعد 19 يوما على انطلاق البرنامج لعوامل ذاتية يقول مهتمون أكثر منها موضوعية، إلا أنه في آخر المطاف انخرط الكل امتثالا للأمر الواقع، بمن فيهم تجار المحلات الذين هم بدورهم سيخلون أجزاء من الرصيف كانوا يحتلونها بواسطة سلعهم!
من «التنظيم» إلى الفوضى!
الانخراط الأولي لجميع الجهات أدى الى نجاح العملية في مراحلها الأولى، نجاح سرعان ما سيشرع في التقلص، بعدما تبين أن أطرافا شريكة انخرطت تحت اعتقاد أن تأثير البرنامج سيكون محدودا ونجاحه سيكون مرحليا / ظرفيا، وأمام النتائج التي حققها تبين لها أن مصالحها ستتضرر إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، وهي التي كانت تنتعش من تلك الفوضى، فبدأت تفقد جذوة الحماس التي كانت تتميز بها عند البداية، إن تعلق الأمر ببعض التجار أو بعض الباعة المتجولين الذين منهم من انخرط بحثا عن موقع للاستفادة من خلال تزعمه وتمثيله لأقرانه، إضافة الى بعض الممارسات التي سجلت لدى بعض الموظفين الجماعيين، الأمن السلطة والقوات المساعدة. أمور خلقت نوعا من الفتور وانخفاض نسبة الحماس، إضافة الى الإرهاق والتعب، نتيجة النقص في الموارد البشرية واللوجستيكية، لكون العملية تتطلب الاستمرارية والحضور الدائم للمسؤولين من رجال السلطة والأمن والقوات المساعدة، وضرورة المواكبة اليومية، أخذا بعين الاعتبار أن حضورهم الميداني يكون له انعكاس سلبي على مصالح المواطنين، حيث يضطرون الى خلق نوع من التوازن لعدم تعطيلها على مستوى دوائر الامن والملحقات الادارية، واضطرار المسؤولين الى التساهل مع الباعة في مناسبات عديدة من قبيل شهر رمضان، الدخول المدرسي، بالنظر الى غلاء الاسعار والظروف المعيشية، كلها عوامل أدت الى تراجع الحصيلة وفقدان بعض المكتسبات التي تم تحقيقها ، لتعود الأمور الى سابق عهدها ، وإن كان ذلك بشكل أقل.
الباعة على خط «المقاومة»!
«آش بغاونا هاذ الناس نديرو، و اش نمشيوا نشفرو؟»، هكذا اختار أحد الشبان من ساكنة المنطقة، والذي أمام انسداد أبواب الشغل في وجهه بعد حصوله على الإجازة، لم يجد من وسيلة تمكنه من كسب قوته وعيشه سوى «الفرّاشة»، مضيفاً «صحيح هناك نوع من الفوضى، وهناك لوبيات تتحكم في عدد من الأماكن تقوم بتأجيرها لباعة من خارج الحي مستفيدة من الدخل المادي المتعدد، وهناك عوامل تشجع على انتشار السرقة وتفريخ اللصوص بمحيط القيسارية والأحياء المجاورة لها، إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار، وضعنا الاجتماعي، فنحن مع «النظام»، لكن بالضرورة سنكون ضد إعدام أرزاقنا»!
سيدة أخرى خاطبتنا قائلة: «أنا راه هازة 4 ديال اليتامى خلاهم لي بّاهم»، مضيفة: «سنين وانا كنبيع فالبيجامات، وكندور مع الوقت كل ساعة وساعتها، وما كنعرف ندير والو من غير هاذ الحرفة»، مؤكدة أنه لا بديل لها عن «الفراشة»، فهي مورد رزق العائلة «إلا داو لينا السلعة وجراو علينا غير نموتو وصافي»!
«أسيدي إيلا بغاو يجريو على شي واحد يمشيو يجريو على البراني، يبيع فين ساكن أما احنا راه زدنا وكبرنا هنا وما عندنا فين نمشيو »! خطاب واحد تعددت أشكال التعبير عن مبتغاه لكن الهدف نفسه، «الفرّاشة» واقع استمد «مشروعيته» على مر السنين من قلة فرص الشغل وارتفاع نسب العطالة، ليصبح بذلك هذا النشاط المدر للدخل ضرورة لا محيد عنها.
للمواطنين آراء...!
فاطمة سيدة في الأربعينات من عمرها تؤكد أنها تحل بالقيسارية ومحيطها قادمة إليها من ليساسفة، فهي وجهتها المفضلة للتبضع لتوفر كل ما يمكن أن يخطر لها على البال، وبإمكان الجميع العثور على ضالته المنشودة دون عناء، أخذاً بعين الاعتبار الأثمنة المناسبة التي تكون في المتناول.
أما محسن ، أب لثلاثة أطفال، فهو يلعن الظروف التي رمت به للسكن بالمنطقة من خلال تأجيره ل «جوج بيوت وكوزينة ومْراح»، مضيفاً أنه يعيش جحيماً لا يطاق، فالأزبال منتشرة في كل مكان والضجيج والضوضاء ليل نهار، إضافة إلى التلوث وعرقلة السير، تجعله هو وأسرته يجتاز «السراط» للولوج إلى مسكنه أو الخروج منه!
أما رجاء، فقد صرحت بأن هناك من الباعة من هم «طفيليين و ما مربينش»، لا يخجلون من أحد، متلفظين بكلام ناب وساقط يخدش الحياء، يكونون في غير وعيهم، ومع ذلك، يعرضون سلعهم وإذا ما اختلف معهم أحد في السعر، فإن نصيبه من «السَبَّان» يكون وفيراً!
ملاحظة اقتسمها مع رجاء مصطفى مستشهداً بأنه عاين عدة مرات سائقي سيارات من الجنسين اضطروا ، نتيجة الاكتظاظ والازدحام بكل من زنقة العباسيين أو شارع محمد السادس ، إلى المرور فوق جزء من أرضية «الفراشة» أو حتى مجرد استعمال المنبه، ليواجهوا بكافة أنواع الشتيمة والتهديدات بالضرب والاعتداء عليهم!
«إحياء» الحملة من جديد
بعد فترة «غض الطرف»، والتي يمكن تسميتها ب «استراحة المحارب»، استأنفت السلطة المحلية عملية تحرير الملك العام يوم السبت 20 دجنبر 2008، بالمحاور الرئيسية أو المناطق الحمراء، مستفيدة من التعزيزات التي توصلت بها سائر الملحقات الادارية من «المخازنية الجدد»، إضافة إلى الفرقة الموضوعة بمقر العمالة رهن إشارة التدخل، مصحوبة بوسائل لوجستيكية، وفرتها لها الجهة الوصية عبر حلّ إشكال الوقود والصيانة، لتنزل إلى الشارع العام وتشرع فعليا في تنفيذ عدد من خطوط البرنامج بعد إشعار الباعة بذلك، فأخلت بعض المناطق التي كانت محتلة و«محظورة» على حركة السير، ولضمان جو من الشفافية وتفادي كل الأقاويل التي كانت تشير بأصابع الاتهام إلى بعض الجهات من خلال حجزها للسلع ومساومتها للباعة من أجل الإفراج عنها، فإنه بمجرد القيام بعملية الحجز تنطلق الدورية بشكل مستعجل لتسلم ما تحمله إلى نوادي العمل الاجتماعية والخيريات مقابل وصولات تتسلم كل جهة من الجهات المشاركة في الحملة نسخة منها لإرسالها إلى مرؤوسيها.
كما تم الشروع في القيام بعمليات مصاحبة الهدف منها تفادي المواجهة، وذلك ليلا لاقتلاع «الطاولات» والعربات المثبتة بالشارع العام، إضافة إلى تلك المجرورة بالدواب المتواجدة بالمستودعات، ويتم توجيه الدواب إلى المجازر البلدية.
في انتظار المواكبة والاستمرارية المطلوبتين، تبقى آنيا سلطات الفداء قد استطاعت تحقيق الهدف الأول المتمثل في تحرير المناطق الحمراء بمنطقة درب السلطان التي كانت لها الأولوية على حساب القريعة ومحيطها و «درب ميلان»، وتبقى مطالبة بالانتقال إلى المحور الثاني المتمثل في تنظيم المناطق الزرقاء ثم المرحلة الثالثة، والتي أفادتنا مصادرنا بأنه يتم التفكير في شأنها، بتنسيق مع المصالح الجماعية لإعداد مشروع متكامل لتدبير المناطق الزرقاء ، الذي قد يكون على شكل دفتر للتحملات يحدد شروط الإشراف على تدبيرها بما يستلزمه ذلك من حفاظ على النظام والنظافة واحترام الجدولة الزمنية للاستغلال.
إنهم في كل مكان!
لم يقتصر وجودهم وتواجدهم بدرب السلطان دوناً عن غيرها من المناطق والأحياء، وإن كانت هي التي تحتضن أكبر عدد منهم، ما دفع البعض إلى تسميتها ب «العاصمة»، فالباعة المتجولون يصرون على ترك بصماتهم أيضا بالحي الحسني بشارع أفغانستان والأزقة المحيطة به، وببعض «أودية» الألفة، بكل من الحاج فاتح والزبير، علما بأنه في أماكن أخرى من نفس العمالة أضحت «مساحات» البيع بالتجوال عبارة عن ساحات للكر والفر بين قوات الأمن والسلطة والباعة، كما هو الشأن بالنسبة للوفاق 1 قبالة محطة الحافلات، إذ وجد الباعة المتجولون أنفسهم يلتجئون إلى الزنقة 15، وباقي الأزقة اتقاء للدوريات، كما تم إخلاء إحدى الساحات بين الوفاق 2 و 3 التي تحولت إلى عهد قريب إلى سوق شعبي، فتم إخلاؤها، وإن كان ذلك على حساب الأزقة الداخلية، وكذا الجنبات المحيطة برياض الألفة التي كانت حبلى بالفرّاشة والباعة الجائلين.
بابن اجدية كذلك، لم يقتصربعض أصحاب المحلات والدكاكين المختلفة سلعها شكلا ومضموناً، على ملء «حوانيتهم»، وإنما طالت أياديهم الرصيف بأكمله وأجزاء من الشارع، وذلك في محيط المنظمة العلوية للمكفوفين ومرآب مقاطعة سيدي بليوط، وانتقل «احتلال» الملك العام، ليشمل نفوذ درب عمر بأجمله والأزقة المتفرعة عنه ومحيطه بما في ذلك شارع لالة الياقوت وحمان الفطواكي، ووصل الى غاية ادريس الحريزي، ليعدي «فيروس» «تفرّاشت» زنقة الأمير مولاي عبد الله أو «بساج البرانس» الراقي الذي يحتضن محلات تجارية فخمة، فأصابت بعضهم العدوى، وأصبحوا «يفترشون» أرضيته بأنواع مختلفة من السلع، ثم حطت رحالها بممر السوق الكبير ومداخله ثم مخارجه بشارع محمد الخامس الذي لم يسلم بدوره من «الظاهرة»، وصولا إلى محيط «المدينة القديمة»!
باسباتة، سيدي عثمان، الحي المحمدي، سيدي مومن، بورنازيل، مولاي رشيد، درب السلطان، المدينة والحي الحسني... لم يعد هناك من شبر داخل الأحياء البيضاوية في منأى عن ظاهرة الباعة المتجولين والفراشة، من جهة لانتشار العطالة والفقر واتساع رقعة الهشاشة وغياب بدائل، ومن جهة أخرى، «للربح السريع والدخل المريح لنشاط تجاري غير مهيكل لا يخضع لأية مراقبة ضريبية» حسب العديد من المنشغلين بالشأن المحلي ، والشخص الذي يزاوله هو «ديال راسو» غير مقيد بتوقيت أو معرض لعقوبات أو اقتطاعات، وحتى إن أدى إتاوات مقابل غض الطرف عنه ف «كلشي رباح»!
وصفة تفريخ «الفرّاشة»!
لم يعد البائع المتجول هو «الفراش» بالمفهوم التقليدي المعروف، أي الشخص الذي يمارس «مهنة» البيع بالتجوال عن طريق طرح كمية قليلة من السلع يعرضها على الأرض، بل تطور إلى تثبيت طاولات بالشارع العام تستوعب من السلع ، أحيانا كثيرة، أكثر مما يتواجد داخل المحل والدكان التجاري، أخذاً بعين الاعتبار أن فئة كبرى من أصحاب المحلات هم بدورهم يلجؤون إلى هذه الوسيلة، إضافة إلى الباعة بالسيارات المتجولة.
وما ساعد على تفريخ أعداد كبيرة من الباعة المتجولين القادمين من خارج المنطقة، فضلا عن أبنائها، توفير المناخ الملائم للمساعدة على انتشارهم، ويتعلق الأمر بأصحاب المأكولات من نقانق وغيرها، زيادة على الخطر الذي يستهدف صحة وسلامة المستهلكين، الأشخاص الذين يقومون بمزاولة مهام حراس الدراجات في أماكن غير مرخص لها بذلك، ودون توفرهم على تراخيص لممارسة هذه المهنة، الأمر الذي دفع عدداً من أصحاب الدراجات النارية إلى ملئها بالسلع ونقلها إلى محيط القيسارية والمكوث هناك طيلة النهار، مادام الأكل والحراسة متوفرين، ثم المستودعات والمخازن غير القانونية التي تشكل الممون الرئيسي للعديد من الباعة المتجولين الذين يتاجرون بالخصوص في الخضراوات والفواكه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.