مرة أخرة تجد السلطة المحلية بطنجة نفسها وحيدة في مواجهة الباعة المتجولين، بعدما اضطر الكاتب العام للولاية، أول أمس، إلى الدخول في حوار مع مجموعة من الباعة وسط الشارع الرئيسي لحي «كاسابربطا»، حين أقدموا على قطع الطريق المحاذي للسوق احتجاجا على منعهم من «احتلال الملك العام». الجهات المسؤولة ظلت تتعامل مع ظاهرة انتشار الباعة الذين يفترشون الأرصفة والطرقات بعدد من المناطق بالمدينة، بشكل احترازي و«مناسباتي»، من خلال السماح لهم بالتصرف كما يشاؤون في شوارع وأزقة مجموعة من الأحياء، كما كان الحال مؤخرا في شهر رمضان وأيام عيد الأضحى، قبل أن تتدخل ل» تحرير» الملك العام بعد عطلة العيد وسط موجة من الاحتجاجات خاضها الباعة ضد قرار السلطة، وهو نفس السيناريو الذي تكرر بمناسبة عاشوراء. مجموعة من الباعة يعتبرون احتلالهم لبعض الشوارع «حق مشروع « في انتظار توفير لهم « بديلا « يضمن لهم استمرار ممارسة أنشطتهم التجارية لضمان « قوتهم المعيشي «، فيما ترى السلطات المحلية أن من واجبها حماية الملك العمومي والجماعي وعدم السماح بحالات «الفوضى» التي يشتكي منها العديد من السكان، خاصة من القاطنين بالمناطق المتكتظة ب« الفراشة ». الاحتجاجات، التي شهدها الحي الجديد، أول أمس، دفعت السلطات المحلية إلى التنازل عن تحرير الأرصفة، مقابل عدم السماح بافتراش الطريق الرئيسي تفاديا لعرقلة حركة السير، كما تم اقتراح تخصيص بقعة أرضية مجاورة لمسجد طارق ابن زياد لفائدة « الفراشة « ونقل بائعي الخضر إلى المنطقة المحاذية لسوق المتلاشيات والأدوات القديمة، لكن جميع الحلول والمقترحات ظلت معلقة في غياب تمثيلية حقيقية للباعة خاصة المتجولين منهم، الذين يتزايدون يوما بعد يوم حسب المناسبات مما يعيق إجراء إحصاء دقيق لأعدادهم وكيفية استفادتهم. سكان الحي الجديد التابع للمقاطعة الحضرية الشرف السواني، أضحوا يعانون من اكتساح الباعة لجميع أزقة الحي لدرجة أن أحد المؤسسات التعليمية فقدت معالم بوابتها الرئيسية وصار الأساتذة والتلاميذ يجدون صعوبة في ولوج المدرسة، ويدرسون داخل الأقسام على أنغام صراخ الباعة ، كما تحولت ممرات الراجلين إلى محلات تجارية تضم مختلف أنواع السلع، وهو الأمر الذي تعيشه شوارع أخرى بدرجات متفاوتة بمناطق عديدة وسط المدينة. الجماعة الحضرية لطنجة، التي سبق لمجالسها السابقة أن ناقشت إشكالية ظاهرة الباعة المتجولين بالمدينة، تقف عاجزة عن توفير حلول موضوعية لوقف نزيف «الفراشة» وإعلان خطة واضحة بتنسيق مع السلطة لتحرير الملك العمومي، مقابل ارتفاع الأصوات المطالبة بتأهيل الأسواق وإعادة هيكلة النشاط التجاري وإعداد فضاءات جديدة تستوعب هذه الفئة وفق شروط تحترم الملك الجماعي ومن شأنها تحقيق مداخيل للمجلس. محمد كويمن