لم تكن الفضائح التي هزت أعلى جهاز وصي على كرة القدم في العالم لتمر دون أن تكشف معها عن خبايا بعض الأحداث التي عاشها المغاربة مع هذه المنظمة خلال متم التسعينات وبداية الألفية الثالثة، إذ لم يكد يمر الأسبوع الأول من توقيف المصالح الأمنية السويسرية لبعض أعضاء الجهاز التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم، حتى بدأ اسم المغرب يطفو على واجهة الأحداث، فتارة يتم اتهامه بمحاولة إرشاء اثنين من أولئك الأعضاء، وتارة أخرى يكون في صف ضحايا عمليات شراء للأصوات كلفته خسارة تنظيم مونديال طال انتظاره. فحسب صكوك الاتهام التي يتوفر عليها القضاء الأمريكي، فثمة وثائق تشير لتورط اللجنة المكلفة بالدفاع عن ملف المغرب لتنظيم لكأس العالم سنة 1998 في محاولة إرشاء عضوين داخل اللجنة التنفيذية للفيفا من خلال عرض مليون دولار على ذلك العضو. ووفق الوثائق التي يتوفر عليها القضاء الأمريكي فالجانب المغربي حاول وقتها تقديم رشوة للعضوين «جاك ورانر» و «شاك بليزر» بهدف استمالة صوتيهما لخدمة ملف المغرب خلال المنافسات على تنظيم مونديال 1998. وتضمنت وثائق القضاء الأمريكي إشارة إلى انتقال العضوين «شاك بليزر» و «جاك وارنر» نائب رئيس الفيفا السابق والأمين العام السابق لاتحاد الكونكا كاف (اتحاد أمريكا الشمالية لكرة القدم أو اتحاد شمال ووسط أمريكا والكاريبي) إلى المغرب بدعوة من المسؤولين المغاربة، الذين عرضوا عليهما مليون دولار. نفس الوثائق أوضحت أن اللجنة المغربية المكلفة بإعداد ملف ترشيح المغرب لاستضافة مونديال 2010، حاولوا مرة أخرى استمالة العضو جاك وارنر بنفس المبلغ، غير مسؤولي جنوب إفريقيا قدموا مبلغا مضاعفا عشر مرات. وفي غمرة هذه الفضائح، فجرت صحيفة بريطانية قنبلة جديدة كشفت فيها عن وقوع تلاعبات داخل الفيفا وصلت لدرجة تزوير نتائج التصويت داخل اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم، وبالتالي حرمان المغرب من حق تنظيم كأس العالم سنة 2010، ومنحه لجنوب إفريقيا. فحسب تسجيلات صوتية لأحد أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، تم نشرها متم الأسبوع الماضي، فإن الأمر يتعلق بفضيحة كبرى تتهم الجهاز الوصي على كرة القدم في العالم بتزوير نتائج التصويت الخاصة باختيار البلاد الذي كان سيحتضن نهائيات كأس العالم سنة 2010، حيث تضمنت التسجيلات الصوتية، التي نشرتها صحيفة «صانداي تايمز» البريطانية والتي تعود لسنة 2000، تصريح البوتسواني إسماعيل بهامجي، الذي كان حينها يشغل منصب عضو المكتب التنفيذي للفيفا، يقول فيه إنه على يقين بأن المغرب هو الذي فاز بحق تنظيم 2010، مضيفا أن زملاءه في المكتب التنفيذي يشاطرونه نفس الرأي، سيما أنهم كشفوا لبعضهم البعض عن الجهة التي صوتوا لصالحها، وهي العملية الحسابية التي أعطت الأسبقية للمغرب. وجاء أيضا في تصريح بهامجي أن باقي الأعضاء قد يكذبون بخصوص الجهة التي صوتوا لصالحها، لكنه أكد أن أوراق التصويت تم عمدا إحصاؤها بشكل خاطئ. وقال: «بعد التحدث إلى الجميع حول الجهة التي صوتوا لها، بحكم أننا زملاء، تبين لنا أن المغرب هو الذي فاز فعليا بفارق صوتين». وكشفت الصحيفة البريطانية أن تلك التسجيلات الصوتية جزء من تحقيق سري قام به صحافيوها قبل خمس سنوات، حيث عملت الصحيفة على تقديم نسخ منها للفيفا ولرئيسها حينها، جوزيف بلاتير، غير أن ذلك لم يغير من الواقع شيئا. وسبق أن صدرت تصريحات عن البوتسواني بهامجي سنة 2011 يتهم فيها قطر بشراء أصوات ممثلي إفريقيا في المكتب التنفيذي للفيفا لضمان الفوز بتنظيم مونديال 2022. وعلق المتتبعون لسلسلة فضائح الفيفا التي بدأت قبل بضعة أسابيع، وأسفرت عن توقيف بعض أعضاء هذا الجهاز، على أنه في حال تأكد وجود تزوير في نتائج التصويت الخاص بمونديال 2010، فإن هذه ستكون أكبر فضيحة كروية يعرفها المشهد الكروي في العالم، لأن قرارات أعلى هيئة داخل أكبر منظمة كروية في العالم لم يتم الأخذ، بل وتم تزويرها. وفي سياق متصل بفضائح الفيفا ومرتبط بالمغرب، كشف صحيفة «داي زايت» الألمانية أن الحكومة الألمانية فعلت المستحيل لتضمن دعم الجانب السعودي لملفها لاحتضان كأس العالم سنة 2006، والذي كان المغرب وجنوب إفريقيا هما أكبر منافسين لألمانيا. وذكرت الصحيفة الألمانية أن المستشار الألماني حينها، غيرهارد شرودر، عمل على رفع حظر بيع الأسلحة للسعودية بضعة أيام قبل التصويت النهائي في زيورخ السويسرية. ولحدود الساعة، لم يخرج المغرب بموقف رسمي إزاء كل الاتهامات والفضائح التي يتم تداولها، حيث اعتبر بعض المتتبعين أن الجانب المغربي ينتظر انتهاء التحقيقات وظهور الحقائق ليتخذ موقفا رسميا على ضوئها، حيث ذكرت بعض التقارير الإخبارية إلى أن المغرب قد يتجه نحو مقاضاة «الفيفا» في حال اتضاح تورط هذا الجهاز في تزوير أصوات اللجنة التنفيذية وحرمان البلد من تنظيم حدث دولي من قيمة كأس العالم.