وفق «الكتاب الأبيض عن الإرهاب في المغرب» الصادر عن «الفريق الدولي للدراسات الإقليمية والأقاليم الصاعدة» بطوكيو (مارس 2015)، فإن تركيب الخلايا الإرهابية النائمة والمتأهبة بالمغرب عرفت، بعد تفجيرات 16 ماي 2003، تحولا مفصليا يجب أن تؤخذ دلالاته وأبعاده بعين الاعتبار. وإذا كان هذا التحول يتجلى في استقطاب الجماعات الإرهابية لبعض حملة السلاح من صفوف الجيش والدرك والأمن الوطني، فإن تفكيك شبكة «أنصار المهدي» الخاضعة لزعامة حسن الخطاب في يوليوز 2006 تشكل أحد أبرز مؤشرات التحول المقصود. وكيف لا والخلية التي كانت تخطط لتنفيذ عمليات واسعة النطاق ضد مواقع سياحية في مراكش وثكنات عسكرية والسفارة الأمريكية بالرباط، قد احتضنت ضمن أعضائها ضباط صف في القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، بالإضافة إلى ضابط شرطة. سموم الشرطي المستقيل في غشت 2003، ألقي القبض بالدارالبيضاء على أحد عشر عضوا منتميا لخلية كانت تخطط لاغتيال مغربي ومغربية من الديانة اليهودية، وتصفية مسؤول أمني، والسطو على وكالة بنكية، والهجوم على شاحنات لنقل الأموال وسرقة أسلحة نارية من مخزن لقوات التدخل السريع. زعيم هذه الخلية لم يكن سوى رجل أمن استقال من جهاز الشرطة بسبب ميولاته المتطرفة يدعى خالد أديب. الخلية كانت قد اهتدت إلى وسيلة لصناعة سم انطلاقا من فئران متحللة قصد توظيفه في عمليات اغتيال ضحاياها. كما أنها سعت بدون جدوى إلى استقطاب موظف سابق بالأمن، أطلق سراحه لاحقا، ودفعه إلى سرقة أسلحة لفائدتها من مخزن لقوات التدخل السريع بالدارالبيضاء، عبر إخفائها في الصندوق الذي يضع فيه أغراضه، مستغلا سهولة ولوجه للمخزن الذي كان يعرف بعض الأشغال بصفته كهربائيا. محاولة اختراق القوات المسلحة الملكية بقائمة اغتيالات طالت سبعة أشخاص، وترسانة أسلحة ومتفجرات مهمة، شكلت الخلية التي تم اعتقال أعضائها الاثنين وخمسين بفاس ومكناس في فبراير 2004، خطرا حقيقيا وداهما. وكان أعضاء التنظيم قد قرروا في نهاية 2003 الانتقال إلى إستراتيجية جديدة تنبني على تنفيذ أعمال إرهابية واسعة النطاق، وذلك نظرا لكون ما اقترفوه سابقا لم يلق الصدى الإعلامي المرغوب فيه من طرفهم. ما جعلهم يطورون مخططاتهم في محاولة منهم لاختراق صفوف القوات المسلحة الملكية، في أفق الاستيلاء على أسلحة لاستعمالها في عملياتهم. هكذا، ففي يناير 2004، عمد أعضاء التنظيم إلى التقرب من عسكري درجة ثانية يعمل بمكناس، وأمدوه بوثائق ذات حمولة «جهادية» للتأثير عليه وجذبه إلى تنظيمهم. وفي نفس السياق، ناقش الأعضاء إمكانية التزام أحد أتباعهم، هو حفيظ الوافي المدعو مروان (معتقل سابق)، كان يخطط للعمل في صفوف القوات المسلحة الملكية. وكان الهدف يروم استفادته من تكوين عسكري، ثم سرقة شحنة من الأسلحة من الثكنة التي كان يفترض أن يحال عليها في نهاية تدريبه لفائدة التنظيم ذاته. تقمص دور رجال السلطة بهدف إشاعة أجواء من الالتباس والذعر، عمدت الخلية الإرهابية التابعة لكل من عبد المالك بوزغارن ويوسف عداد، المفككة في ماي 2004، إلى التركيز على حاملي البذل الرسمية، قصد استعمالها في حملات تفتيش مزورة. كان التنظيم يضم اثنين وأربعين شخصا ينشطون في مدن اليوسفيةوالدارالبيضاء وطنجة والناضور والقنيطرة وبني ملال وبرشيد والمحمدية وسلا. ومن بين ضحاياه، يوجد حاملو البذل على رأس القائمة، بينهم قبطان في القوات المسلحة الملكية بالدارالبيضاء، وقبطان في القوات المساعدة بالناضور ودركي في مهدية. وكان يفترض أن تستخدم البذل الوظيفية لهؤلاء في ارتكاب أعمال تخريبية بتقمص دور رجال السلطة. ضباط ورجال شرطة في تنظيم «أنصار المهدي» اعتمد المعتقل الحسن الخطاب، زعيم تنظيم «أنصار المهدي» الذي تم تفكيكه في يوليوز وغشت 2006، استراتيجية تقوم على الاستقطاب والتأطير، في ظل التركيز على استقطاب عناصر عسكرية. فقد أصدر توجيهات لأتباعه المعتقلين، وعددهم ثمانية وخمسون، للالتحاق بمناطق التوتر، لاسيما في أفغانستان والعراق، كونها أقرب إلى أهدافه المتمثلة في نقل تجربتها إلى الأراضي المغربية، لتوسيع رقعة الحركات الجهادية. وقد نجح في استقطاب ضباط صف من القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، وضابط شرطة، وأربعة نساء يتحدرن من أوساط ثرية في الدارالبيضاء، ساهمن في تمويل مخططاته الإرهابية. على خلفية الاستقواء بانتساب عناصر ذات تأهيل عسكري الى التنظيم، شرع الحسن الخطاب في الإعداد لعمليات عنف دامية، ضمن مشروعه الجهادي، ما دعا عسكريين من التابعين له إلى التخطيط للقيام بعمليات سطو قصد تمويل مشاريع الخلية. جاذبية معسكرات التدريب الجزائرية خلية «السلفية الجهادية» المفككة في أكتوبر 2007، كانت تضم من بين أعضائها الثلاثة المتعقلين عسكريا سابقا. وقد أكدت التحريات أن نشطاءها كانوا يقيمون بدوار لبيايض في إقليموجدة ويستعدون للتسلل سرا إلى التراب الجزائري قصد الخضوع لتدريبات عسكرية في معسكرات «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، قبل العودة إلى المغرب لتنفيذ اعتداءات ضد مصالح الأمن. أما العسكري المعني، فاسمه توفيق فكري، وهو عسكري سابق في صفوف القوات الجوية الملكية تم التشطيب عليه منها في سنة 1995 بسبب عدم انضباطه. «فتح الأندلس» وثكنة بنجرير لدى تفكيك خلية «فتح الأندلس» في غشت 2008، واعتقال خمسة عشر منتميا لها، ظهر أن لها امتدادات في العديد من المدن المغربية وباريس، وأن نشطاءها على دراية ومهارة في مجال صنع المتفجرات، وأنه كان من بين مخططاتها الهجوم على قاعدة المظليين الواقعة ببنجرير بمساعدة جندي سابق بالثكنة. وبالفعل، فثكنة اللواء الثاني لمشاة المظليين في بنجرير كانت تحتل أهمية خاصة قي أجندة مخططات أعضاء التنظيم الإرهابية، حيث كانوا يعتزمون الهجوم على مخازن الأسلحة والذخائر بها، بمساعدة شريكهم المعتقل عبد العزيز هرام، وهو جندي سابق عمل في القاعدة العسكرية فبل أن يتم تسريحه بناء على طلبه سنة 2005. وقد حدد الأخير يوم عيد الأضحى كتاريخ للهجوم بسبب ظروف تخفيف الإجراءات الأمنية بهذا الموقع الحساس أيام العيد والانشغال بالأضحية. عسكري سابق أميرا لخلية جهادية في مارس 2010 ،أسفر تفكيك الخلية الإرهابية التي يقودها عزوز العسال عن اعتقال ستة أشخاص، بكل من مدن العرائش وكرسيف وتازة والقنيطرة، من بينهم عنصر من القوات المساعدة، وعسكري سابق، يعتبر زعيم التنظيم وامرأة في مقتبل العمر. عبر رصد مساره المهني، تبين أن العسكري السابق بالقوات المسلحة الملكية، سبق له أن استقال من عمله عام 1993، كي يتفرع لالتزامات جديدة، بعد الانخراط في تنظيم متطرف، لم يكن سوى «فتح الإسلام» بلبنان قصد الاستفادة من خبرة التنظيم في مجال المتفجرات في أفق تنفيذ عمليات اغتيال ضد شخصيات سياسية وعسكرية، وأعضاء من الجالية اليهودية، ومواطنين مغاربة معتنقين للديانة المسيحية، وسياح غربيين. من بين المهام الأولى التي اضطلع عليها، تكليف أحد أنصاره بجمع المعلومات عن الأجهزة الأمنية، اضافة إلى إجراء تجربة لصنع متفجرات بكرسيف. وخطط مؤسسو الخلية الذين يرتبطون بعلاقات مع دعاة التكفير لعمليات ميدانية، ركزت على حيازة أسلحة من مدينتي سبتة مليلية المحتلين وإعداد جماعات للتمرد بالقرب من منطقة فرخانة -عمالة الناضور كما خططوا للهجوم على ثكنة الكتيبة الثالثة للمشاة بمكناس، حيث كان عزوز العسال يزاول مهامه. ولضمان تمويل مشاريعهم، خطط المتهمون لتنفيذ هجمات على مقرات المؤسسات البنكية وأماكن بيع المشروبات الحكولية، بكل من تازة وكرسيف والعرائش، ومطعم يديره مواطن اسباني بنفس المدينة. كما كانت الشبكة تخطط لتنفيذ عمليات اختطاف لشخصيات عسكرية، قصد المطالبة بفدية، بتنسيق مع اهاربيي تنظيم -القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. عسكريون مهربون للأسلحة في يناير 2011 ، أتاح تفكيك خلية مكونة من سبعة وعشرين شخصا الكشف عن تورط عسكريين في تهريب أسلحة وذخيرة إلى المغرب لصالح التنظيم المفكك. كانت الخلية تضم من بين أعضائها هشام ربجة الناشط في صفوف «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي أرسله التنظيم من شمال مالي قصد تأسيس تنظيم واسع النطاق في المملكة. وأسفرت عمليات التفتيش عن حجز ترسانة من الأسلحة النارية كانت مخبأة في ثلاثة أماكن بمنطقة أمغالا، على بعد 220 كيلومترا عن العيون. كما أفادت التحقيقات أن الأسلحة والذخيرة المحجوزة هربت إلى المغرب من طرف شبكات للتهريب كانت تتعامل مع خمسة عسكريين متواطئين يوجدون رهن الاعتقال. تحالف بين عسكري سابق في الجيش الإسباني والمتطرفين الجهاديين تشير الوقائع المرتبطة بخلية جمال ألاكالا دمير، المفككة في يناير 2014، إلى تحالف بين عسكري سابق في الجيش الاسباني وفلول نشطاء متطرفين، اتخذوا من مدن الناظور وتطوان ومراكشوتازة والحسيمة وفاس قواعد لتحركاتهم ذات العلاقة بالإرهاب. ويعتبر الإسباني المغربي جمال ألاكالا دمير، وهو عريف سابق من 1998 إلى 2005 في وحدة الفيالق تييرسو غران كابيتاني - بمليلية، زعيم الخلية، يشاركه المنظر العقائدي المزعوم زيدان الدريسي، نفس التوجهات والأهداف. وقد عثر بحوزة هذا الأخير، على علم لتنظيم «القاعدة» يتوسطه شعار التوحيد، بالاضافة إلى سيوف مقوسة وفأس وعصا، ووثائق كثيرة تشير لميول أعضاء الخلية لاستعمال العنف وتكفير الحكام والمجتمع واعتبار الاختيارات الديمقراطية وفق المنظور الغربي «بدعة» تفرض الجهاد. تحالف جمال ألاكالا دمير مع «ز.د» الذي كان عضوا في تنظيم عبد الفتاح بوحفاص، الملقب بأبو حفص المغربي?، وهو جندي سابق في صفوف القوات الجوية الملكية، كان ينشط في شمال مالي ضمن ?حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا? وله سوابق في الممارسات الارهابية، وصلت إلى درجة بث تسجيلات تهديدية ضد المغرب. ونجم عن تحالفهما المستند إلى نفس القناعات، أن اتجها نحو نقل أفكارهما المتطرفة إلى حيز التطبيق، وتحديدا من خلال اقامة قاعدة خلفية، اختارا لها منطقة جبلية وعرة المسالك وفي اعتقادهما أن سكانها يمكن أن يتعاطفوا مع التوجهات الإرهابية.