من المؤشرات اللافتة بخصوص هوية «الجهاديين» الذين قدموا إلى المغرب بغاية القيام بعمليات إرهابية أن مجموعة كبيرة منهم تحمل جنسيات أجنبية، أوربية وعربية. وهذا ما تثبته العملية الأخيرة التي قام بها المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يوم الخميس الماضي، حيث تمكنت عناصره من إيقاف مواطنة فرنسية رفقة مواطن مغربي مقيم سابق بأحد البلدان الأوربية، كانا يعتزمان الالتحاق بصفوف «داعش». وذكر بلاغ لوزارة الداخلية أن الموقوفين «كانا يعتزمان القيام بعمل إرهابي سواء بالمغرب أو بالخارج، و ذلك بعد أن أعلنا ولاءهما للخليفة أبو بكر البغدادي». التحاق «الجهاديين» الأجانب بالتنظيمات الإرهابية في المغرب ليس وليد اليوم، ذلك أن تاريخ الإرهاب ببلادنا ظل منذ 1994 يحمل بصمات أجنبية. ففي 24 غشت من تلك السنة، اهتزت مراكش على وقع أول عمل إرهابي يعرفه المغاربة، حيث قام عدد من الملثمين الفرنسيين من أصول جزائرية ومعهم مغاربة بهجوم مسلح بالبنادق والمتفجرات على فندق أطلس أسني، مخلفين مقتل ما لا يقل عن ثلاثة سياح أجانب، ليتم إلقاء القبض على ثلاثة جزائريين هم: الجزائري هامل مرزوق والفرنسي من أصل مغربي «حمادي رضوان» والفرنسي «ستيفان أيت إيدر» الذي قيل بأنه قائد الكوماندو الذي نفذ التفجير الارهابي، حيث أدين الأوّلان بالسجن المؤبد وحكم على الثالث بالإعدام. ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت الحدود التي تسربت منها الأسلحة صعبة الاختراق، وانتظر المغرب أقوى لحظة إرهابية ضربته في 16 ماي 2003، ليدرك أن «السلفية الجهادية» لم تعد نهيا عن المنكر أو نهيا عن المعروف، بل نظاما قائم الذات، وله امتدادات جغرافية عابرة للقارات، حيث لم يعد الإرهاب الذي يستهدف المغرب حكرا على أسماء مثل: أحمد ومصطفى وعمر ويوسف أو المعطي، بل باتوا يحملون أسماء مثل: ميشيل وروبير وجان وهنري وجرار وكلود...إلخ. فقد أكدت «تفجيرات 16 ماي» بالدارالبيضاء، أن المغرب ليس استثناء بخصوص «الجهاديين العابرين للقارات» الذين يأتون من جميع أطراف الأرض للقيام بفريضتهم الغائبة، حيث ما إن باشرت مصالح الأمن ملاحقة الانفجاريين وشيوخهم حتى ظهر على السطح اسم الفرنسي روبير ريشارد أنطوان، الذي ادعى، أثناء محاكمته، أنه يعمل لصالح المخابرات الفرنسية من أجل اختراق الأوساط الإسلامية الجزائرية ببلجيكا وفرنسا، وهو ما كذبته وزارة الداخلية الفرنسية عبر بلاغ لها أصدرته وقتها. وقد أبان ريشارد أنطوان عن قدرات عالية في المراوغة والدهاء أثناء استنطاقه من قبل هيئة المحكمة، فكان دائما يتهرب من الجواب المباشر، ويعطي أحيانا أجوبة لا علاقة لها بالسؤال. وإذا كان روبير ريشار قد فتح أعين المغاربة على لزوم استحكام المراقبة على الحدود أكثر من السابق، فإن هناك فرنسيا آخر تمت محاكمته في هذا النوع من الملفات وهو بيكار بيريك، الملقب ب»بلال»، الذي كان متابعا بتهمة عدم التبليغ عن مخطط يهدف إلى ارتكاب أعمال إرهابية طبقا للفصل 218 من قانون مكافحة الإرهاب.. وقد انتهت التحقيقات إلى أن للإرهاب الذي يستهدف المغرب عشا أوربيا اسمه: «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة»، وأن مجموعة من الأجانب تتحكم في خيوطها، وفي خيوط بعض الجهاديين التابعين لها محليا. وفي سنة 2007 أصدرت غرفة الجنايات «الدرجة الثانية» بملحقة محكمة الاستئناف بسلا حكما يقضي بالسجن لمدة 15 سنة في حق مواطن تونسي وهو محمد بن الهادي مساهل، الذي تمكن، بعد دخوله إلى المغرب في يناير 2006 على متن سيارة سياحية، من استقطاب مغاربة من أجل الانضمام إلى تنظيم القاعدة والالتحاق بأبي مصعب الزرقاوي. وإن كان الإرهاب لا دين له ولا وطن ولا جنسية، كما يقال، فالملاحظ أنه في السابق كانت الجنسيات المتابعة في ملفات الإرهاب تقتصر على الجنسية المغاربية والأوروبيين قبل أن تظهر أسماء لمواطنين مشارقة، كما هو الشأن بالنسبة للخلية الإرهابية التي يتزعمها الفلسطيني «يحيى الهندي»، التي تم تفكيكها خلال شهر يونيو 2010، والتي تضم 11 شخصا. وحسب مصالح الأمن، فإن هؤلاء يتبنون الفكر التكفيري الجهادي، ويخططون لارتكاب أعمال إرهابية داخل التراب المغربي. وقالت مصالح الأمن إن أفراد هذه الخلية يحملون فكرا تكفيريا جهاديا. وقد تم إطلاق المعتقل الفلسطيني في غشت 2013 بموجب عفو ملكي. وأصل الحكاية أن الفلسطيني يحيى محمود درويش الهندي، الذي قدم إلى المغرب في 21 ماي 2010 ، سيفتح المجال أمام ارتباطات المغاربة بالقاعدة. في المنطقة الباكستانية الأفغانية وبفروعها في شبه الجزيرة العربية والصومال. إلا أنه بعد اعتقال أفراد التنظيم وعددهم 11 شخصا في مدن مراكش والدارالبيضاء وبين ملال وأزيلال ووجدة ستنكشف المخططات، التي كان يعتزم تنفيذها المتزعم الرئيسي الفلسطيني يحيى محمود درويش الهندي الذي دخل الى المملكة، بهدف إقامة قاعدة خلفية، لتنفيذ عمليات إرهابية متعددة على المدى المتوسط، على شاكلة العمليات التي نفذتها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الجزائر. وقد لجأ يحيى محمود درويش الهندي إلى مساعدة أخيه، محمد محمود درويش الهندي، العضو في اللجنة السياسية والتربوية ل « حماس» منذ 2003، لتمكينه من مغادرة فلسطين، حيث قام هذا الاخير بتسجيله في لائحة الفلسطينيين المسموح لهم بالمرور من معبر رفح في اتجاه مصر«ومن مصر ركب الطائرة في اتجاه الدارالبيضاء. للتغطية على الغرض الحقيقي من إقامته بالمغرب، كان متزعم التنظيم، الذي دخل إلى المملكة بتأشيرة مزورة، يعتزم ممارسة نشاط تجاري بمراكش«لكنه استغل ما راكمه من خبرة قتالية ميدانية، خصوصا في التدرب على تقنيات صنع المتفجرات داخل المنظمة الفلسطينية الجهاد الإسلامي ، وشرع في إجراء اتصالات مع بعض مستخدمي الانترنت المغاربة من أجل توسيع صفوف خليته، عبر تجنيد الشباب المنحاز إلى طروحاته المتطرفة، قبل إقامة معسكر تدريب في منطقة جبلية. وقد شمل المخطط الإرهابي الذي عكسته التحقيقات، حسب تقارير إعلامية، تنفيذ اعتداءات على الجالية والمصالح اليهودية والغربية، ورموز السلطة وأماكن الفساد والانحلال الخلقي ، في المدن التي تعرف رواجا وإقبالا سياحيا. كي يضفي على مهمة الاستقطاب نوعامن الغطاء، خطط درويش الهندي، لإطلاق موقع جهادي على الأنترنت لاستهواء الشاب الذين يشاركونه قناعات الجهاد ضد اليهود ومناصرة العمليات الإرهابية، تحت اسم منتديات تنظيم القاعدة الإسلامية الجهادية . كما انخرط في مهمة جمع المعلومات عن طريق الانترنت GOOGLE (EARTH لتحديد مواقع مغاربة من ذوي الديانة اليهودية في مدن المغرب، وخصوصا الدارالبيضاء ومراكش والصويرة والرباط ثم انتقل في ضوء ذلك إلى حصر الأهداف المزمع ضربها مثل المدرسة اليهودية الكائنة بالدارالبيضاء. كما كان يعتزم تنفيذ اعتداءات على مثليين مغاربة، في مدينة مراكش. لكن تحريات دقيقة في رصد علاقات التنظيم، مكنت من الكشف عن وجود ارتباطات، ذات نزعة تآمرية مع مغاربة من الحركة الإسلامية المتطرفة، التي تنشط في بلجيكا وفرنسا وإسبانيا، وتعمل مع شبكات تجهيز مقاتلين ل الجهاد إلى المنطقة الباكستانية الأفغانية، وكانت بصدد التخطيط لمشروع اعتداء في بلجيكا. وقد استثمرت الشبكة الأوربية مبالغ مالية مهمة، لاقتناء نظام »سيرفر « آلي يأوي مجموعة من غرف الدردشة، بغرض تأمين تبادل المحادثات بين مستخدمي الإنترنت، وأيضا لتحديد مقاتلين ل »الجهاد» بكيفية مناسبة، وبرمجة إرسالهم، عن طريق الاتصال الإلكترونية، إلى مناطق الصراع.. ومن الأمثلة الدالة أيضا اعتقال مواطن يحمل الجنسية اليمنية (سعيد علي باديبان) على «صلة وثيقة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إثر تفكيك خليتين إرهابيتين تضمان تسعة أفراد، وكانت الخلية الأولى تطلق على نفسها اسم «جبهة الجهاد الصحراوية»، وتخطط للقيام بأعمال إرهابية تحت تأطير عنصر موال لجبهة البوليساريو. أما الخلية الثانية فكانت تنشط في مجال استقطاب وإرسال المتطوعين للجهاد بالعراق. وإذا كان العمل الاستباقي للمصالح الأمنية، قد مكن من تفكيك ما يزيد عن 140 خلية في السنوات العشر الماضية، أي بمعدل تفكيك خلية في الشهر تقريبا، فإنه أيضا قد مكن من إسقاط العديد من الأجانب الذين كانوا يتربصون بالمؤسسات الحيوية والاستراتيجية ببلادنا. ففي مارس 2010 أسفر تفكيك الخلية الإرهابية التي يقودها الإسباني من أصول مغربية، عزوز العسال، عن اعتقال ستة أشخاص، بكل من مدن العرائش وكرسيف وتازة والقنيطرة، من بينهم عنصر من القوات المساعدة، وعسكري سابق يعتبر زعيم التنظيم وامرأة في مقتبل العمر. عبر رصد مساره المهني، تبين أن العسكري السابق بالقوات المسلحة الملكية، سبق له أن استقال من عمله عام 1993، كي يتفرغ لالتزامات جديدة، بعد الانخراط في تنظيم متطرف، لم يكن سوى فتح الاسلام بلبنان، قصد الاستفادة من خبرة التنظيم في مجال صنع المتفجرات في أفق تنفيذ عمليات اغتيال ضد شخصيات سياسية وعسكرية، وأعضاء من الجالية اليهودية، ومواطنين مغاربة معتنقين للديانة المسيحية وسياح غربيين. من بين المهام الأولى التي اضطلع بها، تكليف أحد أنصاره بجمع المعلومات عن الأجهزة الأمنية، إضافة إلى إجراء تجربة لصنع متفجرات بكرسيف. وخطط مؤسسو الخلية الذين يرتبطون بعلاقات مع دعاة التكفير لعمليات ميدانية، ركزت على حيازة أسلحة من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتي، وإعداد جماعات للتمرد بالقرب من منطقة فرخانة عمالة الناظور . كما خططوا للهجوم على ثكنة الكتيبة الثالثة للمشاة بمكناس، حيث كان عزوز لعسال يزاول مهامه ولضمان تمويل مشاريعهم، خطط المتهمون لتنفيذ هجمات على مقرات المؤسسات البنكية وأماكن بيع المشروبات الكحولية، بل من تازة وكرسيف والعرائش، ومطعم يديره مواطن إسباني بنفس المدينة. وقال معلومات إن الشبكة كانت تخطط لتنفيذ عمليات اختطاف لشخصيات عسكرية، قصد المطالبة بفدية، بتنسيق مع إرهابي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ، بالنظر إلى الخبرة التي راكمها التنظيم في عمليات من هذا النوع. برزت ارتباطات التنظيم ب القاعدة وفروعها الاقليمية من خلال الميل الذي أبداه أعضاؤه المعتقلون في الانخراط في المشاريع التخريبية لهذه المنظمة، كما هو الشأن بالنسبة لعنصر القوات المسلحة الملكية، زكريا المغفوري المعتقل السابق الذي كان يعتزم الالتحاق بأفغانستان من أجل الجهاد ، حيث قام بمحاولات فاشلة من أجل ربط الاتصال بالمغربي الذي تلقى تكوينا عسكريا بأفغانستان، العضو في تنظيم القاعدة حسن مولوعة المعتقل منذ 2007 . وقد سعت الخلية إلى التنسيق مع إسلاميي الداخل، الذين سبق أن اعتقلوا على خلفية قضايا إرهاب، كما هو الشأن بالنسبة لأعضاء الخلية المسماة " المسلمون الجدد "، التي تم تفكيكها في 2005، وفي مقدمتهم التيجاني المسغيلي المعتقل في أكتوبر 2009 ، والمزياني جمال المقيم سابقاً بإسبانيا، والمعتقل لتورطه في الخلية الإرهابية المسماة فتح الأندلس . أما في ماي 2010، فقد تم تفكيك خلية إرهابية بزعامة الفرنسي من أصول مغربية، أحمد سحنوني اليعقوبي، وهي الخلية الني كانت تضم في صفوفها تسعة وثلاثين شخصاً . وكان للمعتقل الفرنسي صلات مع تنظيم «شباب الإسلام » في الصومال، وأيضا مع القاعدة في المنطقة الباكستانية الأفغانية وبفروعها القاعدة في العراق ، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وقد مكن التحقيق الأمني والقضائي من كشف وجود صلات تآمرية مع عناصر في الداخل، ينتمون إلى التيار الإسلامي المتطرف، بهدف إعادة تشكيل بقايا الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية ، وخلايا جهادية أخرى تم تفكيكها سابقا، حيث انضم إليها أربعة من المعتقلين الإسلاميين السابقين، بينهم المغربي الذي تلقى تكوينا عسكريا بأفغانستان، يونس زرلي قيد الاعتقال . وقد وردت أسماء بعض المتهمين في ملف شبكة يوسف فكري وممد دمير 2002 ، وخلية محمد رحا وخالد أزيك 2005 وخلية التوحيد والجهاد 2006 ، والشبكة العراقية بزعامة الناشط في الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية سعد الحسيني 2007 ،وخلية حسن عبدلاوي المتخصصة في السطو المسلح على الوكالات البنكية 2008. وقالت تقارير إن الخلية التي يتزعمها اليعقوبي منذ بداية نشاطها في 2008، تمكنت من إرسال مقاتلين ل الجهاد إلى مختلف بؤر التوتر، والتي كان يديرها انطلاقا من فرنسا قبل اعتقاله. حيث تمكنت من من إرسال 8 مقاتلين للجهاد في العراق وأفغانستان والصومال. إضافة إلى ذلط كانت الخلية تحمل أيضا مشاريع إرهابية داخل المملكة كما يتجلى من استقراء خطة العمل التي وضعها مهندسو هذا المشروع الإرهابي: - تحديد مواقع عناصر مصالح الأمن بهدف اغتيالهم وسلبهم أسلحتهم، قصد استخدامها في تنفيذ هجمات. - القيام بسلسلة من الاغتيالات، تطال ممثلي السلطات العمومية، وخصوصا ضباط مصالح الأمن، و مسؤولي السجون، والمشعوذين، بغاية بث الرعب وتشجيع أنصار التيار الجهادي الذين تعوزهم الإمكانات في الانضمام الى مشروعهم الإجرامي. - إقامة جماعات تمرد في المناطق الجبلية لمراكش وسوس، حيث كانوا يعتزمون إقامة معسكرات تدريب شبه عسكرية. - اللجوء الى المعتقلين الإسلاميين السابقين، الذين راكموا تجربة قتالية للاستفادة من خبرتهم، في مجال صنع المتفجرات، بأمل تنفيذ عمليات إرهابية ضد مصالح يهودية وغربية. - إقامة مشاريع تجارية واستهداف مؤسسات بنكية لتمويل هذه الشبكة الإجرامية . وقد خطط أعضاء الخلية، حتى يمولوا مشاريعهم التخريبية، لتنفيذ عمليات سطو مسلح تستهدف مؤسسات بنكية بيد أن تفكيك الخلية سيلقي بظلاله على الترابط القائم بين أشكال الجريمة المنظمة والإرهاب والهجرة غيرت الشرعية، ذلك أن أحد المنتسبين الى السلفية الجهادية يدعى رشيد رفاع ويلقب ب ابن ملاحم ، تلقى مساعدات من شبكات الهجرة لتمكينه من مغادرة التراب الوطني حيث تتم اعتقاله بفرنسا. وفي نوفمبر 2010، أدى تتبع خيوط الخلية التي كان يتزعمها لفرنسي اليعقوبيالى توقيف شبكة »سلفية جهادية« بالدارالبيضاء لها ارتباط بالتنظيمات المسلحة بالعراق، وتتكون من خمسة اسلاميين متشددين من بينهم المتزعم الرئيسي، السلفي الجهادي المعتقل السابق عادل اللهيان، الذي كان ينشط في سوريا، والذي سبق له أن فشل في الالتحاق بالعراق عبر ليبيا في دجنبر 2006. وقد نجح عادل اللهيان، حسب تقارير أمنية، في نسج علاقة مباشرة مع ناشط في القاعدة في سوريا، يدعى برهان، ويلقب ب »»بشير« «الذي كان يتولى استضافة المقاتلين، وتمكينهم من الانتقال الى العراق عبر الحدود السورية المفتوحة لتنفيذ عمليات انتحارية. وتابع التقرير: «اشرف متزعم الخلية على مغادرة السلفي - الجهادي احمد بوكادي، المعتقل في العراق، وميلود معروف الذي اعتقل في سوريا، ورحل الى المغرب، باتجاه المنطقة السورية، العراقية فيما كان هناك عنصران آخران بصدد الالتحاق بتلك المنطقة بمساعدة الخلية ذاتها. الملاحظ أن متزعم الخلية كان معتقلا إسلاميا سابقا، وتحول بعد إطلاق سراحه، الى عميل يجند المقاتلين لفائدة القاعدة في العراق». وفي الشهر نفسه، تمكنت أجهزة الأمن المغربية من تفكيك خلية إرهابية خطيرة تلعب على حبلي الإرهاب والانفصال، حيث أثبتت التحريات أن «جبهة الجهاد الصحراوية» تتألف من أربعة عناصر تحت قيادة الانفصالي محمد الديحاني، الذي كان يقيم بإيطاليا، والذي يتمتع بمؤهلات كبيرة في مجال صنع المتفجرات. وقد نجح محمد الديحاني في استمالة عنصرين من جبهة »البوليساريو«، ينشطان في موريتانيا واعتقلا هناك، بهدف القيام بأعمال تهدف الى زعزعة استقرار المغرب. وكان المتزعم الرئيسي قد نسج، حسب تقرير في الموضوع-حول الإرهاب في المغلاب، علاقات عملياتية، مع فروع القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بالجزائر، لضمان الدعم اللوجستيكي الضروري، وكذلك مع المواطن اليمني، العضو في »القاعدة« المعتقل، سعيد علي عبد الله بادبيان. وكان يعتزم كراء مخبأ في مدينة العيون لإقامة ورشة لصنع المتفجرات باستعمال التقنيات الموجودة بشبكة الأنترنيت. وقد حدد أعضاء التنظيم الذين يميلون الى العمليات بواسطة المواد المتفجرة، أجندة بالمواقع والأهداف والمنشآت والاغتيالات، همت تنفيذ عملياتهم الارهابية التي شملت، حسب ما حمله «الكتاب الأبيض للإرهاب في المغرب»: -الحزام الناقل للفوسفاط، يربط منجم بوكراع بالعيون وكذا ميناء المدينة. مقهى فندق النكجير، الكائن بفم الواد بضواحي العيون، الذي يقصده السياح الغربيون. -الهجوم على سجن العيون، باستعمال الاسلحة النارية، لإطلاق سراح المعتقلين المؤيدين لطروحات »البوليساريو« الانفصالية. -سيارة تابعة للمديرية العامة للأمن الوطني في حي السمارة بالعيون -اغتيال ضابطين في الأمن في جنوب المملكة، وقد عثر بحوزة محمد الديحاني بعد تفتيشه على صورتين فوتوغرافيتين لأحد الضابطين. كما كان أعضاء التنظيم يعتزمون القيام بأعمال تخريبية في الخارج نصرة للاسلام، وفق مفاهيم موغلة في التطرف والمغالاة والعنف. وكانوا بصدد القيام بأعمال إرهابية في ايطاليا. تستهدف شخصيات ومنشآت في مقدمتها: كاتب صحفي مصري معروف بكتاباته المناهضة للاسلام المتطرف، وقد سعى محمد الديحاني للحصول على مسدس من دوائر المافيا في روما ونابولي، دون ان يفلح في ذلك. - البابا السابق بونوا السادس عشر -مطعم ماكدونالد بروما الكائن بالقرب من محطتي القطارات والمسافرين. عبارة تدعى lamobie تربط بين بيومبينو وجزيرة ألبا التي يرتادها السياح الاوروبيون والامريكيون في ظل دراسة إمكانية تفجير سيارة مفخخة بالقرب من العبارة. ويستفاد من التحقيقات ذات الصلة بنشاط التنظيم أن عناصر مؤيدة للانفصال ضالعة في هذا المخطط، ما يعزز الاعتقاد السائد بأن »البوليساريو« بدأت تغير من استراتيجيتها، بتعزيز صفوفها بجيل جديد من الانفصاليين المتطرفين المؤيدين لعمليات أكثر عنفا وتنظيما.». وفي نونبر 2012 ، أكد تفكيك خلية "أنصار الشريعة بالمغرب الأقصى"، التي تتكون من ثمانية أعضاء، أن هناك عملا تنسيقا بين نشطاء إسلاميين محليين وأطراف خارجية عبر الانترنت. وكان أعضاء الخلية ينشطون بين مدن الرباط وأكادير والراشيدية وخنيفرة وبركان وأيت ملول والقصر الكبير. وقد تمكنت الخلية من إقامة علاقات في نطاق التنسيق مع ثلاثة إسلاميين يستخدمون الانترنيت بدورهم أحدهم جزائري متطوع ل الجهاد في مخيمات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، ومواطن مصري ينشط في سيناء وله مسار قتالي سابق في الشيشان. كان زعيم الخلية زكريا ابراهيمي الذي يميل لصنع الأجهزة المتفجرة، يعتزم الحصول على المواد الضرورية لإجراء تجارب على وصفتين في مجال المتفجرات وقد حصل شريكه حساين أوهنا بتوجيه من الناشط المصري على مكونات كهربائية لصنع جهاز موجه عن بعد، محاولا تقليد عادل العثماني الذي كان تورط في تفجير مقهى ومطعم أركانة. ولم يخف أعضاء الخلية، حسب الأبحاث والتحقيقات التي أجرتها المصالح الأمنية والقضائية، تطلعاتهم لإقامة معسكر بجبال الريف، وتحديدا في الحسيمة أو منطقة الراشيدية في ناحية بودنيب، وقد كانوا بصدد الإعداد لعقد اجتماع للتنسيق قبل الشروع في تنفيذ عمليات تستهدف مقر البرلمان ومباني مصالح الأمن ومواقع سياحية. وللحصول على الأسلحة الضرورية كانوا يخططون للهجوم على الثكنة العسكرية للقوات المسلحة الملكية، وسرية الدرك الملكي في بودنيب كما حددوا القاعدة العسكرية بطانطان كهدف رئيسي، لكونها كانت تشهد مناورات عسكرية مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية سيطر هاجس اختطاف زوار من أصول يهودية على مخططات الخلية، التي وضعت برنامج عمل إرهابي بهذا الصدد، وكانت تعتزم تنفيذه بتزامن مع الموسم السنوي للطائفة اليهودية في مدينة وزان، بغرض مبادلة الرهائن بالفلسطينيين المعتقلين في اسرائيل وفق الخطة المرسومة. واللافت في أهداف الخلية أن أحد أعضائها، يدعى حساين أوهنا، كان قد انضم إلى اثنين من شركائه في مشروع تصفية أخيه الذي يعمل عون سلطة في الراشيدية بتهمة خدمة الطاغوت ، على خلفية فتوى منظر القاعدة أبو محمد المقدسي. ولتمويل خططهم، كان نشطاء الخلية يعتزمون على سيارات نقل الأموال، لاسيما شركة برنكس والمؤسسات البنكية والقباضات ووكالات الماء والكهرباء والاستفادة من ذهاب حساين أوهنا وأيوب بقال إلى مخيمات القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في شمال مالي، للحصول على الدعم المالي والعسكري الضروري لمشاريعهم التخريبية. وجرى في مارس 2014، اعتقال الإسباني رفائيل مايا أومايا الذي كان يتزعم خلية إرهابية تتكون من 8 عناصر ينشط أعضائها في مدن العروي ومليلية ومالقاوذلم إثر تبادل المعلومات والتعاون بين مصالح الأمن المغربية ونظيرتها الاسبانية. وقد مكنت هذه العملية من إماطة اللثام عن مساهمة الإسبان في تعزيز استقطاب المقاتلين الراغبين في التوجه نحو دولة الخلافة بالعراق والشام. حيث أثبتت التحريات أن مصالح الأمن حجزت سلاحين مزيفين ومعدات تستخدم في تزوير الوثائق، ومقاطع فيديو حول تقنيات الدفاع عن النفس، وصورا لأسلحة ثقيلة تشمل راجمة صواريخ مضادة للدبابات علاوة على أسلحة خفيفة تضم كلاشنيكوف ومسدسات وتسجيلات فيديو تحرض على الجهاد. وقد قاد التنسيق الأمني بين البلدين، المغرب وإسيانيا، إلى إلقاء القبض في اسبانيا على فرنسيين، هما كاديك بول لورانس وفريد الشيخ، وتونسي هو شفيق جلال بن عمارة المدجري، في حين اعتقل في المغرب فرنسي ثالث هو ديكر سيلفان بيرتران كيوم. كما كشفت التحقيقات عن تواطؤ واضح بين أعضاء الخلية المغاربة الثلاثة الذين كانوا ينشطون في العروي تحت قيادة الاسباني والمتزعمين الرئيسيين للخلية المالية، التي تمت تفكيكها في المملكة بمنطقة الناظور في نونبر 2012، بينهم الأخوان ابراهيم وموسى قدوري وادريس مايشو ويونس زازا، اللذان قتلا خلال عملية "سرفا ل "التي قادتها القوات الفرنسية الافريقية في شتنبر بمالي، أما علي مايشو المبحوث عنه فقد لجأ إلى ليبيا. قام المغاربة الأعضاء في الخلية المتشبعون بالفكر الجهادي منذ سنة 2012، وهم طارق أحنين ومحمد كراز وسفيان المومني بمحاولة فاشلة للالتحاق بصفوف أنصار الشريعة في ليبيا في مارس 2012 لكنهم في غضون ذلك نسجوا روابط وثيقة مع رفائيل مايا أمايا والمقاتلين الآخرين، على خلفية اجتماعات سرية كانت تعرض لمناقشة الوضع في بؤر التوتر الرئيسية وضرورة الالتحاق بصفوف جماعة أنصار الشريعة في ليبيا والكتائب العسكرية في الساحل. وفي مستهل سنة 2014 ، كشف تفكيك خلية "جمال ألاكالا دمير" عن تحالف سري بين عسكري سابق في الجيش الإسباني وفلول نشطاء متطرفين، اتخذوا من مدن الناظور، تطوان، مراكش، تازة، الحسيمة، فاس، قواعد لتحركاتهم. ويعتبر الإسباني جمال ألاكالا دمير، وهو عريف سابق من 1998 إلى 2005 في وحدة الفيالق TERCIO GRAN CAPITAN1 بمليلية، زعيم الخلية، يشاركه المنظر العقائدي المزعوم زيدان الدريسي، نفس التوجهات والأهداف. وقد عثر بحوزة هذا الأخير، حسب ما كشفته تقارير أمنية، على علم لتنظيم القاعدة يتوسطه شعار التوحيد، بالإضافة إلى سيوف مقوسة وفأس وعصا ووثائق كثيرة تشير لميول أعضاء الخلية لاستعمال العنف وتكفير الحكام والمجتمع، واعتبار الاختيارات الديمقراطية، وفق المنظور الغربي، بدعة تفرض الجهاد. كما حجزت مصالح الأمن تسجيلات فيديو توضح كيفية صنع العبوات الناسفة وتفخيخ السيارات، ومقاطع حول تنفيذ عمليات انتحارية، ودورات تدريبية ل المجاهدين ، وكذا تسجيلات مماثلة تتضمن خطبا لقياديين في القاعدة ، يدعون من خلالها الشباب المسلم إلى الالتحاق ببؤر التوتر، في نطاق التركيز على شرعنة عمليات تصفية الجنود، وموظفي أجهزة الشرطة والمخابرات بدعوى أنهم في خدمة الطاغوت . تحالف جمال ألاكالا دمير مع زيدان ، تحت مظلة مشروع إرهابي واحد خصوصا وأن زيدان كان عضواً في تنظيم عبد الفتاح بوحفاص، الملقب ب أبو حفص المغربي ، وهو جندي سابق في صفوف القوات الجوية الملكية، كان ينشط في شمال مالي ضمن حركة التوحيد والجهاد غرب إفريقيا ، وله سوابق في الممارسات الإرهابية، وصلت إلى درجة تسجيلات تهديدية ضد المغرب. ونجم عن تحالفهما المستند إلى نفس القناعات، أن اتجها نحو نقل أفكارهما المتطرفة إلى حيز التطبيق، وتحديداً من خلال إقامة قاعدة خلفية، اختارا لها منطقة جبلية وعرة المسالك، وفي اعتقادهما أن سكانها يمكن أن يتعاطفوا مع التوجهات الإرهابية. وكان متزعم الخلية ومساعده يضعان كهدف أول، تدريب أعضاء خليتها وتعزيز قدراتهم القتالية، لمواجهة الأجهزة الأمنية والاستعداد لتنفيذ مخططاتهم، في مرحلة السرعة الثانية. ومعلوم أن التنسيق الاستخباراتي المغربي الإسباني القائم قد أسفر عن تفكيك العديد من الخلايا النائمة، سواء التي كان تعتزم القيام بأعمال عنف أو إرهابية، أو التي كانت تقوم بتجنيد الشباب للتوجه إلى دولة أبي بكرالبغدادي للالتحاق بمقاتلي داعش أو ببؤر توتر أخرى. ولعل آخر هذه العمليات هو تفكيك المصالح الأمنية ل »خلية جهادية« واعتقال 6 من أعضائها من بينهم أول جهادي إسباني عاد مؤخرا من معسكرات الجهاديين بمالي، في عملية سرية أطلق عليها اسم »جابر«. واعتبرت المصالح الأمنية أن اعتقال أول جهادي إسباني عائد من الحرب الدائرة في مالي، بعد أن تلقى تدريبا في معسكر عائد لحركة التوحيد والجهاد في الغرب الإفريقي يعتبر غنيمة لها، لمعرفة مستوى عمليات التنسيق التي تجري بين الأطراف الجهادية بشمال المغرب وخلايا متفرقة بكل من ليبيا ومالي. وجاءت عملية »جابر« ثلاثة أيام فقط بعد تفكيك المغرب لخلية مماثلة، من بين أعضائها شخص من مدينة الفنيدق على مشارف سبتة، بتهمة إشرافه على »تأمين الدعم المادي للمشروع القتالي لاثنين من رفاقه«، من أجل تسفيرهما إلى سوريا للمشاركة في المعارك الدائرة بين مقاتلي المعارضة الإسلامية وجيش النظام السوري، كما تم أيضا توقيف شخصين بمطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، كانا ينويان التوجه إلى سوريا للانضمام إلى »تنظيمات إرهابية تابعة للقاعدة للمشاركة في القتال هناك والاستفادة من الخبرة العسكرية«، حيث كانت تربطهما علاقة بمنسق ينشط على الحدود السورية التركية كان يستعد لتسهيل دخولهما إلى الأراضي السورية. ويؤكد دخول الفرنسيين إلى بلادنا للقيام بأعمال جهادية أن فرنسا تعيش مأزقا حقيقياإذ لم تستطع قيم الجمهورية الفرنسية المبنية على الأخوة والتسامح أن تستميل يعض الشباب الفرنسي المسلم، ولم تفلح فلسفة الأنوار، برجالاتها الكبار، في تأطيرهم روحيا وعقديا، بل دفع الوضع البائس الذي يعيشه الشباب إلى البحث عن ملاذ في التنظيمات الإرهابية، والإلتحاق بتنظيم »داعش« و»النصرة«، بل إن التطرف جمح ببعضهم إلى درجة بث شريط مصور يظهرون فيه وهم يحرقون جوازات سفرهم الفرنسية ويبدون استعدادهم الكامل للقتال مع »داعش«. وقد وجه هؤلاء الفرنسيون رسالة إلى من سموهم »إخوانهم في فرنسا« ل»الجهاد في سبيل الله« على حد تعبيرهم، مؤكدين عدم ترددهم في قطع رؤوس »أعداء الإسلام«، ولاسيما الفرنسيين كما جاء في تصريحات بعض المتحدثين في الشريط المسجل. إن واقعة اعتقال فرنسيين ضمن الخلايا الإرهابية ليست بالتأكيد شيئا طارئا على مستوى مكافحة الإرهاب في بلادنا، إذ يذكرنا هذا باعتقال الفرنسي بيير ريشار في 2002 على خلفية أحداث 16 ماي. لكنها مقلقة لأكثر من سبب، ولعل أبرز الأسباب أن فرنسا التي تجمعنا معها علاقات سياسية واقتصادية وتاريخية أصبحت دولة مصدرة للإرهابيين إلى أكثر من مكان (المغرب، مالي، سوريا، العراق)، مما يقتضي من الساهرين على الأمن إبداء الكثير من الحرص واليقظة، وتنشيط التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين، وذلك للحد من إمكانية ترجمة المخاوف التي تعتري الطرفين إلى استهداف حقيقي لمصالحهما من طرف العائدين من مناطق التوتر.