من الملاحظات التي يثيرها المستهلك المغربي في أكثرمن مناسبة هي أن معظم المنتوج الفلاحي المعروض بالسوق الداخلية لا يخضع لمعايير الجودة، وبالتالي انعدام شفافية العرض والطلب نتيجة تدخل عدد من الوسطاء في المنتوج، والخلط في الأحجام وغياب مراقبة حقيقية للجودة، وبيع بعض السلع من أجل الإستهلاك بالسوق في الوقت الذي كان من المفروض أن توجه إلى التصنيع مثلما هو الشأن لبعض أنواع الحوامض المعدة أصلا للتصنيع لإنتاج عصير الليمون وعصيرالفواكه. وفي هذا الإطار أكد خالد بونجمة الكاتب العام لجمعية ملففي الحوامض بالمغرب أن غياب تنظيم السوق الداخلية كان من نتائجه كذلك وجود فرق بين ثمن المنتوج الفلاحي بالضيعات وبين ثمن البيع في السوق، وهذا راجع إلى المضاربين والوسطاء الذين يكبدون جيوب المستهلكين خسارة كبيرة حيث يخسركل مستهلك على الأقل درهما في الكيلو. فمثلا في الحوامض، ينتج المغرب ما بين مليون و200 ألف ومليون و300 ألف طن سنويا، ولايصدر منها إلا 500 ألف طن إلى الخارج، في حين 800 ألف طن تباع بالسوق الداخلية، وبالأرقام يتكبد المستهلك في المادة الحوامض 800 ألف درهم سنويا، نظرا لتضارب الأثمنة واختلافها والزيادة فيها من قبل الوسطاء الذين يعدون أكبر الرابحين من هذه العملية. واقترح بونجمة للتقليل من حجم الخسارات لدى المستهلك، وتوخي الجودة في المنتوج الفلاحي، أن تكون المنتوجات التي تباع في السوق الداخلية ملففة على نمط السوق الأروبية (الكارتون) للحفاظ عليها من جهة والتقليل من ضياعها بنسبة ما بين30 و40 في المائة من جهة ثانية. وبخصوص استخلاص الرسوم والجبايات المترتبة عن السلع والبضائع الفلاحية بأسواق الجملة، يقول الكاتب العام، ينبغي أن تستخلص من مناطق الإنتاج ومحطات التلفيف حتى تتوجه تلك السلع مباشرة إلى السوق الداخلية والمتاجر الكبرى دونما حاجة إلى بيعها بأسواق الجملة. وينبغي كذلك تحرير مادة الكارتون وصناديق الخشب من الضرائب للرفع من مستوى الجودة بالسوق الداخلية، مع تقديم الدعم من قبل الدولة لفائدة محطات التلفيف لصناعة مليوني طن من الكارتون لمدة خمس سنوات لكي يستفيد المستهلك المغربي من استهلاك ما يعرض عليه في جودة عالية. كما أن توخي الجودة في الإنتاج والتلفيف والعرض وفق المعايير الدولية سيجعل محطات التلفيف ببلادنا لها قدرة تنافسية في أسواق العالمية، وإقبالا كبيرا في السوق الداخلية مما ستكون لذلك تداعيات إيجابية على العمال والعاملات بمحطات التلفيف لأن استمرارها في التلفيف والعمل طوال السنة سيضمن للشغيلة العمل على مدار السنة عوض ثلاثة أشهر أو ستة أشهر، زيادة على استفادتها من التعويضات العائلية والتغطية الصحية والتأمين عن العمل. وحسب المؤشرات والتوقعات فالمغرب ستواجهه تحديات مستقبلا ما لم ينظم السوق الداخلية ويطبق معاييرالجودة المتوخاة عالميا بتعزيز وتشديد المراقبة في هذا الشأن، خاصة أنه سيعرف، في سياق ما جاء به مخطط المغرب الأخضر، زيادة في إنتاج الحوامض كل سنة ب15في المائة. وسيعرف كذلك في 2012 كذلك، حوالي120سوقا تجارية عصرية، زيادة على تنامي الطبقة المتوسطة التي أصبحت تطالب بالجودة وتتبضع بكثرة بالمتاجر العصرية الحالية، ولذلك علينا أن نحافظ على منتوجنا الفلاحي بتطبيق معيارالجودة في السوق الداخلية وإلا ستضطرالمتاجر الكبرى إلى استيراد مواد فلاحية استهلاكية من الخارج ذات جودة عالية كما هوالشأن مثلا في مادة التفاح وغيره.