يحكي كتاب « كارتيل الضفادع» EL CARTEL DE LOS SAPOS القصة الحقيقية ، غير المعروفة قبل ذلك ، عن أحد أكبر كارتيلات المخدرات في العالم ، «كارتيل شمال الفاجي» EL CARTEL DEL NORTE DEL VALLE ، الذي استقى اسمه من مقاطعة VALLE DEL CAUCA والتي تقع في الجنوب الغربي لكولومبيا وعاصمتها مدينة كالي CALI . امتلك «كارتيل شمال الفاجي» قوة وخطورة لا تقل عن «كارتيل ميدلين» الذي كان يتزعمه بابلو إسكوبار ، كما امتلك نفوذا وثروة لا تقل عن « كارتيل كالي » الذي كان يتزعمه الشقيقان هيلبيرطو وميغيل أنخيل رودريغيز أوريخويلا ، خصوصا أنه كان الوريث الذي خلفهما والذي تمكن من احتكار تهريب الكوكايين ووسع مجال نفوذه ليشمل المكسيك ، فنزويلا ، الولاياتالمتحدةالأمريكية والعديد من الدول الأوروبية ، الشيئ الذي جعل منه العدو والهدف الأول لوكالات مكافحة المخدرات ، رغم محاولات زعمائه الحفاظ على أسراره . الكتاب الذي ألفه « أندريس لوبيز لوبيز» ، والذي نشر سنة 2008 ، كشف هذه الأسرار ، خصوصا أن المؤلف كان أحد أعضاء هذا الكارتيل ، قبل أن يسلم نفسه إلى الولاياتالمتحدة ، ويعكف من داخل زنزانة تحت حراسة مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ، على إعادة رسم الصورة الكاملة لصعود وانهيار أخطر منظمة مافيوزية في العالم ، والتغلغل إلى أعماق هذا العالم الدموي ، حيث الثروة والسلطة تتقاسمان الأدوار ، وحيث البذخ والنساء مرادفان للانتقام والاغتيالات ، وقد ألهمت الروايات التي تضمنها الكتاب قناة تلفزية كولومبية مما دفعها إلى انتاج مسلسل هذه السنة يستقي بعضا من فصولها ، مع تغيير الأسماء والأماكن ، لاقى نجاحا ملفتا في أمريكا اللاتينية . في هذه السلسلة جرد لأهم ما جاء في هذا الكتاب بالمعطيات والأسماء والأماكن الحقيقية التي تضمنها . بعد مقتل أورلاندو هيناو ، أصبح كارتيل شمال الفاجي بلا زعيم يقوده ، فعم الانقسام الكارتيل وبدأ عدد من رجالاته يتصارعون للاستفراد بالزعامة . من جهة كانت هناك مجموعة يقودها فاريلا وصديقه الحميم طوكايو وباقي أشقاء أورلاندو هيناو ، الذين كانوا يأملون في خلافة شقيقهم ، ومجموعة أخرى يقودها راسكونيو وفيكتور باتينيو وخوان كارلوس راميريز أباديا ودييغو مونتويا ، المعروفين بمعارضتهم الشديدة لأسلوب فاريلا . وكانت المجموعتان ماتزالان تخوضا صراعا مع ما تبقى من أتباع باشو هيريرا ، أحد زعماء كارتيل كالي . والغريب أن المجموعتين المتصارعتين على زعامة كارتيل شمال الفاجي ، وفي محاولة كل مجموعة لحسم الصراع لصالحها سيسعون إلى التحالف مع « قوات الدفاع الذاتي » اليمينية ، وهي مجموعة أنشئت قبل سنوات لمواجهة المجموعات اليسارية المسلحة وعلى رأسها « القوات المسلحة الثورية في كولومبيا» فارك ، أقدم مجموعة يسارية مسلحة في أمريكا اللاتينية ، وقد جعلت وحشية « قوات الدفاع الذاتي » الولاياتالمتحدة تصنفها كحركة إرهابية . وفي هذا الإطار يعلق المؤلف على الاتصالات التي تمت بين المجموعتين المتصارعتين على زعامة كارتيل شمال الفاجي ، و« قوات الدفاع الذاتي » بأن الكارتيلات الكولومبية لم تتعلم من دروس التاريخ ، لأن الحروب التي خاضتها ضد بعضها البعض كانت على رأس الأسباب التي أدت إلى تفتتها . رغم الصراع الذي قام بين المجموعتين إلا أن هدفا واحدا كان يجمعهما : القضاء على فلول كارتيل كالي ، وذلك في إطار عملية إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية للكارتيل ، مما كان يتطلب القضاء على الموارد المالية للشقيقين رودريغيز ، أي قص أجنحتهما ، حتى إذا ما غادرا السجن ، لن يجدا موردا يستردا به قوتهما . وقد بدأت هذه المحاولات منذ 1996 ، فالمعلومات التي توصل إليه رجال كارتيل الفاجي كانت مهمة في هذا الإطار ، وتتلخص في أن الشقيقين رودريغيز كان رجل ثقتهما ومن يتكلف باستمرار تدفق الأرباح المتأتية من الأموال التي راكمها كارتيل كالي ، هو أورلاندو سانشيز كريستانشو ، الملقب ب« مارتين» وبالإضافة إليه كان هناك خوان كارلوس فيلاسكو ، الملقب ب« ذيل الخنزير» وقد كان يشتغل أساسا مع « باشو هيريا» وهو الذي ساعده في تنظيم محاولة اغتيال فاريلا الفاشلة . أصبح أورلاندو سانشيز الهدف الأول لكارتيل شمال الفاجي ، وهو ما جعله يفر إلى المكسيك طالبا اللجوء لدى بعض أصدقاءه المهربين ، لكنه لم يمكت هناك طويلا لأن الكارتيلات المكسيكية كانت على علاقة جيدة مع كارتيل شمال الفاجي ، فقرر التوجه إلى الولاياتالمتحدة ، وبالضبط إلى ميامي ، حيث لحق به أيضا خوان كارلوس فيلاسكو ، بعد أن علم أنه أصبح مطاردا من قبل كارتيل شمال الفاجي . رغم ذلك ظل مارتين متوجسا ، فاحتمال تحديد مكان اختبائه كان كبيرا لأن الكارتيل كانت له أعين متيقظة في الولاياتالمتحدة ، وخصوصا في ميامي ، فعاد أدراجه إلى المكسيك ، وهناك سيعلم أن الكارتيلات المكسيكية ، التي كانت في السابق حليفة لكارتيل كالي ، توطدت علاقاتها مع العصابة الجديدة ، فقرر لعب آخر ورقة للنجاة من الاغتيال : التعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي مقابل حمايته ، وقد مكنت المعلومات التي أدلى بها من معرفة المدى الذي وصل إليه تطور مافيا المخدرات الكولومبية . في ميامي كان « ذيل الخنزير» مازال متواريا عن الأنظار ، لكن حلمه الكبير كان هو العودة إلى مسقط رأسه ، كالي ، غير أنه كان يعلم أن المدينة التي عشقها أكثر من غيرها في العالم ، لن تسعه هو وفاريلا ، وهو ما سيجعله يقدم ، بالتنسيق مع رئيسه « باشو هيريرا» على إحياء إحدى الخلايا النائمة التي كانت توجد في مدينة ميدلين ، وينظم محاولة اغتيال فاريلا ، التي باءت في الفشل ، كما تمت الإشارة إلى ذلك بتفصيل في حلقة سابقة . بعد مقتل أورلاندو هيناو ، أصبح فاريلا على رأس مجموعة كبيرة تضم أخطر رجال الكارتيل ، لكنه كان أيضا على رأس أعداء المحموعة التي كان يتزعمها أشقاء « باشو هيريرا» أو « لوس باشوس» والتي كانت تتلقى التمويل سرا من طرف الشقيقين رودريغيز ، حيث أن « لوس باشوس» أصبح هدفهم هو الانتقام لمقتل شقيقهم في عملية نظمها وأمر بها فاريلا . كان ريتشارد مارتينيز الرجل البارز والمساعد الأول لفاريلا ، وهو مجرم وقاتل محترف لا يعرف الخوف مكانا إلى قلبه ، أما لوس باشوس فكان سلاحهم الأقوى هو جهاز المخابرات الذي أعادوا تنظيمه والذي كان يتنصت على مكالمات فاريلا ومارتينيز ، وهو ما سيمكنهم من معلومة هامة تتعلق بموعد ضربه مارتينيز مع أحد رجاله ، وقد تم تحديد الوقت ونوع السيارة والطريق التي سيسلكها ، فتعقبه رجال « لوس باشوس» وفي أحد أحياء كالي تم تطويق سيارته ، وبعد تبادل عنيف لإطلاق النار أصيب مارتينيز وقتل أحد حراسه ، وقد استطاع سائق السيارة ، رغم إصابته ، أن يبتعد عن المكان ويتوجه مباشرة إلي مصحة « أوكسيدينتي» حتى يتلقى مارتينيز العلاج الضروري . تم إبلاغ فاريلا بمحاولة الاغتيال وبتوجه مارتينيز إلى مصحة « أوكسيدينتي» فأسرع بإرسال قواته الخاصة إلى المصحة فأقاموا حزاما أمنيا حولها إلى قلعة منيعة . قضى مارتينيز يومين في المصحة ، وبعدها ، وفي سرية تامة ، توجه إلى منزل في كالي تحت حراسة مشددة وكان حارسان شخصيان معه طوال الوقت ، بالإضافة إلى زوجته وأبنائه ، كما كان باب المنزل ونوافده مصفحة . لكن ما لم يكن يدركه مارتينيز ، هو أن « لوس باشوس» تمكنا من اختراق دائرته المقربة ، حيث أن زوجة أحد رجال الكارتيل كانت تتجسس عليه ، وعن طريقها تم تحديد المنزل الذي يختبئ فيه . بدأ التخطيط لعملية اقتحام المنزل واغتيال مارتينيز ، وكانت هناك عقبة رئيسية ، فباب المنزل مصفح ومن الصعب اختراقه ، وهكذا تم اللجوء إلى الزوجة التي تمكنت من دخول المنزل وأخبرت زوجها أن بعض رجال الشرطة الذين يعملون لصالح الكارتيل سيحضرون لأخد أقوال مارتينيز حول عملية الاغتيال الفاشلة ، وبالفعل حضر أربع رجال بزي الشرطة ودخلوا المنزل ، وكانوا في الواقع رجال « لوس باشوس» استطاعوا بسرعة فائقة قتل مارتينيز وحارسيه ، وقاما بعدها بتقييد زوجته وأطفاله ثم انسحبوا . العملية التي تم التخطيط لها بكفاءة عالية أرعبت فاريلا ، وقد أدرك أن خيانة من داخل صفوفه هي التي أدت إلى سقوط مساعده الأقرب ، فأصبح يخشى أن يصبح الضحية القادمة ، وهو ما جعله يفكر بجدية في تسليم نفسه إلى الولاياتالمتحدة وكشف الأسرار المتعلقة بالشقيقين رودريغيز وأفراد عائلة باشو هيريرا .