رحل صباح أمس الاثنين الدكتور نصر حامد أبو زيد بعد معاناة من المرض، حيث عاني في الفترة الأخيرة من فيرس نادر عقب عودته من الخارج وفشل الأطباء في علاجه مما أسفر عن دخوله في غيبوبة استمرت عدة أيام وانتهت بوفاته. يذكر أن الراحل كان أكاديميا مصريا، متخصصا في الدراسات الإسلامية والقرآنية، ولد في إحدى قرى طنطا في العاشر من يوليو 1943، في البداية لم يحصل على شهادة الثانوية العامة التوجيهية ليستطع استكمال دراسته الجامعية نظراً لمرض والده فالتحق بالتعليم الثانوي الصناعي، وحصل عام 1960 على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكي، ثم تابع دراسته فالتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة وحصل منها على الليسانس من قسم اللغة العربية عام 1972م بتقدير ممتاز، ثم ماجستير من نفس القسم والكلية في الدراسات الإسلامية عام 1976م وأيضا بتقدير ممتاز، ثم نال درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 1979م بتقدير مرتبة الشرف الأولى. شغل على مدار مسيرته العملية عدة وظائف منها معيد بقسم اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب، جامعة القاهرة 1972م، ومدرس مساعد بكلية الآداب، جامعة القاهرة 1976، ثم أستاذاً بنفس الكلية عام 1995، وعمل أيضاً كأستاذ زائر بجامعة أوساكا للغات الأجنبية باليابان، أستاذ زائر بجامعة ليدن بهولندا. وتناقلت الأوساط الثقافية في مصر أخبار قضية التكفير الشهيرة التي ارتبطت باسم الراحل د.نصر حامد ، وتعود إلى الفترة التي قدم فيها أبحاثه للحصول على درجة أستاذ، حيث تكونت لجنة مناقشة الرسالة من أساتذة بجامعة القاهرة بينهم د.عبد الصبور شاهين الذي اتهم نصر حامد « بالكفر» ، وتوالت أحداث هذه القضية وانتهت بترك نصر الوطن إلى المنفي، منذ 1995 بعد أن حصل على درجة أستاذ. بعدها رفعت طلبات للمحكمة بالتفريق بين نصر حامد وزوجته؛ مستندين لفتاوى الحسبة التي تقول بالتفريق بين غيرالمسلم والمسلمة، واستجابت المحكمة لذلك وحكمت بالتفريق بين نصر زيد وزوجته د. ابتهال يونس الأستاذة في الأدب الفرنسي قسراً، مما دعاهما لترك مصر والذهاب إلى هولندا. وقد انضم إلى الجبهة التي دعت لتكفير أبو زيد إلى جانب عبدالصبور شاهين كل من الدكتور محمد بلتاجي والدكتور أحمد هيكل والدكتور إسماعيل سالم، وقاموا بتأليف الكتب للرد عليه حوت تكفيرا له من هذه الكتب «مطاعن ابو زيد في القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين». كتابات أبوزيد أثارت كذلك ضجة إعلامية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وأتهم بسبب أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد، حيث طالب بالتحرر من سلطة النصوص وأولها القرآن الكريم، ونادى بأن النص الديني الأصلي هو منتج ثقافي و بإخضاع القرآن لنظرية غربية مادية تؤول الوحي الإلهي - تسمى الهرمنيوطيقا- على أنه إفراز بيئوي أسطوري ، ناتج عن المعرفي التاريخي الغارق في الأسطورة. و قال نصر في حوار أجرته معه مجلة «أخبار الأدب» عقب اتهامه بالكفر «هناك ما يسمى بالخطوط الحمراء في كل ثقافة، ولكن هناك فرق بين أن تكون هذه الخطوط هي القاعدة أو أن تكون هي الاستثناء الذي يحاول المثقفون أن يقللوا من مساحته، في ثقافتنا العربية مساحة التابو عالية جداً وتكاد تقلص المسموح به» قدم د. نصر أبو زيد العديد من الأعمال منها: «الإتجاه العقلي في التفسير»، «دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة»، «فلسفة التأويل - دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي»،« مفهوم النص دراسة في علوم القرآن»، «اشكاليات القراءة واليات التأويل»، «نقد الخطاب الديني»، «المرأة في خطاب الأزمة»، «الخلافة وسلطة الأمة نقلة عن التركية عزيز سني بك»، «التفكير في زمن التكفير» و«الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية». حصل أبوزيد على عدة جوائز على مدار حياته منها جائزة عبد العزيز الأهواني للعلوم الإنسانية من جامعة القاهرة 1982م، وسام الاستحقاق الثقافي من رئيس جمهورية تونس 1993 م، جائزة اتحاد الكتاب الأردني لحقوق الإنسان، 1996، وميدالية «حرية العبادة»، مؤسسة إليانور وتيودور روزفلت2002، وكرسي «ابن رشد» لدراسة الإسلام والهيومانيزم، جامعة الدراسات الهيومانية في أوترخت، هولندا 2002، وغيرها من الجوائز.