شكلت فقرات الفكر والأدب والفن لحظات إمتاع أساسية ضمن انشغالات برنامج الدورة الثانية لمهرجان «سلوان» الثقافي والتربوي بمدينة سلا التاريخية، حيث ساهمت الفقرات المبرمجة في إعادة الروح لأسوار المدينة العتيقة ثقافيا وتربويا وفنيا، وسط عدد من الفضاءات الهامة، خاصة فضاء رواق باب فاس، وباب سبتة، والخزانة العلمية الصبيحية، و دار الثقافة محمد حجي، ودار الشباب العرجات، ثم مؤسسات تعليمية متعددة. ولعل أهم فقرة مبرمجة داخل البرنامج الثقافي العام هي فقرة الاحتفاء بإصدارت وأدباء ومثقفين ومفكرين مغاربة، من ذلك تقديم وتوقيع الرواية الجديدة «القوس والفراشة» للشاعر والروائي محمد الأشعري، بحضور ثلة من المبدعين والباحثين، ثم لقاء المفكر محمد سبيلا حول « تحولات المجتمع المغربي» تقديم نور الدين الزاهي، ثم أمسية الشعر مع أحمد لمسيح وعزيز أزغاي ورجاء الطالبي، تقديم أحمد زنيبر بالخزانة العلمية الصبيحية. خلال لحظات التقديم والقراءة، شد المتتبعين الإنتاج الأدبي للشاعر والأديب المغربي محمد الأشعري، هذا الأخير الذي أكد -خلال الأمسية- أن روايته الجديدة «القوس والفراشة» تحاول النبش في مسارات الشخصيات الروائية المتخيلة، التي صاحبته منذ روايته الأولى «جنوب الروح» لتمتد إلى شخصيات جديدة، تعيش تناقضات حاضر مغرب اليوم، منها شخصية محمد الفرسيوي، زوجة الفرسيوي المنتحرة، شخصية الإبن الراحل إلى أفغانستان، شخصية الشباب المهووس بالموسيقى الصاخبة الجديدة، الصحفي يوسف الفرسيوي، ليلى وبهية وفاطمة.. الأمكنة كشخصية بطلة ذات خصوصية. من جهته، أوضح الناقد محمد معتصم، في معرض تقديمه للرواية الجديدة الصادرة عن المركز الثقافي العربي، أن رواية «القوس والفراشة» عمل إبداعي هام، مندرج في سياقات سردية دالة، وإن اشترك مع رواية «جنوب الروح» في المكونات الخطابية والشخصيات المتخيلة، فقد اختلف عنها في كثير من النواحي خاصة انخراطه في معالجة قضايا الراهن المغربي ومساهمته في الكشف عن خبايا المرحلة، وما شملها من تحولات وتغيير على مستوى الموروث الثقافي والحضاري المغربيين. واعتبر معتصم أن الرواية الجديدة للأشعري ورش مفتوح على مسارات كثيرة، تعالج المتناقضات وتفضح التبدلات التي شملت سلوك الناس ومواقفهم، «إنها بحث في الذات عن الذات، وسط كل هذه المتغيرات التي شملت الواقع وشروطه والإنسان وقيمه .». ووقف الناقد معتصم عند أهم المسارات السردية التي تتشكل منها شبكة العلاقات الدلالية في الرواية ولخصها في ثلاثة مسارات مختلفة، وهي: مسارات الخيبة والفشل، ومسارات الغياب والاختفاء والرحيل، ومسارات حافلة بالحياة والإقبال. وفي توضيحاته وردوده على أسئلة الحضور ركز محمد الأشعري على محاور: القراءة والمجازفة، التقاط اليومي، النفس المأساوي لدى المغاربة، الوجه الثقافي للمغرب، التشظي الإجتماعي الراهن، الصرع بين الحداثة والتقليد، المتخيل واللعب بمصائر الشخصيات، أهمية إثارة موضوع المآثر ككنوز للمغرب، لغات الرواية المتنوعة. للتذكير، فالرواية الجديدة «القوس والفراشة» تقع في 335 صفحة من الحجم المتوسط، صدرت الطبعة الأولى سنة 2010 . وللمؤلف عدة أعمال في الشعر والقصة والرواية منها، على الخصوص، «صهيل الخيل الجريحة» و»عينان بسعة الحلم» و»يومية النار والسفر» و»جنوب الروح» و»قصائد نائية».