ما هي الظروف التي جاء فيها مهرجان رمضان سلا الأول؟ المهرجان يأتي تتويجا لتجربة عمرت أربع سنواتوكانت مرتبطة بمقاطعة سلا باب لمريسة،و الآن أصبح المهرجان رمضانا كاملا للمدينة.. يأتي المهرجان أيضا في إطار المجهودات المبذولة من طرف أكثر من جهة من اجل إعادة تموقع المدينة على مستوى الخريطة الفنية والثقافية وطنيا، باعتبارها لحد الآن لم تدخل ظلما وتعسفا خارطة المهرجانات الرسمية التي ترعاها وزارة الثقافة منذ أكثر من 15 سنة. المهرجان يأتي كذلك ليعطي صبغة أخرى لشهر رمضان من خلال ثلاثة مرتكزات أساسيةوهي إحياء ليالي هذا الشهر في بعدها الأصيلوالروحي ثم في بعدها الفكري والثقافي والتكويني، ذلك أن البرمجة اعتمدت أولا وأخيرا على المواد الفنية الوطنيةو المغاربية(الجزائروتونس) التي تقوم على نفس أصيل وعلى بحث في التراث إضافة إلى البعد الروحي الذي نعتبره غذاء للعقل والذات موازاة مع فضائل شهر رمضان الدينية والصحية وغيرها. المهرجان جاء أيضا ليحدث مساحات بين أجيال وحساسيات فنية مختلفة حيث نجد جيل السبعينات بهمومه التراثية حاضرة من خلال مجموعة جيل الجيلالة وناس الغيوان ومجموعة لمشاهب وتكدة... و تحضر الموسيقى الأصيلة العريقة كالملحون والأندلسي والطرب الغرناطي. بالإضافة إلى مشاركة الفنانين المحليين المعروفين على المستوى الوطني وفي فن الصوفي ومسرح الطفل، ومشاركة اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر المغربيو جمعيات تربوية ومنظمات المجتمع المدني التي ستشتغل في هذه الدورة على موضوعالارتقاء بالمؤسسة التعليمية ومحيطها من خلال عدةورشات. وسيكون المهرجان مناسبة إلى صيانة ذاكرة المدينة بحيث ستحمل كل أمسية فنية اسما لرموز المدينة في مجال الفن والثقافة والرياضة وغيره. مقارنة مع المهرجانات الأخرى المتناسلة ما القيمة المضافة لهذا المهرجان؟ أولا هذا المهرجان هو الأول بسلا الذي يأخذ صبغة الرمضانيات، والذي يعم مدينة سلا رغم انه امتداد لمهرجان كانت تنظمه جماعة حضرية واحدة. ثانيا المهرجان ينخرط في إطار المجهود الوطني الذي تقوده بعض المبادرات من أجل الوقوف بالندية اللازمة أمام مهرجانات لا تخدم الذوق الذي نريده وأمام الموجات العارمة من الفنون الدخيلة الصاخبة التي ظاهرها الفن وباطنها الاستلاب والتغريب والتشريق كذلك. فنعتبر خصوصية المهرجان متميزة من جهة بطابعها الفكري الأدبي المتنوع من خلال مساهمة اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر وجمعيات أخرى، ومن جهة أخرى بالمادة المبرمجة في المهرجان و كلها تراثية أصيلة سواء كانت مدنية أو بدوية تراعي حرمة رمضانو تصون الذوق العامو الحياء العام. و هذا لا يعني أن المهرجان يريد أن يكون منغلقاو ضيق الأفق، بالعكس بل هو مهرجان فضلا عن انه أصيل يسعى أن يكون مجالا للتأمل في القضايا والأسئلة الكبرى للإبداع المغربيوالعربي. إضافة أخرى أساسية وهي انه يمكن القول الآن أن الجماعة الحضرية في المدينة بمكوناتها السياسية الحالية المشكلة للأغلبية المسيرة هي إشارة قوية إلى أن الشأن الثقافي والفني من أولوياتها. لكن هذا لا يعفي المعنيين بالأمر من أنهم مطالبون بإيجاد مهرجانا ذا خصوصية للمدينة لأن هذا المهرجان خاص برمضان رغم انه مكسب، والمدينة تعيش سنة كاملةو ليس شهراواحدا. بمعنى أن سلا يلزمها مهرجان آخر في مستوى تاريخها. أي نوع من المهرجانات؟ صحيح أن سلا تتوفر على 4 مهرجانات أخرى بين الدولية والمحلية(مهرجان سلوان، الإمتاع والمؤانسة، مهرجان المرأة السينمائي...)، لكنها تحتاج إلى محطة تلتقي فيها هذه التظاهرات الأربع. وهذا يحتاج إلى دراسة عميقة. وأنا شخصيا كنت قد اشتغلت على مشروع وقدمته للمسؤولين في السابق(منذ 5 سنوات) أكثر من مرة. المشروع يقوم على انجاز مهرجان سنوي بالمدينة يتأسس على ثقافة المدن البحرية أسميته مراكب أو زمن البحر. لأن تاريخ مدينة سلا بحري بأسطولها التجاري والجهادي وحاضرها ومستقبلها كذلك بحري. ولا يمكننا تصور سلا التي تشهد مشاريع ضخمة إلا بهذا البعد البحري على نهر أبي رقراق والمحيط الأطلسي. فإذن هذا الماء الذي يصنع تميز المدينة من المفروض أن يكون هو مصدر تصور لمهرجان. لذلك جاءت فكرتي مهرجان ثقافة وفنون البحر مراكب أو باسم آخر،و يتضمن كل الفنون والطقوس والعادات التي اشتهرت بها المدن البحرية الكبيرة العريقة مثل الإسكندريةو البندقية ومرسيليا واسطنبول والصويرة... واليوم أظن أن الأجواء أكثر ملائمة لتبني المشروع.