عن هاندلسبلاد الهولندية لقد أضحى مصطلح «المجرمون المغاربة» شائعا في هولندا اكثر من أي وقت مضى. ففي الأسبوع الماضي، أصدرت الشرطة الهولندية تقريرا بعنوان «الساكنة المغربية المجرمة» في البلديات الهولندية. وتضمن التقرير معايير جديدة لتقييم كم مشاكل المغاربة في العديد من المدن الهولندية، بما في ذلك «الأصول المغربية» لأولئك الأشخاص. كانت الدراسة تهدف إلى منح الحكومة الهولندية منهجية متوازنة لتوزيع الموارد المالية على مختلف البلدية. وتصدرت مدينة «غودا» قائمة المدن التي تشهد أكبر عدد من الجرائم، بحيث يوجد مغربي من بين كل ثلاثة مرتكبي الجرائم بالدينة، أي ما يمثل 0.55% من مجموع ساكنة المدينة. وفي المقابل، لا يوضح التقرير مدى حجم الإجرام الذي ترتكبه باقي الإثنيات المستقرة بهولندا. ومع ذلك فقد أشار التقرير إلى تصنيف باقي المدن الهولندية في سلم إجمالي العمليات الإجرامية المرتكبة فيها، حيث جاءت مدينة روتردام في المقدمة وتلتها مدن أمستردام، لاهاي، أوتريخت، تيلبورغ، غودا، إيدي ثم زيست. ومع ذلك، فتلك الإحصاءات لا تخلو من نقط ضعف، إذا أشارت ملاحظة واردة في التقرير إلى أن «التمثيل المبالغ فيه» في التقرير يظل أمرا نسبيا، إذ كل ما تعلق الأمر بعدد كبير من الجرائم، إلا وظهر اسم المغاربة هناك. كما أن التقرير لا يشير إلى القضايا التي تم حلها، بل فقط إلى بعدد الأشخاص الذين «تعتقد الشرطة أنهم مذنبون». ومن جهة أخرى، فإن العديد من «المغاربة» الذين تم إدراجهم في التقرير هم هولنديون، رغم أن آباءهم ولدوا في المغرب. إن المشكل الحالي يتعلق بما هو ثقافي، اقتصادي وبمسألة اندماج الجيل الثاني من المهاجرين المغاربة. ثمة وفرة في المعلومات والمراجع التي تتناول شؤون الشبان الهولنديين المنحدرين من أصول مغربية. وعلى سبيل المثال، ثمة مؤشرات واضحة على أن الأشخاص المنتمين إلى هذه المجموعة يتم الزج بهم في السجن بسبب ارتكابهم جرائم تقل حدتها وخطورتها عن تلك التي يرتكبها أشخاص هولنديون. وتوضح دراسات مقارنة أيضا أن المساجين المغاربة يعانون من اختلالات عاطفية أو سلوكية أقل من تلك التي يعاني منها المساجين الهولنديون. وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على أن ثمة إرادة متزايدة لدى الجهاز القانوني من أجل وضع أفراد هذه المجموعة وراء القضبان. ويظل الأمر الذي يطرح مفارقة غريبة كما ورد في التقرير، الذي أنجزه المعهد الأعلى للمدن لفائدة الشرطة الهولندية، هو أن الشبان المغاربة الذين اندمجت غالبيتهم في المجتمع والثقافة الهولنديين هم الذين تحولا إلى مجرمين. «المغاربة الذين يريدون أن يكونوا جزءا من المجتمع الهولندي، الذين يسعون لضمان متقبلهم في هولندا، هو الأكثر حساسية لنمط العيش في مجتمع يتعامل بسلبية مع انتمائهم العرقي». هذا الأمر صحيح، فتلك الإحصاءات ليست إلا مؤشرا على الغضب والتذمر. وتلك المشاعر تعيد إلى الذهن مشاهد أحداث الصواحي البارسية سنة 2005. إن مصطلح «المجرمون المغاربة» يخفي أشياء أكثر مما يوضح أخرى.