أفادت مصادر من الجالية المغربية في هولندا أن البرلمان الهولندي ينكب حالياً على وضع قانون لوقف تسجيل الأطفال ذوي الأصول المغربية، خاصة من أم مغربية، تلقائيا باعتبار أنهم مغربيو الجنسية، كما تقضي بذلك القوانين المغربية، ومنها قانون الجنسية الأخير الذي يمنح الجنسية للأطفال من أم مغربية. وكانت فعاليات من الجالية المغربية بهولندا، أشارت في وقت سابق ل«المساء» إلى أن العداء للأجانب بهولندا، وللمغاربة على وجه التحديد، يأخذ «منحى خطيرا» من طرف المحافظين كلما اقترب استحقاق انتخابي محلي أو وطني، أو على مستوى انتخابات الاتحاد الأوروبي، مستغلين ورقة المهاجرين للرفع من أسهمهم في تلك الانتخابات. وأضافت نفس المصادر، في إفادتها السابقة، بأن الضجة التي يفتعلها المحافظون الهولنديون، مع اقتراب الانتخابات الأوروبية، جاءت مباشرة بعد إقدام بلدية “تلبرغ” بتصحيح جنسية طفلة ذات أم مغربية، عندما قام الأب غير المغربي بطرح هذه القضية، والتي وصلت الآن إلى قبة البرلمان، حيث طالب النائب عن الحزب الليبرالي المحافظ، باول دي كروم، بتوضيحات من طرف وزير الاندماج ووزيرة الداخلية. ويرغب البرلمان الهولندي حاليا، من خلال وضع قانون خاص بذلك، في وقف موظفي البلديات تسجيل الأطفال ذوي الأصول المغربية تلقائيا باعتبارهم مغاربة، في الوقت الذي يرى فيه العديد من الهولنديين خاصة المحافظين منهم، أن المغرب، هو من يجب أن يوقف فرض جنسيته على المواطنين الهولنديين، في إشارة إلى أبناء الزواج المختلط، الذي ينحدر أحد طرفيه من أصول مغربية، وخاصة الأم التي بدأ يسري على أبنائها قانون الجنسية الجديد. ولا تسمح القوانين الهولندية للمواطنين بحمل جنسيتين مختلفتين، كما هو معمول به في مختلف البلدان الأوروية، وهو ما يسمح للمغاربة بعدم التخلي عن جنسياتهم، بعكس ما تنص عليه هولندا، من ضرورة التخلي عن إحدى الجنسيتين، ما تعتبره المنظمات الحقوقية، مسا بحق المواطن في حمل الجنسية التي يرغب فيها. وينص الدستور المغربي على كون المواطن المغربي يبقى مغربيا، حتى وإن حمل جنسية بلد آخر، ما يعني أن الجنسية المغربية لا تسقط بحمل جنسية بلد أجنبي، وهو اعتراف رسمي بعدم تعارض حمل الجنسيات الأجنبية للمغاربة المقيمين بالخارج مع القوانين المغربية. إلى ذك نقلت الإذاعة الهولندية عن النائبة عن الحزب الديمقراطي المسيحي ميريام ستيرك، قولها إن موظفي الأحوال المدنية «ليسوا مسؤولين عن اختيار الجنسية المزدوجة، بل الآباء هم المسؤولون عن ذلك». أما مسؤولو السلطة المحلية الهولندية فيبررون تصرفهم بأن موظفي البلديات المعنية لا يفعلون أكثر من تطبيق القانون الهولندي، الذي يلزمهم بتسجيل أي جنسية لأي مواطن في بلديتهم. وكان الحزبان الحاكمان، الديمقراطي المسيحي والعمل، تقدما الأسبوع الماضي بمشروع قانون جديد يلغي هذا الإلزام في حالة ازدواج الجنسية، وهو المشروع الذي وجد مساندة من الحزب الاشتراكي المعارض وحزب «في في دي» الليبرالي. ونقل المصدر ذاته، عن متحدث باسم الحزب الاشتراكي، أن القانون الساري حاليا يمنع الذين يرغبون في أن يصبحوا هولنديين مائة في المائة، من تحقيق رغبتهم تلك. في سياق ذلك، قالت افتتاحية في صحيفة «إن آر سي هاندلسبلاد» اليومية، بأن تعديل القانون الهولندي ليس كافيا، موضحة أنه من المنطقي أن يستطيع الأبوان المغربيان المهاجران اختيار منح طفلهما جنسية بلدهما الأصل، لكن ليس من المنطقي أن يجبروا هم وأبناؤهم وأبناء أبنائهم على الاحتفاظ بهذه الجنسية، مؤكدة على أن ذلك يعتبر تقييدا غير مقبول لحرية الاختيار بالنسبة لمواطنين في هذا الوضع، داعية إلى ضرورة تغيير القانون المغربي. وكان الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي، أعلن نهاية السنة الماضية أثناء لقائه بنظيره الهولندي ماكسيم فيرهاخن، أن التشبت بالجنسية المغربية هو أكثر من مجرد عقد قانوني، بل هو تشبث بالحضارة المغربية والدين الإسلامي، مشيرا إلى أن سحب الجنسية في الدستور المغربي هو استثناء، وأن اندماج أفراد الجالية المغربية بالمجتمع الهولندي لا يعني قطع الصلة مع الجذور.