الوضعية المزرية التي أصبحت عليها حافلات النقل الحضري «النور» تستدعي تدخل الجهات المسؤولة من أجل إجبار الشركة على تجديد أسطولها بالكامل أو الانسحاب لحساب شركة أخرى قادرة على تلبية متطلبات زبنائها واحترام كرامة العاملين بها، واحترام أدمية الإنسان الذي يركب الحافلة. أصبحت حافلات «النور» عبارة عن عربات متحركة يتم تكديس المواطنين بداخلها في أدنى شروط السلامة والنظافة، حالتها الميكانيكية المتردية لا يمكن الاستمرار في الترخيص لها بالجولان داخل شوارع المدينة نظرا لقدم محركاتها وكثرة أعطابها، ففي كل يوم هناك أكثر من حافلة على قارعة الطريق تنتظر إدخالها إلى المستودع من أجل إصلاحها. هذا عن الحالة الميكانيكية أما من الناحية الجمالية داخل الحافلة فحدث ولا حرج، فالصدأ في كل مكان وزجاج النوافذ لا وجود له في بعض الحافلات، بالإضافة إلى الأبواب التي أصبحت تفتح وتغلق بصعوبة كبيرة، أما الكراسي التي يستعملها العجزة أو المعطوبين في بعض الأحيان لا يمكن للإنسان أن يجلس عليها نظرا لتآكلها وخروج البراغي من أماكنها والتي تتسبب في تمزيق الملابس، زد على ذلك وسائل الإنارة دخل الحافلة التي أصبحت منعدمة. ومن أجل ذر الرماد في العيون قامت الشركة، وبشراكة مع النافذين داخل المجلس البلدي، باللجوء إلى حل ترقيعي باقتناء أربع حافلات جديدة يتم استعمالها فقط على خط شارع محمد الخامس، وكأن الذي يركب الخط رقم 20 مواطن من درجة أولى وبقية الأحياء والمواطنين الآخرين من درجة ثانية. والمجلس البلدي يتحمل مسؤولية توفير النقل العمومي للمواطنين وكان عليه إجبار الشركة لتجديد أسطولها أو الانسحاب لترك المجال أمام شركة أخرى لتقوم بتدبير النقل العمومي. وحسب بعض العارفين بخبايا هذه الشركة، فإن مداخيلها جد مرتفعة والأموال موجودة، لكن لا يتم صرفها في أشياء تساهم في تطوير الشركة، وإنما يتم هدر الأموال دون التفكير في الرفع من مستوى خدمات الشركة أو الاهتمام بالمستخدمين الذين يعانون الأمرين من طريقة تعامل إدارة الشركة التي لا تعيرهم أي اهتمام، فالزيادة في الأجر لم تعرف أي تحسن، ومنحة الزيادة في ثمن التذكرة لم تعرف طريقها إلى جيوب المستخدمين فأخذت وجهة أخرى، هذا بالإضافة إلى التضييق على الحريات النقابية وطرد العمال النقابيين وتشريدهم، زد على ذلك كثرة التوقيفات والعقوبات. وحتى زبناء هذه الشركة لا يسلمون من المعاملة السيئة من طرف مراقبي التذاكر التابعين لإحدى شراكات الحراسة الخاصة، إذ لا يسلم المواطن من استفزازاتهم ومحاولة اصطياد «الحاركين» منهم من أجل دفع الغرامة، والتي تقدر ب20 درهما تذهب في آخر الشهر إلى جيب أحد موظفي شركة، هذا الأخير لا ينفك يحث المراقبين على الجد والاجتهاد في جلب الغنائم من هواتف نقالة ومحفظات التلاميذ كعقوبة على نسيان البطاقة وعدم أداء ثمن التذكرة كضمان لحين إحضار الغرامة المتمثلة في 20 رهما، هذا بالإضافة إلى «التخريجة» الجديدة للشركة والمتمثلة في إضافة شرط على ظهر البطاقة يتمثل في منع استعمالها أيام العطل وفي الأعياد. هذه هي الشركة التي استبشر المواطن الوجدي دخولها لمدينة وجدة من أجل تحسين ظروف النقل الحضري، لكنها مع مرور السنين أصبحت تسير في الاتجاه الذي سارت عليه شركة SATO، والتي أفلست وشردت بعض عمالها، لذا وجب التدخل من أجل الحد من هذه التجاوزات وتوفير وسيلة نقل في مستوى تطلعات المواطن الوجدي والتطور الحضري الذي تعرفه مدينة الألفية... وأمام هذا الوضع، تبقى العديد من الأسئلة مطروحة حول من يقف وراء استمرار هذه الشركة في العبث بمصالح العمال والمواطنين؟ ولماذا لا يسمح بدخول شركة أخرى مواطنة تكون في مستوى تطلعات المواطنين؟ وأين هو تقرير اللجنة التي حلت بالشركة خلال سنة 2009؟ وأين الجمعية المغربية لحماية المستهلك من كل هذه الخروقات، والتي لم تكلف نفسها عناء التدخل لدى السلطات من أجل الحد من العبث بسلامة المواطنين...