لعل من بين التشوهات التي تعيشها الدارالبيضاء ، الاحتلال العشوائي للرصيف، ففي الوقت الذي يجيز فيه القانون لأصحاب المحلات التجارية وغيرها استغلال فقط ما حجمه ثلث عرض الرصيف، نجد أن غالبية المحلات تصل مساحة استغلالها إلى «الشانطي»! هناك من المحلات التي لا تتعدى مساحتها 20 مترا مربعا، نجدها تترامى على 60 مترا مربعا أو أكثر، وغالبا ما نجد هذه الأماكن تؤثث بالتلفزات والمكيفات، أي تم الاستحواذ عليها بالكامل. الاحتلال العشوائي للرصيف لا يخلق فقط مشكلة للراجلين الذين يضطرون للاختلاط مع السيارات وباقي وسائل النقل التي تجوب المدينة، وهو ما يؤدي يوميا لحوادث، بل إنه «يعفي» المحتلين من أداء الرسوم الضريبية عن الاستغلال، لأنه أصبح خارج القانون، ولا يمكن للجابي أن يستخلص أموالا عن أمور غير قانونية، مادام المشرع يجيز الاحتلال في 1/3 عرض الرصيف. وبلغة الأرقام، نجد أن 10% من مجمل المحلات المنتشرة في الدارالبيضاء، هي التي تتوفر على تراخيص قانونية، أما 90% فليس لها أي ترخيص يذكر، ولا تتعدى نسبة استخلاص مستحقات الرسوم من المستغلين للملك العمومي 50%، باستثناء منطقة آنفا كلها، حين تعبأت السلطة العمومية أيام بنهيمة لهذا الغرض وحدت من انتشار هذه الظاهرة. إذن نحن أمام تشوه حقيقي لجمالية المدينة واستنزاف بين للمال العام وعرقلة واضحة للراجلين، تدفعهم للتعرض للحوادث، هنا يأتي دور الشرطة الإدارية، التي لا توجد في الدارالبيضاء إلا على الورق، وفي الواقع هي غائبة منذ ست سنوات، بحيث لم يصدر أي قرار جماعي ينظم كل ما يدخل في إطار اختصاصها، ولم يصدر عنها هي أي قرار يلزم المحتلين برفع يدهم عن الرصيف. قبل وحدة المدينة كانت كل جماعة على حدة تفعل هذه القرارات ، أما الآن فلا حديث عن هذا الأمر. لكن إذا كانت الجماعة عاجزة والمنتخبون يغضون الطرف بذريعة عدم فقدان أصوات هؤلاء المستفيدين من الملك العمومي، فماذا تفعل السلطة؟ فأمام أعين أعوانها وموظفيها، يتم هذا الخرق السافر للمجال ، وهذا التشوه العلني، ولا تحرك أي ساكن. السلطة مدعوة اليوم ، أكثر من أي وقت مضى ، خصوصا أمام العجز الواضح لمسيري الشأن المحلي، بأن تعيد الأمور الى حقيقة وضعها، حتى لا يذهب «التسيب» بالبعض الى حد التفكير في «احتلال» الولاية!