احتضن مقر المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط يوم الخميس الماضي، حفل تقديم وتوقيع رواية «القوس والريشة» للروائي والشاعر محمد الأشعري، وذلك بحضور ثلة من الكتاب والأدباء والنقاد. وتتناول الرواية مصير ثلاثة أجيال: جيل يمثله محمد الفرسيوي الجد الذي يمضي 20 سنة في ألمانيا يكتشف خلالها كنوز الشعر الألماني ليقرر بعد ذلك العودة إلى المغرب ومعه زوجته الألمانية طامحا في أن يسترجع أمجاد أجداده الأمازيغ غير أن الأقدار شاءت غير ذلك بعد تعرضه لحادثة سير مع أسرته الصغيرة لينتهي به الأمر إلى أن يكف بصره ويمتهن بالرغم من ذلك مهنة مرشد سياحي بوليلي. أما الجيل الثاني فيمثله يوسف الفرسيوي (ابن محمد)، وهو صحافي يكتب عمودا في جريدة حزب يساري ومقالات في مجلات متخصصة وصاحب موهبة أدبية، يتنقل بين الحانات والمطارات، قضى سنوات في سجن القنيطرة لانخراطه في حركة يسارية. ياسين الفرسيوي (ابن يوسف)، يجسد الجيل الثالث، إذ كان يتابع دراسته في شعبة الهندسة المعمارية بفرنسا ليقرر بعد ذلك الالتحاق بأفغانستان ليلقى مصرعه هناك في عملية انتحارية. وفي تقديمه للرواية، يقول محمد الأشعري «اعتبرت دائما تطور الأشياء سواء اقتصاديا أو ثقافيا أو سياسيا يبني كثيرا من الأشياء ويتسبب في انهيار كثير منها»، متسائلا «كيف يمكن للذين يعيشون الانهيارات أن يعيدوا بناء حياتهم ولو بطريقة مضادة، وكيف يستعيدون شهوة الحياة». وأضاف أن «الجميع يتخوفون من انحراف أبنائهم (التدخين، الجريمة، العنف...)، ولكن لا أحد يمكنه أن يتصور أن ابنه قد يصبح ظلاميا، وتخيلت شخصا ينتمي إلى اليسار مات ابنه فيبلد بعيد آلاف الكيلومترات عن بلاده (أفغانستان)». فرواية «القوس والريشة»، يقول الأشعري، «ليست سوداوية، ولكنها تستفيد من السواد الذي نلاقيه يوميا» مشيرا إلى أن الناشر أسقط إسم الفنان التشكيلي خليل غريب الذي وضع صورة غلاف الرواية. وفي تقديمه للرواية، يقول الشاعر محمد اخريف إن «القوس والريشة»، الذي يحمل ملامح القصة القصيرة، عمل يمكن اعتباره امتدادا لرواية «جنوب الروح» للأشعري بالرغم من أنه يأتي بعد 14 سنة على صدورها. أما الناقد عبد الفتاح حجمري فيعتبر أن رواية «القوس والريشة»، «جواب عن سؤالين هما: لماذا حاضرنا على ما هو عليه؟ ولماذا ننتمي إلى سلالة الخوف والقلق؟» مشيرا إلى أن «العالم الذي نحيى فيه أصبح فاسدا، ونحن أصبحنا غرباء». وفي السياق ذاته، أشار حجمري إلى «أننا في النهاية ننهزم أمام الموت لكن الأفظع هو أن ننهزم أمام الحياة»، معتبرا أن للرواية، طابعا سياسيا لتناولها مواضيع الرشوة والبيروقراطية والفساد. ومن جهته، قال الروائي عبد الكريم الجويطي إن «القوس والفراشة» تبدأ برسالة نعي ياسين الفرسيوي توصل بها أبوه يوسف ففقد من فرط الصدمة حاسة الشم، غير أنه عوض بذاكرة قوية تتنقل بين الماضي والحاضر في تواتر مذهل، مضيفا أن الأحداث شرعت بعنفها تجلد يوسف الفرسيوي ك «مقتل ابنه وانتحار والدته واتهام والده بقتلها وانهيار علاقته بزوجته وعلاقته العاطفية بفاطمة». تقع الرواية، الصادرة عن المركز الثقافي العربي، في 333 صفحة من الحجم المتوسط. ويشار إلى أنه صدرت لمحمد الأشعري عدة أعمال روائية وشعرية منها على الخصوص «صهيل الخيل الجريحة» و«عينان بسعة الحلم» و«يوم صعب» و«جنوب الروح» و«سرير لعزلة السنبلة» و«حكايات صخرية».