بعد الإعلان رسمياً عن تفريغ حوالي 4 ملايير متر مكعب من السدود، تبين من مقارنة معدلات الامتلاء بين يومي 21 و 25 يناير الجاري أن المعدل الاجمالي لامتلاء الحقينة استقر في حوالي 14 مليار و 70 مليون متر مكعب، وذلك بالرغم من تفريغ 35,3 مليون متر مكعب من سد الوحدة و 11.2 مليون متر مكعب من سد القنصرة. إن الآثار الإيجابية للتساقطات المطرية على العديد من المناطق، التي عانت من ضعف حقينة المياه الجوفية وتراجع نسب امتلاء السدود إلى مستويات فرضت حرمان الفلاحين من سقي حقولهم في فترات حرجة، بادية للعيان وقد كان بالإمكان- حسب المراقبين- أن تكون أحسن من ذلك لولا أن ضعف البنيات التحتية تسبب في توجه الملايين من الأمتار المكعبة إلى البحر عوض توجهها إلى مراكز للتخزين، فالتفريغ في البحر لا يقتصر على منطقة دون سواها وإنما هو سمة عامة لا تخلو من دلالات. إن السلطات التي اضطرت إلى تفريغ المياه في سبو وبهت وورغة بكميات خلفت العديد من المنكوبين وألحقت أضراراً بليغة بالعديد من الحقول والممتلكات لم تصل بعد إلى شاطئ النجاة لأن تهاطل الأمطار والثلوج بغزارة تسبب في إبقاء سد ادريس الأول ممتلئاً بنسبة 100% ، ومع أن عمليات التفريغ أسفرت عن تقلص معدل امتلاء سد الوحدة من 97,8% إلى 96,8% و سد القنصرة من 97,6% إلى 92,6% فإن استمرار تهاطل الأمطار والثلوج بغزارة يعد بارتفاع معدل امتلاء كل منهما بالرغم من الاستمرار في التفريغ بكميات لا تخلو من مخاطر. ما تخفيه الأرقام هو أن المعدل العام لنسبة امتلاء السدود يخضع بشكل كبير إلى نسبة امتلاء سد الوحدة الذي يمثل بسعة 3712,1 مليون متر وكعب أكثر من ربع الحقينة الإجمالية للسدود، غير أن عدم التوفر على ما يكفي من التجهيزات لنقل مياهه إلى المناطق التي تعاني من نقص من الماء يفرض اللجوء كل سنة إلى تفريغ مياهه في البحر وكأن مهمته الأساسية هي الحماية من الفيضانات وليس المساهمة في التنمية الفلاحية وفي توفير شروط تثبيت الساكنة القروية بالوسط القروي. من المفارقات الغريبة أن السلطات الوصية اعتمدت قلة المياه كذريعة للرفع من فاتورات استهلاك الماء، ولما تهاطلت المياه بوفرة حولتها إلى البحار والحقول والمناطق السكنية، فارتفاع معدل امتلاء السدود مؤشر نعمة، ولكن الذين يعانون من الفيضانات يرون فيه مؤشر نقمة، وهكذا يكون التعامل مع مادة نادرة وإلا فلا...