باستثناء سد حسن الداخل الذي بلغت نسبة امتلائه صباح يوم الخميس 18 نونبر 86,2% فإن مجموع السدود التي تزيد حقينتها عن 100 مليون متر مكعب زادت نسبة امتلائها عن 90% رغم أن بعضها يتعرض منذ أكثر من شهر لعملية التفريغ تخوفاً من الانفجار والتسبب في كوارث بشرية كما هو الشأن بالنسبة لسد الوحدة الذي تصل حقينته إلى 3712,1 مليون متر مكعب وسدي القنصرة ومولاي ادريس. فمع أن ارتفاع نسبة امتلاء حقينة السدود إلى 95,7% ، بعد أن أصبحت حقينتها الإجمالية تستوعب 15 مليار و107 ملايين متر مكعب من المياه، يؤمن العديد من الامتيازات والفوائد إلا أن عدم إعطاء الأولوية لمعالجة إشكالية الماء في المغرب أفرز العديد من المتاعب لعل أبرزها تعدد حالات المعاناة سواء كان المناخ جافاً أم ممطراً وتفريغ أزيد من 4 ملايير درهم في البحر على شكل مياه. إن حصر مخزون المياه في حوالي 15 مليار متر مكعب راجع بشكل خاص إلى عدم إعطاء الأولوية في سياسة التجهيز إلى الماء وما ترتب عنها من محدودية القدرة الاستيعابية للسدود المغربية وعدم التوفر على التجهيزات التي تسمح باستغلالها في القطاع الفلاحي، فكميات المياه التي اضطر المسؤولون إلى تفريغها في البحر تقارب أو تفوق الكميات المخزنة، وكميات المياه التي ستتوافد على السدود مباشرة بعد شروع الثلوج في الذوبان ستكون بكميات يصعب التكهن بما إذا كانت ستكون بعد انتهاء عمليات تفريغ السدود الجارية أم أثناءها، والمفارقة الغريبة هي أن السلطات العمومية، التي تلجأ في علاقاتها مع المواطن، إلى التعامل مع الماء على أساس أنه مادة نادرة، وتفرض عليه وفق ذلك، بالنسبة للمياه الصالحة للشرب، حصر الاستهلاك المستفيد من السعر المخفض، البالغ 2,6 درهم للمتر المكعب، في 6 أمتار مكعبة، أما الشطر الثاني، الذي يعتبر أساسياً لبلوغ الحدود الدنيا المعمول بها من طرف المنظمة العالمية للتغذية والزراعة، فحددت قيمته في 2,73 درهم للمتر المكعب وكميته في مترين (2) مكعبين فقط ليتسنى بذلك بيع كميات هامة وفق معايير الشطر الثالث التي تحتسب فيها قيمة الماء ب 8,67 درهم للمتر المكعب أي بما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف الشطر الأول، وحتى في حالة مياه الري، فإن تباين الأسعار حسب المناطق يفضي إلى أسعار يصل معدلها العام إلى حوالي 300 درهم لكل 100 متر مكعب، هذا عندما يتعلق الأمر بالفاتورة التي يؤديها المستهلك بغض النظر عن عدد الأفراد المستفيدين من نفس العداد ونوعية الزراعة وطبيعة الموسم، أما عندما يتعلق الأمر بتدبير مياه الأمطار، فإن الإفراط والتفريط يهيمنان على السلوكات وكأن الماء مصدر ضرر لابد من التخلص منه حتى ولو تطلب ذلك تعريض الأرواح والممتلكات لمخاطر يصعب تحملها، وبالنسبة لهذا الموسم فإن مجرد تفريغ حوالي 15 مليار مترمكعب من المياه في البحر يعني أن التعامل مع الماء وفق فاتورة الري ، وهي أبخس فاتورة يرفع الضياع إلى حوالي 4,5 مليار درهم