يعيش سكان جهة الغرب شراردة بني احسن للسنة الثانية على التوالي مخاوف التعرض لمخاطر فيضانات سدي الوحدة والقنصرة ومخاوف موت محاصيلهم الزراعية بفعل التساقطات المطرية التي تحول الحقول إلى برك مائية، وأهم ما يتمنونه الآن هو أن تتوقف الأمطار عن التهاطل وتترك المجال واسعاً لأشعة الشمس، لأن في ذلك أحسن حماية من مخاطر الماء وظرفية ملائمة لجني محصول جيد. خضوع سكان الجهة بشكل شبه كلي لمخاطر تقلبات الأحوال الجوية يجد تبريره الأساسي في بطء إنجاز المشاريع الكفيلة بتحويل الأراضي الخصبة بالجهة إلى مساهم قوي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يجد تبريره في تأخر إصلاح البنيات التحتية التي تضررت بفيضانات الموسم السابق. من المحقق أن الشروع في بناء الدور الخاصة بمنكوبي الفيضانات قلل من مخاطر إلحاق أضرار بالأرواح وبالأحياء السكنية، ومن المحقق كذلك أن المسؤولين عن قطاع السدود استفادوا من تجربة السنة الماضية وشرعوا مبكراً في تفريغ السدين السالفين الذكر تحسباً لاستقبال مياه موسم ممطر، ولكن مع أن السلطات المسؤولة أعلنت عن تفريغ أزيد من 3 ملايير متر مكعب من المياه في البحر، فإن حقينة الوحدة الذي يعتبر أكبر سد في المغرب ارتفعت ما بين 5 ، 8 من الشهر الجاري ارتفعت ب 548,3 مليون متر مكعب، في حين أن حقينة القنصرة ارتفعت ب 4,7 مليون متر مكعب. الخيارات الاحترازية التي اضطرت السلطات المسؤولية إلى تبنيها تسببت في عدة خسارات من أبرزها توقف حركة القطارات بين سيدي قاسم وطنجة وإغلاق عدة طرق برية بالمنطقة، أما القيمة الإجمالية للخسارات فلابد من الانتظار للتعرف على مستواها. ما يعانيه سكان الجهة يتم في ظرفية تميزت بالشروع في بناء التجهيزات الضرورية لانطلاق تشغيل القطار الفائق السرعة «تي جي في TGV» ما بين الدارالبيضاء وطنجة في 2015 وما بين لدار البيضاء وأكادير في 2025، أما مشاريع إنقاد جهة الغرب شراردة بني احسن من مخاطر الفيضانات وإنقاد جهة سوس ماسة درعة وغيرها من مخاطر الجفاف والتصحر. إن ربح رهان جلب 10 ملايين سائح في السنة الجارية لا يمر بالضرورة عبر بناء قطار فائق السرعة، ولكن توفير المناخ الاقتصادي والاجتماعي الكفيل بإطعام السياح وبضمان سلامتهم خارج الفنادق والفضاءات المخصصة للسياح يحتاج بالضرورة إلى التجهيزات المائية الضرورية لتفادي تفريغ ملايير الأمتار المكعبة من المياه في البحر في السنوات الممطرة علماً بأن سنوات الجفاف التي غالباً ما تستمر عدة سنوات تفرض تقنين السقي والتعامل مع الماء بمنطق تقشفي لا يطاق. إن الإشكالية المطروحة هي إشكالية أولويات، وإلى أن ينال تدبير الماء المكانة التي يستحقها في الخيارات الحكومية، فإن تعاقب الفيضانات والجفاف سيخلف المزيد من الخسارات ومن الفوارق الطبقية.