مداغ (إقليمبركان) – أجبرت الأزمة الصحية التي تجتاح العالم الملتقيات على اختيار تنظيم افتراضي أو رقمي، إن لم يكن الإلغاء أو التأجيل ببساطة. من بين المواعيد التي بصمت على نجاح باهر في الانتقال من الواقعي إلى الافتراضي يوجد الملتقى العالمي للتصوف بمداغ (إقليمبركان)، الذي تنظمه الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى. وتوقفت الدورة الخامسة عشرة للملتقى، التي انعقدت مؤخرا بشراكة مع المركز الأورو-متوسطي لدراسة الإسلام اليوم بمشاركة مسؤولين وباحثين وخبراء ومريدي التصوف من العالم أجمع، عند أهمية البعد الروحي باعتباره حاجز صد للأزمة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا. وشارك في الدورة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، خبراء من المغرب وأوروبا وآسيا وأستراليا وإفريقيا وأمريكا لتنشيط 13 جلسة، شهدت مداخلات بالعربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والتركية تمحورت حول شعار الدورة "التصوف وتدبير الأزمات : دور البعد الروحي والأخلاقي في الحكامة الناجعة". واعتبر رئيس مؤسسة الملتقى، منير القادري بودشيش، في الكلمة الختامية، أن "الأزمات التي يعانيها المجتمع الإنساني اليوم تعزى إلى أزمة رئيسية متمثلة في أزمة القيم والسلوك والمعنى، والعالم اليوم يعاني في صمت من أزمة حقيقية في هويته الإنسانية، التي تترجم في عدد من السلوكيات البشرية التي تولّد في كل مرة أزمة جديدة". اقرأ أيضا: كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش تستقبل طلبتها الجدد وأوضح أن "الغرض من طرح موضوع هذه السنة هو التنبيه والتحسيس بهذه الأزمات من جهة، ومن جهة أخرى إبراز ما يمكن أن يضطلع به المكون القيمي في معالجتها وتجاوزها، وما يمكن أن يقدمه التصوف باعتباريته القيمية وكونه مرجعية روحية في تدبير أزماتنا المعاصرة، وخلق حكامة قيمية فاعلة". ودعا المشاركون في هذا الصدد إلى دعم مشاريع البحث والبرامج الرامية إلى رصد الفراغ الروحي وازمة القيم والمعنى، وتشجيع التربية الروحية عبر القنوات الرقمية باعتبارها "مصدرا للطاقة الإيجابية في مواجهة الجائحة، وبهدف تسوية المشاكل النفسية والاجتماعية المرتبطة بالأزمة ومساعدة الآخرين على التكيف مع الوضعيات الطارئة". وفضلا عن الموائد المستديرة عن بعد التي أطرها ثلة من المتخصصين في عدة مجالات ذات صلة بموضوع الملتقى، عرفت هذه التظاهرة تنظيم مسابقات في تجويد القرآن الكريم، ومسابقات شعرية في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام وترتيل القرآن الكريم والمديح الصوفي. كما تلى الدورة الخامسة عشرة من الملتقى عقد النسخة الثامنة للقرية التضامنية افتراضيا بسبب الظروف المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19)، والتي نظمتها مؤسسة الملتقى بشراكة مع مجلس جهة الشرق والجمعية الفرنكومغربية للأطر بين 6 و 9 نونبر الجاري بمداغ (إقليمبركان). وتشكل هذه التظاهرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بشعار "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني : رافعة اقتصادية للمساهمة في تجاوز تداعيات الأزمة وتسريع وتيرة الانتعاش الاقتصادي"، موعدا سنويا للالتقاء بين الخبراء والباحثين في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وتضمن برنامج هذه النسخة الافتراضية للقرية التضامنية تنظيم العديد من الندوات الافتراضية والموائد المستديرة، ضمنها النسخة الثالثة من منتدى "الأخلاقيات التقنية"، المقام تحت شعار "الأزمة الصحية بين التحديات التقنية والرهانات الأخلاقية"، والدورة السادسة للمناظرة الإسلامية للبيئة بمداغ، فضلا عن دورة تكوينية حول تسويق منتجات التعاونيات. اقرأ أيضا: عيد الأضحى بمراكش .. الأزمة الوبائية ترخي بظلالها على المهن الموسمية الصغيرة وكان الملتقى فرصة لعدد من اللقاءات والأنشطة التي أبانت عن أن البعد الروحي والأخلاق والصوفية تعتبر من صميم الاستجابة على المخاطر التي تشكلها الأزمات الراهنة على رفاهية البشرية.