وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    عزيز غالي ينجو من محكمة الرباط بدعوى عدم الاختصاص    المحكمة الدستورية تجرد بودريقة من مقعده البرلماني    المحكمة الابتدائية بالرباط تقضي ببراءة جماعية لطلبة الطب والأطباء الداخليين والمقيمين    السفير هلال يقدم استراتيجية المغرب في مكافحة الإرهاب أمام مجلس الأمن    ترامب يعتزم نشر جميع الوثائق السرية المتعلقة باغتيال كينيدي    مبارتان وديتان .. المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يواجه نظيره لغينيا بيساو يومي 23 و26 يناير الجاري ببيساو    العثور على جثة رضيعة حديثة الولادة بتاهلة (صورة)    مسرح محمد الخامس بالرباط يحتضن قرعة كأس إفريقيا المغرب 2025    "لوموند": عودة دونالد ترامب تعزز آمال المغرب في حسم نزاع الصحراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيف 7 أشخاص بمراكش يشتبه تورطهم في قضية تتعلق بالفساد وإعداد وكر لممارسته    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    الصين تعزز مكانتها العالمية في مجال الطاقات المتجددة    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    كيوسك الأربعاء | الحكومة تنهي جدل اختصاصات كتاب الدولة    خديجة الصديقي    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    عادل هالا    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أبيض أسود".. محمد بنيس يكتب ل"الدار": فارس بلا غمد…
نشر في الدار يوم 17 - 09 - 2019

عندما كنت داخل رحم الوجع.. كان الألم ينتزعني من العدم.. من وجدان مكسور.. من نفس مهشمة.. وكان الصدى لا يرجع إلا كطيف يسرق الضياء من العتمات.. كان الظلام يفور.. يسيطر بحلكته.. و أنزوي في غرف الزوايا القاتمة.. أصبح الألم عادة.. وتحولت أرى للقمر مخالب.. هل كنت أعشق قمرا متوحشا.. فقد أصبح الليل بلا لون.. بصمت القبور..
أزيح الألم وأتذكر..
بدايتي المهنية في جريدة "العلم".. أتذكر..
ذهبت أحمل وريقات قصة قصيرة علها تجد مكانا صغيرا بين عمالقة جيل السبعينيات.. كنت أبحث عن مدى.. كان في المدخل -شاوش- ببذلة عصرية يضع طربوشا.. وكان هذا الارتداء آنذاك بداية التحول من الجلابية إلى البذلة.. لكن الطربوش ظل علامة التشبث بالأصالة.. اسمه عبد النبي الكراري وله قصة سيتم تناولها في ما بعد.. قادني لمكتب رئيس التحرير عبد الجبار السحيمي.. وعندما ذكر اسمه قبل مواجهته كدت أتراجع وأعود أدراجي.. كنت أعتقد أنني سأقابل محررا ما.. فكيف أقف أمام هذا الأديب العملاق..
لم أجد مفرا.. زهدت في كل شيء.. لم يأت النجم بعد.. وتأكدت أن هذا ليس المأوى.. وجدته على مكتبه بلحيته المقصوصة الجميلة.. وبين يديه همَّ بإشعال غليونه..ولم أر مشهدا كهذا إلا في الأفلام الأجنبية.. واعتقدت أن من يدخن هذه -البيبا- ليسوا سوى العلماء والحكماء والمفكرون وكبار السن من الأثرياء..
كان يجلس على كرسي أمام مكتبه شاب وسيم حاد الملامح بلحية خفيفة.. وفي الزاوية الأخرى كان يجلس أمام مكتب آخر رجل بشوش عرفت أنه المحجوب الصفريوي..
سألني السحيمي عن معرفتي بالرياضة.. عن كرة القدم.. استغربت.. وضاع تركيزي.. حاورته.. ابتسم وطلب مني بعد أدبيات الاستئذان أن أكتب تقديما لجولة ما من بطولة القسم الوطني الثاني، وأشار للكراري أن يهيء لي دفتر النتائج والترتيب العام..
دخلت غرفة صغيرة جدا وأمدني بأوراق للكتابة.. بعد ساعة ونصف تقريبا عدت وسلمت ما كتبت للسحيمي.. وبعد أن قرأ بسرعة.. سألني.. هل تعرف هذا الذي يجلس أمامي.. حركت رأسي بالنفي.. قال.. إنه الشاعر محمد بنيس وتوجه له وهو يلمح لي اسمه محمد بنيس وسيختلط الأمر على القارئ.. محمد بنيس الشاعر يكتب في الرياضة.. وضحك الاثنان..
وفقدت تركيزي كله هذه المرة.. يا له من يوم غريب قاس.. أقابل فيه عملاقين دفعة واحدة.. كنت أمامهما صغيرا جدا.. كريشة طائر يقاتل ويختبئ ليغير جلده..
بعد التعرف والاستنتاج، توصلت إلى أنه ابن عم والدي.. سألني السحيمي عن اسم أبي فذكرته فقرر.. سيكون إمضاؤك: محمد بنسالم بنيس…
كنت هاربا وأنا أغادر هذا المكتب الملغوم.. رقصت كل دواخلي.. ربما طرد القدر تلك الدوائر التي تمنع الأصباح وتحول أنغام الفجر نشازا.. لقد تأكدت غير مصدق أن ما كتبته سينشر.. نسيت وريقات قصتي القصيرة العرجاء.. وحمدت الله أنني لم أقدمها على طاولة محكمة عليا.. لا ينفع معها استئنافا ولا نقضا..
في الغد نشر ما كتبت.. وعدت لجريدة "العلم".. وأصبح لي مكتب صغير في بيت مجاور لمكتب رئيس التحرير.. وبعد يومين، عُينت رئيسا للقسم الرياضي.. في غرفة كان بها الأستاذ محمد ضاكة.. ثم التحق بنا الأستاذان محمد الأشهب وعبد القادر شبيه.. ورفع الستار على بداية مسرحية مهنة استمرت وقاربت الخمسين سنة.. عملت خلالها مع حوالي 12 رئيسا للتحرير من المحليين والمشارقة، وشاركت في حوالي 14 مطبوعة..
أزيح الوجع وأتذكر..
أمس كان آخر استقبال.. كان في مكتب رئيس تحرير موقع "الدار" الأستاذ أحمد نشاطي.. ترحيب وتقدير وكلمات رائقة.. اعتقلت دموعي أمامه حتى لا أفضح فيض مشاعري..
سأتوقف.. كلماتي اغتالها الألم لزمن طويل.. وعودتي مثل عودة لاعب كان مصابا وبعد الاستشفاء يحتاج للعراكية.. ونفس التحمل.. أمامي قضايا وتناولات رياضية عديدة.. سأطرحها للنقاش معكم.. سأدعوكم بعد نيف من الترويض لنبش آخر.. في ذاكرة لم تعد تحسن ترتيب الأحداث…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.