لم ينقصه سوى 5 سنوات ليتجاوز عتبة المائة، فمات وفي قلبه غصة على انتزاع السلطة منه والإطاحة به، بعدما "خلَّد" نفسه فيها قرابة عقدين من الزمن، منذ الاستقلال. اليوم، الجمعة 6 شتنبر الجاري، رحل الرئيس زيمبابوي السابق روبرت موغابي، مخلفا وراءه عالما غرائبيا، يتداخل فيه "جنون العظمة" بالديكتاتورية والمواقف المثيرة التي ستظل خالدة في سجل "غرائب الزعماء" الحابل بالسخرية. خاصة وأنه اشتهر بنومه في الاجتماعات، ليخرج الناطق الرسمي باسمه ذات مرة بتصريح قال فيه: "إنه يغلق عينيه مدة طويلة خلال الاجتماعات من أجل إراحتهما وليس من أجل النوم". اليوم سيخلف موت موغابي حسرة في نفوس قياديي البوليسارو، وأسى عميقا في الأيادي التي تحركهم من قصر المرادية في الجزائر، باعتبار الراحل كانا مساندا للجبهة وأحد أكبر الداعمين لها في القارة الإفريقية. تماما، بنفس الشعور الذي عبروا عنده عندما أطيح به سنة 2017 من السلطة التي عض عليها بالنواجذ. فمن هو موغابي؟ إليكم بروفيل أعده موقع (RT ARABIC) عن هذا الزعيم الإفريقي الذي سعى ذات يوم للزواج بالرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
رحل رئيس زيمبابوي السابق روبرت موغابي عن الدنيا بعد صراع طويل مع المرض، وعقود طويلة من الصراع على السلطة وفي السلطة، برز خلالها بتعليقاته ومواقفه الصادمة، وبسياساته المثيرة للجدل. كرهته أوساط في الغرب بشدة، وانتقد خصومه السياسات التي انتهجها ضد الأقلية البيضاء التي كانت تسيطر على مقدرات بلاده قبل وصوله إلى السلطة، ووصفوه ب"قاتل البيض" وب"العنصري الأسود". ومن بين أكثر المواقف والتصريحات غرابة التي صدرت عن الراحل موغابي إعلانه عام 2015 أنه يود طلب يد رئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما! فعل الرئيس الزيمبابوي الراحل ذلك، وقال عبر أثير الراديو الوطني بهذا الصدد: "قررت للتو، بما أن الرئيس أوباما يقر الزواج المثلي، ويحمي المثليين، وفي نفس الوقت يتمتع بمظهر لطيف، سأذهب إلى واشنطن، وأجثو أمامه وأطلب يده"! وكان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد بارك عام 2015 قرار المحكمة العليا في بلاده القاضي بالسماح بزواج المثليين في جميع الولاياتالأمريكية، وعلق بهذا الشأن على حسابه في "تويتر"، قائلا: الحب ينتصر، مشددا على أن "هذا الحكم يدشن لمرحلة جديدة من الحقوق المدنية في الولاياتالمتحدة، وخطوة كبيرة في مسيرة البلاد نحو المساواة.. لقد أصبح من حق المثليين الزواج كالآخرين"، وموغابي رد عليه بطريقته الخاصة. لم يكن هذا الموقف الوحيد "غريب الأطوار" للرجل الذي حكم زيمبابوي 37 عاما، وكاد أن يورث زوجته كرسي الرئاسة لولا الإطاحة به في نوفمبر 2017، إذ تنسب له الكثير من الأقوال التي لا تخلو من غرابة ومن إيحاءات جنسية، إضافة إلى تصريحات عنصرية من قبيل "الرجل الأبيض الوحيد الذي يمكنك الوثوق به، هو الرجل الأبيض الميت".
ومن أمثلة مواقفه اللافتة والاستثنائية تعليقه على الضغوطات الأوروبية والأمريكية ضد نظامه عام 2008 بقوله في لهجة صارخة :"الرب فقط الذي عينني، يستطيع أن ينزعني".
وفي الخاتمة لم يهنأ روبرت موغابي، المناضل العنيد ضد نظام الفصل العنصري، والرئيس الدائم لأكثر من ثلاثة عقود، بشيخوخته وقد ناهز حينها 93 عاما، فأجبر على التنحي، ولو استطاع لما ابتعد عن كرسي الحكم خطوة واحدة، لكن الانقلابيين عاملوه بطريقة استثنائية ومنحوه حصانة تحميه من المساءلة القانونية. وكان موغابي وصل السلطة بعد نضال مرير وعنيف ضد حكومة إيان سميث العنصرية في هذا البلد الذي كان يسمى "روديسيا الجنوبية"، قاد خلاله حزب "زانو" الذي خاض حرب عصابات طويلة توجت بانتصار الأغلبية السمراء وانهيار حكم الأقلية البيضاء عام 1979. وتولى هذا الزعيم المثير للجدل رئاسة الحكومة في زيمبابوي بعد فوز حزبه في انتخابات جرت عام 1980، وبقي في منصبه إلى أن فاز بمنصب الرئاسة عام 1980، وبقي زعيما من دون منازع إلى أن أطيح به نهاية عام 2017. مات موغابي عن عمر ناهز 95 عاما بعد حياة حافلة، خرج منها محظوظا قياسا بما حدث في العراق وليبيا ورومانيا وبلدان أخرى، وقدر له أن يفارق الحياة بعد أن بلغ من العمر عتيا، حتف أنفه.