مع ارتفاع حصيلة ضحايا فيروس كورونا إلى 636 وفاة الخميس، تتفاقم أزمة هذا الفيروس الجديد في الصين، بينما تتزايد المخاوف في العالم من انتشار المرض، مع احتجاز الآلاف في حجر صحي على سفن سياحية. لقد بلغ عدد المصابين بالفيروس في أرجاء الصين أكثر من 30 ألف إصابة، فيما تسعى السلطات إلى احتواء المرض الذي ينتشر على الرغم من إجبارها الملايين على البقاء في منازلهم في عدد متزايد من المدن. وأكدت قرابة 25 دولة وجود حالات إصابة على أراضيها بالفيروس الذي ظهر أولا في سوق لبيع الحيوانات البرية في ووهان بمقاطعة هوباي وسط الصين أواخر ديسمبر الماضي. والخميس كان آلاف الأشخاص عالقين على متن سفينتين سياحيتين في آسيا، فيما أظهرت الفحوص إصابة 20 شخصا بالفيروس على واحدة منهما. في هونغ كونغ، أمضى 3600 شخص من الركاب وأفراد الطاقم ليلة ثانية على متن السفينة السياحة "ورلد دريم"، في وقت تجري السلطات فحوصا طبية بعد رصد ثماني إصابات لركاب سابقين بالفيروس. والخميس ذكر مسؤولو الصحة في هونغ كونغ أنهم طلبوا من نحو 5000 شخص كانوا في رحلات على متن السفن منذ منتصف يناير، الاتصال بهم. ويعيد انتشار فيروس كورونا ذكريات مخيفة في المدينة التي شهدت وفاة نحو 300 شخص بفيروس سارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحادّ) الذي ينتمي لنفس فصيلة كورونا. وأدى الذعر في هونغ كونغ إلى فراغ المتاجر من ورق التواليت بعد مزاعم غير صحيحة عن نقص في هذه السلعة، ما دفع السلطات إلى الدعوة إلى الهدوء. وقضى الفيروس على شخص في هونغ كونغ. مع استمرار ارتفاع حصيلة الوفيات التي باتت الآن تشمل شخصين خارج الصين القارية، يقول خبراء الصحة إن نسبة الوفيات بكورونا المستجد والبالغة 2 بالمئة، تعد أقل خطورة بكثير من فيروس سارس الذي أودى بنحو 10 بالمئة من المصابين خلال فترة تفشيه بين 2002 و2003. غير أن الذعر تفاقم في أنحاء العالم مع حظر عدد من الدول الرحلات الآتية من الصين، وتحذير الحكومات من السفر إلى هذا البلد فيما أوقفت شركات طيران رحلاتها إليها. وأصبحت السعودية من بين الدول التي حظرت على مواطنيها والمقيمين السفر إلى الصين، فيما قررت شركة إير فرانس-كي إل إم تمديد تعليق رحلاتها إلى الصين شهرا آخر حتى 15 مارس. طبقت الصين إجراءات غير مسبوقة في مسعى لاحتواء الفيروس الذي انتشر في أنحاء البلاد خلال عطلة العام الجديد في أواخر يناير. ولكن أعداد الوفيات والإصابات تستمر في الارتفاع خاصة في مقاطعة هوباي وسط الصين التي خرج منها المرض. وتم إغلاق 18 مدينة تأوي 56 مليون شخص منذ الشهر الماضي. وكان رضيع مولود حديثا من بين المصابين في ووهان، ما يشير إلى أنه أصيب أثناء الحمل به أو بعد ولادته مباشرة. ومن المتوقع أن يُفتتح مستشفى ميداني ثان يتسع ل1600 سرير في مدينة ووهان التي فرضت عليها إجراءات عزل، بعد افتتاح مستشفى أول يتسع لألف سرير في وقت سابق هذا الأسبوع. وقالت السلطات إنها بصدد تحويل مبان عامة إلى منشآت طبية لاستقبال المصابين. وتعاني المدينة البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة نقصا "حادا" في الأسرّة، وفق المسؤول الكبير في ووهان لو ليشان، مشيرا إلى أن 8182 مريضا أُدخلوا إلى 28 مستشفى تتسع جميعها ل8254 سريرا. وقال المسؤول للصحافيين إن هناك نقصا في المعدات والمستلزمات. وأعلنت الحكومة المركزية إجراءات لتأمين الإمدادات الطبية الحيوية، مع اقتطاعات ضريبية لمصنّعي المواد الضرورية لمحاربة الوباء. وقال رئيس الوزراء لي كه تشيانغ "يتعين علينا جميعا بذل كافة الجهود في أنحاء البلاد لتوفير مسلتزمات الإمدادات الطبية الضرورية والخبراء الطبيين في مقاطعة هوباي" وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الصينالجديدة الرسمية. وقالت مجموعة بي.جي.آي، المتخصصة في تسلسل الجينوم ومقرها جنوبالصين، إنها فتحت الأربعاء مختبرا في ووهان يسمح بفحص ما يصل إلى ألف شخص يوميا لرصد الفيروس. يزداد عدد المدن التي تطلب من سكانها عدم الخروج من منازلهم. ومن المناطق الخاضعة للقيود على التنقل مدينة هانغتشو التي تبعد 175 كلم عن شنغهاي، إذ قطعت الطرق بأسيجة وتبث دعوات إلى السكان عبر مكبرات الصوت ب"عدم الخروج". وفي بعض المدن وصولا حتى إلى أقصى شمال البلاد عرضت على الأهالي حوافز مالية للإبلاغ عن الأشخاص الذين يأتون من هوباي. وفي بكين حيث يسود هدوء حذر الشوارع فيما المتاجر مغلقة، حظر على المطاعم قبول حجوزات لحفلات. وفي ننشانغ، عاصمة مقاطعة جيانغشي المحاذية لهوباي، يتعين على الصيادلة إرسال تقارير للسلطات حول كل من يقوم بشراء أدوية لعلاج الحرارة أو السعال. وتخضع المدينة لقيود على عدد الأشخاص الذين يسمح لهم بالخروج من المنزل. وحددت السلطات أيضا عدد مرات الخروج لكل عائلة. وسيتم الحجر على العاملين في مصنع شركة "فوكسكون" العملاقة للتكنولوجيا والتي تصنع هواتف آيفون، في مقاطعة هينان لمقاطعة هوباي، لمدة أسبوعين، بحسب ما أعلنت الشركة. المصدر: الدار أ ف ب