بعد الإعلان بشكل رسمي عن فوز دونالد ترامب المترشح الجمهوري بالانتخابات الرئاسية، على حساب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، واجتيازه الحد الأدنى الحاسم من الأصوات والمتمثل في 270 صوتا من أصل 538 صوتاً في المجمع الانتخابي، وحصوله أيضا على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، سلطت الصحف الدولية الأنظار على هذا الحدث، متسائلة حول مدى إمكانية تأثر مستقبل العلاقات بين الرباط وواشنطن بنتائج هذه الاستحقاقات الانتخابية الأمريكية.
وحسب ما هو متعارف عليه في إطار العلاقات الدولية، فإن المصالح الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية هي الحاكم الوحيد بين البلدان، وهو ما يسري حسب قراءة خبراء سياسيين، على العلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن رغم عمقها التاريخي، حيث جاء اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء بعد توقيع الاتفاق الثلاثي، الذي يقضي بتطبيع العلاقات المغربية مع إسرائيل.
وسجل مراقبون سياسيون أن إعلان "دجنبر" الرئاسي الذي وقع عليه ترامب لم يتم تنزيله بشكل كامل، وخاصة في الشق المتعلق بفتح قنصلية أمريكية بالأقاليم الجنوبية، وهو ما دفع مجموعة من المتتبعين للتساؤل حول ما هي "التنازلات الاقتصادية والسياسية التي سيقدمها المغرب للولايات المتحدةالأمريكية لاستكمال الاتفاق؟".
محمد نشطاوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش وخبير بالمركز الوطني للبحوث العلمية والتقني، يقول إنه "لابد من الإشارة إلى مسألة ضرورية في السياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية، وهي لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، وإنما المصالح العليا هي التي تحكم علاقات هذا البلد مع باقي بلدان العالم".
وأوضح نشطاوي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "خصوصية الرئيس الجديد للولايات المتحدةالأمريكية دونالد ترامب، تتجلى في الكشف بشكل علني عن ما يتم تداوله في المجالس بين الرؤساء، حيث ربط الاعتراف بمغربية الصحراء والدعم القوي لمبادرة الحكم الذاتي بالانضمام إلى إتفاقية أبراهام".
وتابع المتحدث عينه أن "ترامب لم يعترف بمغربية الصحراء إلا بعد تطبيع العلاقات الثنائية مع إسرائيل، رغم أن هذه الخطوة مازالت غامضة نظرا للأوضاع الحالية بالشرق الأوسط، واستمرار الكيان الصهيوني في ارتكاب إبادات جماعية في حق الشعب الفلسطيني".
وأشار المحلل السياسي إلى أنه "من المنتظر أن يكمل دونالد ترامب الاعلان الرئاسي مع المملكة المغربية، وذلك بعد اعتراف هذه الأخيرة باسرائيل بشكل كامل"، مشيرا إلى أن "كل الدول العربية الراغبة في تعميق العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ستخضع للاعتراف الكامل باسرائيل".
وأردف الأكاديمي أن "دونالد ترامب سيضغط بأوراقه على المغرب من أجل الاعتراف باسرائيل، وكذلك الحصول على كعكة مونديال 2030 لصالح الشركات الأمريكية وتأهيل المناطق الجنوبية للمملكة المغربية"، مسجلا أن "هذه كلها أمور من الممكن أن تضعها إدارة الجمهوريين فوق طاولة الدبلوماسية المغربية".
وخلص نشطاوي، إلى أن "هناك مواقف أمريكية سيتم تنزيلها مع مجموعة من الدول، غير أن التساؤل المطروح هو إلى أي حد سيبقى ترامب متمسكا بهذه المواقف التي يغلب عليها الطابع السياسي والاقتصادي، لاسيما أنه حصل على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ".