في وقت يركز فيه المغرب على تعزيز دبلوماسيته النشطة وإنشاء منظمات اقتصادية عبر توحيد جهوده مع القوى العالمية، قام النظام الجزائري باستضافة ثلاث دول مغاربية بحضور قائد جبهة الانفصال، معلنا عن صياغة جديدة لتكتل مغاربي، مما يثير تساؤلات حول غياب الرباط الذي أصبح أمرا مألوفا. هذه الخطوة قد تثير تداعيات غير متوقعة على العلاقات المغاربية.
البراق شادي عبد السلام، الخبير الدولي في إدارة الأزمات، يعتقد أن مشاركة قائد جبهة الانفصال تُظهر استغلال النظام الجزائري للتاريخ المشترك بين شعوب المنطقة، في محاولة غير مجدية لتقديم انتصار سياسي وديبلوماسي، خاصة بعد الخسارة التي لحقت بالديبلوماسية الجزائرية في مجلس الأمن.
وأشار شادي في تصريح ل"الأيام24″ إلى أن هذا الاستقبال يمثل محاولة لتأسيس منتدى مغاربي بديل عن اتحاد المغرب العربي، مع استبعاد المغرب لأهداف جزائرية، محذرا من أن هذا المشروع لن يكون له أي تأثير جيوسياسي أو سياسي حقيقي في القضايا الإقليمية.
وأضاف البراق شادي أن هذا الاتحاد المزمع لا يعدو كونه مبادرة وهمية محكوم عليها بالفشل، نظرا لاستبعاد المغرب الذي يمثل نموذجا اقتصاديا متصاعدا.
كما أكد المتحدث أن نجاح زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، والفشل الجزائري في مجلس الأمن، يظهران أن المغرب ليس معزولا كما يحاول الإعلام الجزائري تصويره.
وارتباطا بالموضوع، قال البراق شادي ضمن تصريحه، إن إتحاد المغرب العربي هو الإطار الإقليمي الوحيد الذي يمكن من خلاله مناقشة القضايا المغاربية بين أطراف مغاربية، وأي محاولة لتجاوزه كمنتدى سياسي إقليمي فاعل، هو إضعاف لكل الجهود التي تعقدها الدول المغاربية الفاعلة، من أجل تفعيل معاهدة مراكش.
وأشار المتحدث إلى أن مختلف القيادات التي شاركت في احتفالات الذكرى السبعين، هي نتائج لجهود سياسية وديبلوماسية مغربية، فرئيس الحكومة الليبية المنفي هو نتيجة مسلسل لقاءات الصخيرات، التي تم عقدها تحت الرعاية الكاملة للمملكة المغربية، التي ضمنت إستقلالية القرار السيادي الليبي، والرئيس التونسي قيس سعيد هو الآخر نتيجة للجهود الشخصية لجلالة الملك محمد السادس، نتيجة زيارته الشخصية إلى تونس، والرسائل التي قدمها إلى العالم بعد ساعات من الهجمات الإرهابية التي إستهدفت أماكن إستراتيجية للتقتصاد التونسي، وفيما يخص حضور الرئيس الموريتاني، فالمغرب حرص على إستقلال وسيادة موريتانيا، ويترجم ذلك بالمشاركة الفاعلة للمملكة المغربية في الحفاظ على الأمن الغذائي، الذي يساهم بشكل كبير في إستقرار الدولة و أمنها.
وتابع: "ولذلك فالتغييب الممنهج للملكة المغربية يضعف بشكل كبير أي محاولة جزائرية لبناء منظومة مغاربية بديلة، لإبتعاد هذا التكتل الهجين، الذي ما فتئت تدعو له الجزائر رسميا في أكثر من مناسبة، وبالتالي سيكون مفرغا من حمولته التاريخية وأبعاده الحضارية المتميزة".
وفي ختام تصريحه، أشار شادي إلى أن هذه الإجتماعات ستظل لقاءات روتينية، غير قادرة على بلورة تصورات مغاربية حقيقية للإشكالات المطروحة، وعاجزة عن تقديم حلول ناجعة للقضايا العالمية، والقارية، والإقليمية المطروحة فوق طاولة الفاعل المؤسساتي، في دول جنوب المتوسط وشمال إفريقيا .