مر على الاعتراف الأمريكي التاريخي بمغربية الصحراء والدعم القوي لمبادرة الحكم الذاتي حوالي أربع سنوات، وهي مدة كافية وفق قراءات المراقبين ومتخصصين في العلاقات الدولية، من أجل تقييم الأثار الاستراتيجية لهذا الاعتراف ومدى تأثيره على مجريات الملف داخل هياكل الأممالمتحدة، وأيضا تعزيز موقع المملكة المغربية بالمنطقة باعتبارها قوة إقليمية صاعدة على المستوى الاقتصادي والعسكري.
ورغم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لازالت تتلكأ في تنزيل مضامين الإعلان الرئاسي القاضي بإحداث قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة، غير أن مسار القضية قد شهد تغيرات كثيرة بفضل هذا الاعتراف، حسب خبراء السياسة، سواء في الاعترافات المتتالية الصادرة عن قوى دولية مثال فرنسا وإسبانيا أو الحضور الدبلوماسي المغربي القوي في الملف على عدة أصعدة.
ويرى مراقبون سياسيون أن اعتراف ترامب بمغربية الصحراء باعتباره صاحب القرار الرئاسي آنذاك، خول للمملكة المغربية مساحة مهمة لمناورات خصوم الوحدة الترابية، وأيضا تشكيل خارطة طريق جديدة لإعادة ترتيب حلفاء المنطقة، وتعزيز نفوذ الرباط داخل القارة الإفريقية وأيضا تقوية مكانتها داخل المنطقة الغربية.
وفي هذا الصدد، اعتبر عبد الحق الصنايبي، المتخصص في العلاقات الدولية، أن "الاعتراف الأمريكي التاريخي بمغربية الصحراء يعد مرحلة حاسمة في هذا النزاع، وقبل الحديث عن الأبعاد الاستراتيجية لهذا الاعتراف، يجب أولا التطرق إلى الأبعاد القانونية لأن هذه الخطوة حسمت نهائيا هذا الموضوع داخل هياكل الأممالمتحدة".
وأضاف الصنايبي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "في حالة ما إذا خرج هذا القانون عن اللجنة الرابعة فيجب من الضروري المرور عبر مجلس الأمن الدولي"، مشددا على أن "الاعتراف الأمريكي بالصحراء قد أقبر نهائيا حلم تأسيس جمهورية وهمية في الصحراء المغربية".
وتابع المتحدث عينه أن "الاعتراف الأمريكي قلب موازن القوى داخل المنطقة، حيث أصبح للمملكة المغربية هامش مناورة مع مجموعة من الدول، وعلى رأسها المملكة الإسبانية وأيضا الجمهورية الفرنسية، علما أن الخطوة الأمريكية أعطت ارتياحا كبيرا للبلاد على المستوى الخارجي".
وأشار أيضا إلى أن "فرنسا كانت كلما اقترب اجتماع مجلس الأمن الدولي تأتي للمغرب من أجل ممارسة سياستها التقليدية، وبالتالي فإن هذا الاعتراف الأمريكي شكل تغيرا مهما في مسار هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية".
وزاد: "بخصوص مسألة التنزيل الحقيقي للإعلان الرئاسي، هناك شراكات استراتيجية تتجدد على مستوى كل عشر سنوات، إضافة إلى هناك تعاون عسكري قوي بين الرباط وواشنطن خلال السنوات الأربع الأخيرة، حيث تغيرت المعادلة العسكرية في المنطقة خاصة مع خصوم الوحدة الوطنية الترابية".
وأردف المختص في العلاقات الدولية أن "إحداث قنصلية في مدينة الداخلة نتحدث فقط عن تمظهرات هذا الاعتراف، رغم أن احداثها يعطي دفعة جديدة لملف الصحراء المغربية، لأن المغرب تبنى بشكل سريع ومهم دبلوماسية القنصليات"، مؤكداً على أن "اعتراف أمريكا بالصحراء غير الشيء الكثير في الملف وأيضا عزز تموقع الرباط بالمنطقة".
وخلص الصنايبي حديثه قائلا: "لا علاقة بين مسارات ومآلات النزاع في 2020 ومسارات ومآلات النزاع في 2024، وأعتقد أن الخطاب الملكي في افتتاح الدورة البرلمانية خير دليل على ذلك، لأن مسألة الصحراء قد حسمت والأيام القادمة ستبين ذلك".